ارشيف من :ترجمات ودراسات

صاروخ "سكود" ... أو صاروخ آخر هذه هي المسألة!

صاروخ "سكود" ... أو صاروخ آخر هذه هي المسألة!
لؤي توفيق حسن(*)
هل يخشى العدو الصهيوني صواريخ سكود أو لا تخشاها. ليس هذا هو السؤال. إنما هل صواريخ سكود مطلوبة من حزب الله؟.
لمن يدقق في العقيدة القتالية للمقاومة. والتي تعتمد فيما تعتمد على سرعة الحركة، والمناورة من خلال الاستخدام الامثل للأرض. وغير ذلك. يدرك بأن الصواريخ المذكورة لا تتناسب وهذه العقيدة. فهي كبيرة الحجم ويلزمها منصات إطلاق أكبر. فضلاً عن أن جاهزيتها تحتاج لوقت طويل نسبياً. وهو أمر غير مناسب مع استئثار سلاح الطيران الإسرائيلي بالجو.
ثم إذا كانت الميزة الأساس لهذا النوع من الصواريخ حمل رأس من طن من المتفجرات التقليدية. فإن اثنين من الصواريخ السهلة التجهيز يمكنها أن تقوم بنفس المهمة. هذا ما لم تكن المقاومة تمتلك انواعاً تحمل رؤوساً أشد تأثيراً مما ينتج عن طن من المتفجرات.
تدرك اسرائيل بأن الصواريخ المتوافرة بين يدي المقاومة هي أخطر من السكود. من الوجهة التكتيكية. وأصعب اعتراضاً بالصواريخ المضادة للصواريخ. وذلك في إطار سعيها لحماية أجوائها في ما اصطلحت عليه "القبة الفولاذية".
أن أكثر ما يخشاه العدو هو انكسار توازن الردع بينه وبين المقاومة لصالح هذه الأخيرة. إذا ما امتلكت دفاعات جوية مؤثرة تمكنها من الحد من قدرات سلاح الطيران الإسرائيلي. وقد تضع في حساباتها إمكانية امتلاك المقاومة لاسلحة تطال أهداف بعيدة في عمق البحر تعطل من إمكانيات البحرية الإسرائيلية على الحركة أو العمل. إلى جانب تفاصيل أخرى كأجهزة الرصد المتطورة التي يمكن عبرها تحديد مرابض المدفعية بدقة.. وغيرها وغيرها.
هذه المخاوف الإسرائيلية ماثلة وحقيقية. وهي لا تنبثق من فراغ. وإنما من مراقبة للمناورات التي تجريها إيران وما يظهر فيها باطراد من أسلحة متطورة. يخشى العدو الصهيوني أن يذهب الجزء المناسب منها إلى المقاومة في لبنان. خاصة وان الكثير من هذه الأسلحة بات من صناعة إيرانية. جعلتها بحق قوة إقليمية كبرى.
استطراداً فإن هذا المستوى الذي بلغته إيران. هو الذي يجعل الولايات المتحدة أميل إلى تجنب الخيار العسكري في مواجهتها. على عكس ما يرغب به الكيان الغاصب من توريط واشنطن فيه افتراضاً منه بأنها ستكون الأقل تأثراً بتداعياتها!!! .
إذاً لماذا هذا الصخب حد ذهاب "باراك" وزير الحرب الإسرائيلي إلى واشنطن كي يطلب منها "الضغط على سوريا لتوقف امداد حزب الله بصواريخ السكود"؟!.
يذكرنا هذا الضجيج بالقول الشهير للسيد المسيح (ع) لإحدى النساء: "مارتا مارتا تقولين أشياء كثيرة والمطلوب شيء واحد".
الشيء الواحد بحالتنا هو الضغط على سوريا لمنع وصول صواريخ أرض جو إلى المقاومة. احتمالٌ يخشاه العدو كثيراً. (ويحذره)  بوصفه مخالفة "لقواعد الاشتباك". أو ما يسميها البعض "قواعد اللعبة"!.
غير أن الإسرائيليين لا يستطيعون المجاهرة بذلك باعتبار أن هذه الصواريخ ذات طابع دفاعي بحت. ومن هنا جرى اختراع قصة السكود كعنوان لحرب (محتملة) ضد المقاومة أو مؤجلة. وكمادة دعائية ضد سوريا تهدف إلى قطع الطريق على التحسن النسبي في علاقتها مع أمريكا.
ولا شك بأن أمريكا والعدو الصهيوني سيوظفان التأثير النفسي لقصة السكود باتجاه أوروبا لتحقيق غرضين:
الأول: الالتفاف على السخط ضد كيان العدو المتنامى في بلدانها عبر اثارة المخاوف من انها في مدى "الصواريخ الإيرانية" باعتبارها باتت شرق المتوسط!!
ثانياً: بعث الحيوية مجدداً في مشروع "الدرع الصاروخي" والموجه بالأساس ضد روسيا لا سيما بعد أن أصيب بنكسة أثر وصول انصار هذه الأخيرة إلى السلطة في أوكرانيا.
بعد هذا العرض ينطرح السؤال: هل يحضر العدو الصهيوني لحرب جديدة ضد لبنان. وقصة السكود ليست إلا مقدمتها؟. سيناريو مشابه لما حدث مع العراق في أكذوبة امتلاكها لاسلحة الدمار الشامل!!.
انه لمن الخطأ استبعاد هذه الحرب من حيث المبدأ . ولعل تقليص فرصها يتم بالمزيد من الاستعداد لها تدريباً، وتكديساً للسلاح. يقظة، وجاهزية دائمة. وهو حال المقاومة التي تتحضر للمواجهة وكأنها ستقع غداً.
لكن إذا كان هنالك من تقييم للموقف فإنه على المدى المنظور ما زال محكوماً بالمعادلة التالية:
العدو يريد الحرب. ولكن يخشى نتائجه.
حزب الله لا يريد الحرب ولكن لا يخشى نتائجها.
أما إذا كانت سوريا هي المستهدفة . فعندئذ سنكون أمام مشاهد مرعبة، حرب لا نعرف منها إلا الزمان والمكان الذي انطلقت فيه شرارتها. ولكن لا نستطيع أن نعرف لا الزمان ولا المكان الذي ستنتهي فيه. إلا شيء واحد وهو أن مستقبل الكيان الغاصب سيصبح على كف عفريت!!!.
(*) كاتب من لبنان
2010-04-27