ارشيف من : 2005-2008
أبو عطايا.. العاشق للشهادة
أربعة وعشرون عاما من المطاردة لحياة الفارس جمال أبو سمهدانة انتهت كما يحب شهيدا..
الأمين العام للجان المقاومة الشعبية لم يكن يتوقع غير هذه النهاية التي تمزقه فيها الصواريخ الإسرائيلية ليلتقي بمن أحب من القادة الشهداء والاستشهاديين الذين كان يرسلهم واحدا تلو الآخر ليذيقوا الاحتلال ثمن جرائمه.
المواجهة بين الشهيد أبو سمهدانة الذي وُلد في العام 1963 وقوات الاحتلال بدأت وهو في سن مبكرة، حيث اعتقل والده عطايا أبو سمهدانة عدة مرات هو وابنه الأكبر حسن، وجرى نسف منزلهم الكائن في رفح, واعتُقلت والدته وسبعة من إخوته, واستُشهد أخواه صقر وطارق.. فانضم الى صفوف الثورة عام 1979 وهو لا يزال طالبا في مدرسة بئر السبع، وليدخل السجون للمرة الأولى في العام 1982م مدة أربعة شهور، خرج بعدها وهو يقسم ألا يدخل السجن مرة أخرى. طُرد من قبل قوات الاحتلال في العام نفسه حين قام بحرق سيارة مدير بنك "هبوعليم الإسرائيلي" في رفح، ليغادر بعدها إلى مصر وليلتحق بالثورة في لبنان متسللا عبر الحدود.
وفي عام 1985م التحق الشهيد في العمل في الأمن الموحد مع الشهيد أبو إياد, ومن ثم التحق بالكلية في المغرب، حيث درس مدة عام العلوم السياسية والاقتصاد، ثم سافر إلى ألمانيا الشرقية حيث تخرج من الكلية العسكرية برتبة ملازم في عام 1989م.
تزوج أبو عطايا من اللبنانية أحلام محمد زعتر وأنجب منها خمسة أولاد، أكبرهم عطايا وأصغرهم يحيى. عاد أبو عطايا إلى أرض الوطن ضمن اتفاق أوسلو، لكنه لم يُخفِ معارضته لهذا الاتفاق، فاستأنف العمل العسكري ضمن صفوف الجهاد الإسلامي، حيث اشتهر بعلاقته المميزة مع الشهيد محمد الشيخ خليل. اعتقلته السلطة بعض الوقت، بعدها طُرد من قيادة حركة فتح بسبب رفضه الالتزام بالامتناع عن مقاومة المحتل.
في عام 2000م انطلقت انتفاضة الأقصى المباركة، فأشرف أبو عطايا على تنفيذ سلسلة من العمليات، بينها استهداف باص ضباط أمن صهاينة بالقرب من معبر رفح.. وشكل ألوية الناصر صلاح الدين كجناح عسكري للجان المقاومة الشعبية، وأشرف بنفسه على تدمير دبابة صهيونية من نوع "ميركافا 3"، التي توالى تدميرها على أيدي الألوية بعد ذلك أكثر من خمس مرات في أقل من عام.
تعرض للاغتيال خمس مرات, وكانت بصماته الناصعة وخبرته العسكرية واضحة وجلية, وشجاعته في تنفيذ أضخم وأكبر العمليات العسكرية ضد العدو الصهيوني.. فكانت عملية صوفا, وعملية موراج, وعملية نتساريم وجسر الموت وفتح خيبر وكيسوفيم, إضافة إلى العديد من العمليات الجهادية, وكلها عمليات مشتركة مع الفصائل الفلسطينية.
عاد الشهيد للأضواء حين قرر قبول منصب المراقب العام لوزارة الداخلية، فرفضت أميركا و"اسرائيل" الامر، ولكن الشهيد أكد أن هذا المنصب لن يمنعه من مواصلة مقاومته.
وفي ليلة الجمعة يوم الخميس 8/6/2006م بعد أن كان صائماً, كان موعد اللقاء للشهيد وهو يجهز مجموعة من الاستشهاديين الذين استشهدوا معه هم: الشهيد أحمد مرجان "أبو ستة", والشهيد نضال موسى، والشهيد محمد عسلية، لتخرج رفح وكل مدن ومخيمات غزة تبكي الفارس الذي ترجل بعد طول شوق للشهادة.
عماد عيد
الانتقاد/ خلف القناع ـ العدد 1166 ـ16 حزيران/يونيو 2006