ارشيف من : 2005-2008
المعارضون لـ "تصعيد التصعيد" حتى إسقاط الحكومة
لقاء بري نصر الله: زمن التفرد والاستئثار بالقرار انتهى
الخاطئة"، وليلتحق ب"زمن الانتصارات"؟
المهرجان كان محطة بالغة الأهمية والدلالات، أطلقت فيها شارة طي صفحة ما سبق الانتصار بالكامل، والانتقال فورا الى الصفحة التي أجّل فتحها "العض على الجرح، على مدى حكم الاكثرية". وجاء اللقاء المكمل والمهم بين الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله، بمثابة "لقاء تأسيسي" حدد الوجهة والهدف وهزّ العصا، تحت عنوان أساسي: "إن زمن الاستئثار والتفرد بالقرار والفوقية السياسية قد انتهى، كما ان زمن المحرمات قد انتهى".
وأولى تباشير هذه المرحلة، او بالأصح "المواجهة"، كان التصدي، وبقرار صارم ومهما كلف الامر، لما يصفه أهل المقاومة، بالإمعان في الاستفزاز والتحدي، والذي تجلى في قضية الأمن العام ومحاولة قضمها، وتسلل فرع المعلومات إليها، وما رافقها من "قرارات تأديبية" لوزير الداخلية بالوكالة بحق المدير العام للامن العام، والتي رفضتها المرجعية السياسية الشيعية، من موقع عدم القبول أبدا بالاعتداء على الحقوق، أو الانتقاص من الحقوق، ومن موقع رفض إقامة نظام أمني لبناني أميركي.
هذه المسألة كانت نهار أمس في دائرة التفاعل، والأزمة التي عصفت جرّاءها بين الرئاستين الثانية والثالثة، لم تكن قد هدأت بعد، بعدما انقلب رئيس الحكومة على التفاهم الذي تم بينه وبين الرئيس بري، وفي حضور النائب بهية الحريري.. فضلا عن أن هذه القضية "ملَّعت" حبل تواصل كان قائما بين بعض المواقع السياسية، وصار آيلا للانقطاع.
والجديد المتصل بهذه القضية، أن رسالة بالغة الصراحة تم إبلاغها خلال الساعات الماضية الى الجهات الحكومية ومفادها بأن زمن المساكنة والمجاملة الذي استمر منذ انطلاق حكم الاكثرية وحكومته قد انتهى، ولذلك يجب العودة فورا عن هذه القرارات الصادرة عن غير ذي صفة، وثمة حديث عن مهلة محددة للعودة عنها.. وتحمل الرسالة تحذيرا من هذا التمادي، ومن عواقبه التي لا توصل الا الى انتحار سياسي.. إن الكرة في ملعبكم".
وبدا أن الاتصالات التي تكثفت خلال الساعات الماضية، وخصوصا بين عين التينة والسراي، لم تنجح في ردم الهوة، ولم تتحدث مصادر رئيس الحكومة عن إيجابيات أو اي جديد. كما أن الاجواء السائدة في الجانب الاكثري كانت تشي بتصلب وتحديدا من قبل وزير "تيار المستقبل" احمد فتفت على الرغم من سعي السنيورة للحل. ويترافق هذا التصلب مع ابراز حديث يتم تداوله في اوساط مختلفة، عن امكانية عودة وزير الداخلية الاصيل حسن السبع، عن "استقالته غير المقبولة"، وبالتالي العودة الى ممارسة مهامه في الوزارة. وربما شكل هذا الأمر مخرجاً خلال الساعات المقبلة.
