ارشيف من : 2005-2008
السيد فضل الله في خطبة الجمعة: نتائج المعركة الأخيرة أسقطت الكثير من أهداف "إسرائيل" وأميركا رغم حديث بعض الفرقاء في لبنان عن المأساة التي خلفها العدوان
والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية: "لا تزال اللعبة الدولية الخاضعة في مضمونها السياسي للولايات المتحدة الأميركية تصادر القضية الفلسطينية لحساب إسرائيل، في خطتها التمييعية التي تراهن على عامل الزمن في تنفيذ الاجتياح الجغرافي للأرض من خلال المستوطنات والجدار العنصري الفاصل، والسيطرة على مصادر المياه في الضفة الغربية، والعبث بالوضع الفلسطيني من خلال التلويح بالاجتماع برئيس السلطة من دون أي نتيجة إيجابية لأي حل للمشكلة، تماما كما لو كان ذلك بمثابة الصدقة التي تتصدق بها حكومة العدو على السلطة, وفي هذا الجو، نجد الخداع الأميركي الذي يطرح بعض الأمور التعجيزية التي لا تنتهي الى أي حل، من خلال تغليب الجانب الأمني المثير للفتنة الداخلية على الجانب السياسي الذي يدخل في حركة الحل. وتبقى المسألة في المتاهات الدولية في خارطة الطريق التي تزداد جمودا، لأن اللجنة الرباعية الدولية لا تريد إيصال المسألة الى حسم المشكلة، فأعضاء اللجنة ـ ما عدا أميركا ـ لا يملكون من الأمر شيئا بفعل الضغط الأميركي ـ الإسرائيلي الذي يحاصر القضية في دائرة مصالحه الاستراتيجية التي لا تلتقي مع مصالح الفلسطينيين". اضاف:"وهكذا، رأينا كيف عزلت الدول العربية عن الحصول على أي مكسب في هذه المسألة فيما يسمى بالصراع العربي ـ الإسرائيلي، وهذا ما عرفه العالم في الفشل العربي في طرح هذا الصراع في مجلس الأمن الذي لم يكلف أعضاؤه أنفسهم الاهتمام بالجامعة العربية التي سبق أن أعلنت وفاة الحل للقضية الفلسطينية وسقوط المبادرة العربية بالضربة القاتلة من قبل أميركا الإسرائيلية التي تتعامل مع العالم العربي كعالم مهزوم، حتى أنه أصبح ينظر الى موقعه بهذه النظرة". "لقد استطاعت أميركا إقناع أكثر الدول العربية بأن إسرائيل ليست المشكلة، وليست العدو، وأن الفلسطينيين ولا سيما فصائل الانتفاضة يمثلون الحالة الإرهابية التي تشكل الخطر على العرب كما على إسرائيل، ولذلك فإن الإدارة الأميركية ترى أن من مسؤوليتهم التنسيق مع الدولة العبرية في الضغط عليهم.. وهذا ما يتمثل بين وقت وآخر في تهديد الانتفاضة من قبل بعض المسؤولين الأمنيين العرب بالاجتياح الإسرائيلي لغزة إذا لم تفرج حركة حماس عن الجندي الإسرائيلي، بدلا من التدخل لدى إسرائيل للافراج عن الأسرى الفلسطينيين، ولا سيما المسؤولين في المجلس التشريعي والحكومة الفلسطينية من حركة حماس". وقال:"إن أميركا تريد للعرب نسيان الخطر الإسرائيلي، وإهمال القضية الفلسطينية بالاستعداد لما تسميه بالخطر الإيراني الذي ترى فيه أميركا مشكلة لها، في معارضة سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لسياسة الإدارة الأميركية الضاغطة على المنطقة في مصالحها الحيوية، ولا سيما في رفض إيران الاحتلال الأميركي للعراق الذي تحول الى ساحة للمجازر التي تجتاح العراقيين المدنيين بتأثير سلطات الاحتلال التي يتكامل مع الفئات التكفيرية ومخابرات الموساد، ثم في رفضها الاحتلال اليهودي لفلسطين، أرضا وشعبا، وفي دعم الشعب الفلسطيني في جهاده ضد الاحتلال، وفي تأييدها ودعمها للمقاومة الإسلامية في لبنان". وتابع:"إن هناك لعبة دولية أميركية للسيطرة على المنطقة بمقدراتها الاقتصادية والسياسية والأمنية، من خلال خلفية استكبارية لمصادرة