ارشيف من :ترجمات ودراسات

مفاوضات تقارب أم تباعد؟

مفاوضات تقارب أم تباعد؟
كتب المحرر العبري
عشية إنطلاق مفاوضات التقارب بين الكيان الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، كما يفترض ان يتم، يجدر توضيح عدة نقاط تتصل بالظروف التي دفعت الأطراف المعنية إلى ابتكار صيغة مفاوضات غير مباشرة، رغم سنوات طويلة من التفاوض المباشر، وخلفيات التباين في جدول أعمالها، فضلا عن حقيقة ما يريده كل من الأطراف الثلاثة، الإسرائيلي والفلسطيني والاميركي.
لم يكن ابتكار صيغة جديدة للمفاوضات، سوى خطوة إلى الوراء فرضتها الأسقف العالية للطرف الفلسطيني. وقصتها انه مع فوز باراك اوباما بانتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، ارتفعت الرهانات العربية والفلسطينية الرسمية، على ما قد ينتزعه من تنازلات اسرائيلية خلال المفاوضات، خاصة وان ذلك اقترن بفوز معسكر اليمين الإسرائيلي خلال الانتخابات العامة، وتشكيله حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو.
في هذه الأجواء بادر رئيس السلطة محمود عباس، إلى رفع سقف شروطه للجلوس على طاولة المفاوضات مع نتنياهو، بهدف تحسين صورته وتعزيز خيار التسوية في الشعب الفلسطيني، واشترط لذلك إعلان الحكومة الإسرائيلية عن تجميد الاستيطان في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، والإقرار بمبدأ الدولتين.
لكن تصلب نتنياهو وإصراره في نهاية المطاف على معنى محدد للتجميد في الضفة.. والامتناع العملي، دون الإعلان الرسمي، عن البناء الاستيطاني في القدس الشرقية، ومن ثم موافقة اوباما على هذه الصيغة، وضع رئيس السلطة أمام خيارين: إما التراجع عن الشروط مع ما ينطوي ذلك على انكسار سياسي وشعبي إضافيين أمام حركة حماس. أو الإصرار على موقفه، مع استبعاد حصول ذلك، وبالتالي تعثر استئناف المفاوضات السياسية التي تشكل مصدر حياة السلطة الفلسطينية.
أمام هذا الواقع تم ابتكار صيغة المفاوضات غير المباشرة، تحت عنوان مفاوضات التقارب، بهدف حفظ ماء وجه السلطة الفلسطينية وفي الوقت نفسه توفير الأجواء لاستئناف المفاوضات كما يطالب الأميركي.
أما بخصوص التباين في تحديد أولويات جدول الأعمال. بالرغم من أن صيغة الاتفاق على استئناف المفاوضات، يتضمن موافقة الطرفين على بحث القضايا الأساسية: الحدود، اللاجئين، الترتيبات الأمنية، القدس، المياه والمستوطنات، في إطار المفاوضات غير المباشرة، إلا أن تقارير إعلامية أوضحت بأن نتنياهو يدعو إلى البحث أولا في قضيتي الأمن والمستوطنات، فيما يدعو الطرف الفلسطيني إلى بحث الحدود.
من الواضح أن خلفية الأول  تعود إلى محاولته تحييد القضايا الأكثر إشكالية، القدس واللاجئين والمستوطنات، والتي يمكن أن تتسبب له بأزمات سياسية سواء مع الإدارة الأميركية أو مع قوى اليمين المتطرف. في حين يراهن الطرف الفلسطيني على دعم الأميركي  كونه أول من طالب بتحديد حدود الدولة الفلسطينية المفترضة، كخطوة مرحلية باتجاه الاتفاق النهائي.
من جهة ما يريده الأطراف الثلاثة من المفاوضات:
يبدو جليا أن نتنياهو يسعى إلى تجنب الاتفاق على أية قضايا إشكالية يضطر فيها إلى تقديم تنازلات وعليه فإن الرهان الأساسي لديه هو على تمرير الوقت. خاصة وان الهدف الاساسي من وراء موافقته على إجراء المفاوضات كان التخلص من الضغوط التي كانت تمارس عليه ومحاولة تحسين العلاقات مع إدارة اوباما.
أما السلطة الفلسطينية التي تستبعد تحقيق اتفاق شامل أو مؤقت يلبي أمانيها وطموحاتها، فإن محاولاتها ستقتصر على محاولة تسجيل نقاط بهدف تقديم الطرف الإسرائيلي على انه من يضع العراقيل امام التوصل إلى تسوية نهائية. فضلا عن محاولة الظهور كمن لم يُفرط بالثوابت الفلسطينية أمام الضغوط الأميركية والإسرائيلية....
أما اوباما فإنه يتطلع إلى تحقيق انجاز سياسي، عبر التوصل إلى تسوية عربية إسرائيلية شاملة، تبدأ من المسار الفلسطيني. خاصة وان الرؤية التي تتبناها ادارته تشدد على العلاقة الوثيقة بين هذه التسوية والخطة الاميركية لمواجهة ما تسميه ا لنفوذ الايراني، و"الارهاب" الإسلامي...
بناء على ما تقدم لم يعد غريبا أن تكون التقديرات المتشائمة، حول ما يمكن ان يتمخض عن هذه المفاوضات، هي المسيطرة في الساحتين الإسرائيلية والفلسطينية، خاصة وانها يمكن ان تؤدي إلى مزيد من التباعد بين الأطراف في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق تسوية.
2010-05-07