والأجواء التي تحيط بالرسالة المشار إليها آنفا، تفيد بوضوح بأن الخطوات التالية لفريق "حزب الله" وحركة "أمل"، تتقرر في ضوء ما سيبدر عن حكومة الاكثرية. وبالتأكيد ستأتي هذه الخطوات ترجمة للعناوين الاساسية التي طرحها السيد نصر الله في خطاب الانتصار، ولما تم التأكيد عليه في "اللقاء التأسيسي" بين "الرئيس والسيد". ويبدو أن مسار الامور ينحو في اتجاه "تصعيد التصعيد"، والاسابيع القليلة ستثبت الجدية الفعلية التي تحدث عنها السيد حسن نصر الله في مجال السعي لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وبالتالي سنشهد نبرة مختلفة في وجه الحكومة وفريق الاكثرية معا، تخيّر بين مخرجين لا ثالث لهما:
الاول: مخرج منطقي وعقلاني، يدعو الى شراكة الجميع ولا يلغي أحدا، وهو بالذهاب فورا الى حكومة وحدة وطنية، تضم كل التيارات الممثلة في البرلمان، وبحسب حجم تمثيلها.
الثاني: مخرج منطقي وعقلاني ايضا، فيما لو تعذر الاتفاق على المخرج الاول، اي حسم الانقسام السياسي المتفاقم بالذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة، وليفز من يفوز.
يقول اصحاب هذا الرأي ان استمرار الامور على هذا النحو، يذهب بالبلد عاجلا او آجلا الى ازمة حكم حقيقية وخطيرة. والسؤال هنا ماذا عن انتخابات رئاسة الجمهورية، إذا ما وصلنا اليها في هذا الجو الانقسامي والاستئثاري، فكيف سيتم تجاوزها في ظل العجز عن فرض رئيس للجمهورية على الطرف الآخر؟
لقد تم طرح هذين المخرجين لقناعة لدى هذا الفريق بأن حكومة الاكثرية لن تعمر طويلا. وفيما يبدو ان فريق المقاومة يسعى الى التصعيد التدريجي على طريق تحقيق هدف تغيير الحكومة، ومن خلفها، فإن بعض الحلفاء في بعض الاحزاب الوطنية، يعارضون البطء غير المبرر، ويدعون إلى الاطاحة الفورية بالحكومة، من خلال الذهاب فوراً الى اعتماد اقصى الوسائل السلمية، وصولا الى النزول الى الشارع والعصيان المدني، وفي اعتقاد هؤلاء الحلفاء المتحمسين أن الفرصة سانحة الآن للتغيير الشامل، وقد لا تتكرر. وتجدر الاشارة الى ان هذا الموضوع كان محل نقاش، اتسم ببعض الحدة في بعض المجالس قبل فترة قصيرة، ولم يجمع المتناقشون على رأي واحد.
ويبدو ان الموضوع الحكومي محل متابعة وملاحقة دولية للوقوف على المستجدات المتلاحقة حولها. وبرزت في هذا الاطار حركة مسؤول دولي رفيع المستوى، في اتجاهات مختلفة. وعلم انه فاجأ شخصية سياسية بارزة، بكلام عاطفي أبداه حيال حكومة فؤاد السنيورة، وباتهام بعض الاطراف اللبنانيين بإلحاق الظلم بها، وخصوصا من قبل "حزب الله".
وعندما سأل عما يوجب المطالبة بحكومة وحدة وطنية، خصوصا انها لعبت دورا مهما خلال العدوان على لبنان، ردت هذا الشخصية بلفت انتباهه الى ان مجرد المطالبة بحكومة وحدة وطنية، يعني ان هذه الحكومة ليست حكومة وحدة وطنية.
وبعد ما سمعه من هذه الشخصية عن الأداء الحكومي في شتى المجالات، خلال العدوان والفترة التي تلته، خصوصا في مجال الاعمار، وكذلك التقاعس والتأخير والتعطيل، على حد ما ورد في السؤال، لكل ما من شأنه لملمة آثار العدوان، قال المسؤول الدولي: أنا متفاجئ، ارجو ان تزودوني بكل الملاحظات؟
وقد سأل المسؤول المذكور: الى اين سيوصل خطاب "حزب الله" التصعيدي، هل الى تغيير الحكومة؟
فقيل له: بالتأكيد، ثم إن "حزب الله" لم يقل يوما إنه ضد تغيير الحكومة، ولن يحزن ابدا لو طارت الحكومة غدا، كما لم يكن ليحزن عليها لو انها طارت.. أمس.
المصدر: صحيفة السفير 25/9/2006