الواقع كله، ولتنفيذ الاستراتيجية المتحركة في الضغط على المواقف الحرة الرافضة للعبودية المفروضة من قبل الدولة المهيمنة على العالم كله. وعلى الشعوب كلها أن تواجه هذا الموقف بالتخطيط للمعارضة الفاعلة التي تسقط عنفوان المستكبرين بكل الوسائل القوية، لتبقى للشعوب حريتها في إدارة شؤونها، والحفاظ على مصالحها الحيوية وقضاياها المصيرية، لأن الاستكبار مهما بلغت قوته فإن الشعوب الواعية قادرة على إرباك خطواته وتدمير مصالحه، إذا استطاعت هذه الشعوب أن توحد حركتها في عملية تخطيط فاعل في الحاضر والمستقبل". وتحدث عن الوضع في لبنان وقال: "أما في لبنان، فإننا نواجه تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية حول النسيج الداخلي اللبناني عبر الضرب على الوتر الطائفي تارة بالإيحاء بأن أميركا مع فريق معين ضد فريق آخر، وطورا بالسعي للايحاء بوجود انقسامات داخل الطائفة الاسلامية الشيعية، بين فريق ينفتح على الالتزام بالخط الأميركي- الإسرائيلي ضد المقاومة وفريق يلتزم المقاومة في عملية التحرير وفي حركة الانتصار، وذلك من خلال تحريك "الفوضى البناءة" التي طرحها رئيسها من أجل إرباك الواقع اللبناني، في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أن المسلمين الشيعة يمثلون الوحدة السياسية المصيرية لمصلحة الوطن كله، وأن ما تتحدث عنه "رايس" من خلال تقارير مخابراتها لا يمثل أي حجم للانقسام، بل هو لون من ألوان حرية التعبير لأي رأي مخالف، انطلاقا من إيمانهم باحترام حقوق الإنسان حتى لو كان في خط الانحراف. إن هذا التصريح لهذه الوزيرة الأميركية الذي تلقفه بعض الناس من فريقها في لبنان كان يمثل بعض التمنيات الخيالية التي لا أساس لها في الواقع". اضاف: "وتتابع هذه الوزيرة توزيع التهديدات ضد إيران وسوريا وحماس بالعقوبات والضغوط المتنوعة، في الوقت الذي تعرف فيه أن دولتها تتخبط في الوحول العراقية بالدرجة التي قاربت فيها الهزيمة، بفعل المقاومة التي تحاصر الاحتلال من أكثر من جانب. ولقد انطلقت هذه الوزيرة منذ الحرب العدوانية الإسرائيلية على لبنان التي كانت تخطط مع إدارتها لتدمير لبنان الذي يمثل النقيض لإسرائيل، ولكنها فشلت فشلا ذريعا في الهزيمة التي ألحقتها المقاومة بها، ولذلك فإنها تتخبط في تصريحاتها كما يتخبط رئيسها، لأن نتائج هذه المعركة أسقطت الكثير من أهداف إسرائيل وأميركا على أكثر من صعيد، بالرغم مما يثيره بعض الفرقاء في لبنان من الحديث عن المأساة التي خلفها العدوان، للتهوين من انتصار المقاومة الذي مثل الصدمة العنيفة لأحلام بعض الناس ممن لا يملكون أي قضية للأمة في حسابات القوة التي قد تلتقي بالتضحيات التي تقدمها الشعوب لأنها تفكر بالكرامة والحرية والعزة". ودعا الجميع الى الارتفاع الى مستوى قضايا الوطن وتحديات الأمة، ومواجهة المرحلة الصعبة بالالتزام بالمستقبل الذي يملك القدرة على الدفاع عن الأرض والإنسان ضد العدو، وذلك من خلال عناصر القوة التي تتجمع في داخل الوطن بطريقة ذاتية من دون استجداء للحماية من الآخرين، لأن الأمن المستعار لا يمكن أن يحقق للبلد العزة والحرية، بل يخضع للقوة المعارة في مصالحها وشؤونها العامة". وختم:" إن على الشعب اللبناني بكل أطيافه وطوائفه أن لا يخضع لأي نوع من أنواع الإثارة المذهبية والطائفية في عملية الاستغلال السياسي لهذا أو ذاك، لأن الدين هو للانسان كله وليس لحالة حزبية أو زعامة شخصية أو غريزة طوائفية، وعليه أن يرتفع الى مستوى المواطنة التي توحدنا جميعا".