ارشيف من :أخبار لبنانية
حيلة ينبغي افشالها
الوطن العمانية
عندما يشعر الإسرائيليون أنهم محاصرون من قبل المجتمع الدولي وللهروب من استحقاقات السلام وللبرهنة على عدم قدرتهم على تلبية نداءات السلام المتعالية والمتوالية من كل حدب وصوب عليهم، فإنهم عادة ما يلجأون إلى القيام بأعمال صبيانية طائشة ولكنها مدروسة، على غرار ما أقدم عليه قطعان المستوطنين المتطرفين الذين قاموا أمس بحرق مسجد في قرية اللبن الشرقية في الضفة الغربية، في محاولة لتشتيت الاهتمامات ولفت الأنظار عن لب القضية.
إن مثل هذه الاستفزازات لا تحمل معنى أكثر من أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بقيادة المتطرف بنيامين نتنياهو تسعى إلى تأجيج حروب دينية كسبيل تراه أفضل للهروب للأمام من الضغوط التي تتعرض لها من أجل بدء المفاوضات وتجميد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة، بعد أن باءت محاولاتها السابقة بالفشل.
والمؤكد أن الإسرائيليين يريدون من الحرب الدينية أن يدخلوا من أوسع أبوابها، لأن الخبرة الإسرائيلية تعرف أن ما من شيء يمكن أن يجر بعض المندفعين من المسلمين إلى تحقيق ما يسعى إليه الكيان الإسرائيلي سوى انتهاك مقدساتهم الدينية من مساجد ومصاحف، رغبة منهم في الانتقام لهذه الانتهاكات بالإقدام على ارتكاب نفس الجريرة، كأن يستهدفوا أحد الكنس اليهودية في بعض الدول العربية أو في أوروبا، ليتولى الباقي بعد ذلك الإعلام الصهيوني والإعلام الغربي التابع له، فتتجه الأنظار إلى عمليات الاستهداف ضد المقدسات اليهودية وتصويرها على أنها فداحة ما بعدها فداحة، وانتهازها فرصة لوصم العرب وخاصة المسلمين بأنهم إرهابيون ويتمنون زوال الكيان الإسرائيلي وبالتالي لا يمكن صنع سلام معهم لغياب الشريك الحقيقي، وبالتالي تتشتت الأنظار وتذهب الجهود سدى.
لأن الإسرائيليين كما يبدو وجدوا أن كل الحيل والحجج التي ابتدعوها لم تؤدِ إلى المتوخى منها وهو خلط الأوراق وتوتير الأجواء، فقد حاولوا من قبل استفزاز الفلسطينيين المقدسيين في حي سلوان بالقدس الشرقية المحتلة ووضع أسماء يهودية على شوارع وأراضي الشعب الفلسطيني في الحي، ثم القرار العنصري بطرد عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الضفة الغربية، ولما لم تفلح محاولاتهم اتجهوا إلى الكذبة الكبرى المتمثلة في اتهام سوريا بنقل صواريخ سكود إلى حزب الله، فاصطدموا أيضًا بالتفاف عربي فريد لتعرية كذبتهم وتفنيدها.
ولذلك لمواجهة رغبة الطغمة الإسرائيلية النزاعة إلى الشرور وإقصاء الآخر والقتل والهتك، لا بد من أن تتضافر الجهود العربية والإسلامية أيضًا لوضع آلية تعري وتفضح الألاعيب الإسرائيلية وتحذر من الانجرار وراء دعاة الحروب والدمار، وبيان أن خلافنا مع الإسرائيليين كتعامل وكمنهجية وكراغبين في العيش بسلام ورافضين للاحتلال، وليس خلافنا مع الديانة اليهودية التي نحترمها، والمؤكد أن مثل هذه الآليات ستصب في صالح الموقف العربي وتقويه، وبالتالي من الممكن أن تشكل اتجاهًا عامًّا لدى المواطن والمسؤول الغربي أن المعرقل للسلام والكاره لثقافته هو الجانب الإسرائيلي وليس الجانب الفلسطيني.
وخير دليل على سبيل المثال رد الأحزاب الإسرائيلية في حكومة نتنياهو على الانتقادات الصادرة من بني جلدتهم في أوروبا حول سياسة التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة، بأن "رد العالم الحر على الإرهاب الإسلامي لا ينبغي أن يكون إحناء الرأس". ومعنى ذلك أن عود الزيتون الممدود من العرب نحوهم يعتبرونه إرهابًا، وأن لا سلام منتظرًا أن تصنعه هذه الطغمة الفاسدة والمتطرفة والنزاعة إلى القتل والاحتلال وظلم الشعوب صاحبة الحق.