ارشيف من : 2005-2008
في هذه الصحراء
وابتلاءاتها.
يقول الشهر الفضيل كلمته الأخيرة كأنما ينجز كلمته الأخيرة قبل وصولنا إلى نهاية هذا الجحيم الحياتي الذي لا يطاق في عالم غابت فيه المثل والقيم والإخلاص والوفاء، وساد الكذب والخيانة والتدليس والتنكر للفضل من أجل ما لا قيمة حقيقية له.
تطرح الأيام والأسحار الرمضانية كلمتها وتمضي، فتجعل منها بداية لكلام جديد، كلام ينفصل عن الماضي ويدخل في أفق جديد من الحوار والمساءلة للذات غير عابئ بوجع الانفصال، لأنه يدرك أنه يغادر مرحلة ويدخل في أخرى أكثر قرباً من غاياته المنشودة ومقاصده السامية التي هي الله ونيل رضاه.
يقول شهر رمضان كلمته في هذا الخواء الروحي، في هذه الصحراء المجدبة، أن طهّروا قلوبكم وأخرجوا حب الدنيا من أنفسكم وهاجروا إلى الله وجاهدوا هوى النفس والميول والرغبات الشخصية، وارفضوا الشهوات والجاه وحب الرئاسة وطلب الشهرة، ولا تظلموا.
ويصدح ربيعه: "وتلك القرى أهلكناهم لمّا ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعداً".. تحررنا الآية الآنفة من وطأة حسابات الأرباح والخسائر في معالجة الظلم، كأنما نحن منصورون في مواجهة من يلينا من الكافرين والظالمين مهما طال الزمن.
يحررنا رمضان من الموت، موت الروح، ويحولنا من ذئاب لا توفر أقرب المقربين لها كإخوة يوسف عليه السلام، إلى نجوم لامعة في عالم المعنويات.
ويبقى السؤال: هل نحن جادّون في طلب الحياة الحقيقية والفرار من هذا الموات؟
في سورة الكهف يقول الرحمن: "فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً"..
أليس هذا هو الجواب؟
بل هو الترياق
حسن نعيم
العهد الثقافي/ العدد 1183ـ 6 تشرين الاول 2006