ارشيف من : 2005-2008

ثلاث مراحل ضرورية لمعالجتها : "ردميات العدوان" بين الخطر البيئي وغياب الحكومة

ثلاث مراحل ضرورية لمعالجتها : "ردميات العدوان" بين الخطر البيئي وغياب الحكومة

التدمير الذي خلّفه العدوان، وخصوصاً تلك التي تم رفعها من الضاحية الجنوبية الى المكب الموقّت قرب منطقة الاثارات البيزنطية ما بين الأوزاعي ومثلث خلدة على شاطئ البحر.‏

وتعتبر قضية الردميات واحدة من القضايا الرئيسية التي تتصل بمواجهة نتائج الحرب الصهيونية، فضلاً عن الانعكاسات الصحية والبيئية التي تتصل بها.‏

ولئن كانت الجهود الكبيرة التي بذلت على أكثر من مستوى أمكنها إزالة نسبة كبيرة من الردميات من مواقعها فإن السؤال المطروح الى أين ستذهب هذه الردميات بعد ان تحوّل مكان تجميعها على شاطئ الاوزاعي الى مشكلة بيئية خطيرة.‏

مدير مشروع الترميم في منطقة بيروت في مؤسسة "جهاد البناء" المهندس وليد جابر، أكد لـ"الانتقاد" أن "العدوان الاسرائيلي على الضاحية الجنوبية لخصت نتائجه بعد عشرين يوماً من وقف اطلاق النار، بإزالة آثار العدوان وعودة الاهالي الى الضاحية".‏

جرى ذلك قبل حضور إدارات الدولة، وخصوصاً وزارة الأشغال العامة، من خلال وصول الآلاف من المتطوعين من مختلف المناطق والاحزاب والتيارات، ليساهموا في انطلاق ورشة رفع الانقاض فوراً. ويذكر جابر ان "بعض اصحاب الآليات تبرعوا بتقديمها مع سائقيها للمساهمة في الورشة الكبيرة القائمة في الضاحية".‏

أضاف: "ان دور الهيئة العليا للإغاثة لم يتعدّ سوى تلزيم مؤسسة "جهاد العرب" نقل الردميات الى المكبات، من دون تأمين مكبات تتوافر فيها الشروط الفنية، ومن دون مراعاة الطرق العلمية من دراسات وخطط تلحظ الشروط الصحية للمواطنين. وأيضا المشكلة الأكبر انه لم يتم التعامل مع هذا الكم الهائل من الركام وفق معايير السلامة العامة، أو دراسة إمكانية تدويرها واستخدامها بالرغم من كل العروضات المحلية والعربية والاجنبية التي قُدمت لحل هذه المشكلة، ما خلّف انطباعات سلبية عن دور الدولة لدى المواطنين، وساد الاعتقاد بأن الدولة لم تقم بواجباتها، ولم تنظر بعطف لمساعدة الناس المتضررين من هذا العدوان برغم كل الظروف الصعبة التي يعيشونها حتى اليوم".‏

عملية إزالة الركام التي بدأت بعد وقف الأعمال العسكرية، ما زالت مستمرة حتى اليوم، وأنجزت على مرحلتين، فيما لا تزال المرحلة الثالثة معلقة على عاتق الدولة:‏

ـ المرحلة الأولى: وهي المرحلة التي تلت الحرب، حيث دخلت الآليات المؤلفة من شاحنات وجرافات الى منطقة الضاحية لتقوم بعملها، ووصل عددها الى ما يزيد عن سبعمئة شاحنة تمتلئ بالركام الصلب يومياً بعد الجهد والعمل المتواصل للعاملين. هذه المرحلة شملت ما يزيد على 70 ورشة مؤلفة من 240 مبنى مدمراً تمت إزالة ركامها خلال 29 يوماً، اي بمعدل خمسين مبنى خلال الاسبوع.‏

ـ المرحلة الثانية: بعد النجاح الذي حققته الخطوة الاولى للعمل، تبلورت صورة المرحلة الثانية بشكل أفضل، فمع ازدياد عدد الورش الى ما يزيد عن أربع وثمانين ورشة يومياً تمكنت مؤسسة جهاد البناء من إزالة التراكمات لتدخل بعد ذلك كل من مؤسستي "خطيب وعلمي" و"جهاد العرب" للعمل على قاعدة الكشف على المباني المتضررة وتصنيفها بين هدم كلي أو جزئي أو فني تمهيداً للمرحلة الاخيرة، على ان تتولى شركات مختصة معالجة الردميات فيما بعد.‏

لكن على من تقع مسؤولية عدم تأمين المكبات اللازمة وتحويل الردميات الى طريق المطار، ثم الى الاوزاعي؟‏

لم تبادر الحكومة الى توفير أو المساعدة بتأمين مكبات خاصة لردميات الضاحية، وذلك ضمن سياسة الضغط التي استخدمتها لتحميل المقاومة مسؤولية الحرب، فتم تخصيص مكب موقّت على طريق المطار من دون الاخذ بعين الاعتبار الشروط الصحية، لأن عملية المعالجة تسببت في تلوث الهواء لما تحتويه هذه الردميات من غبار ومواد سامة، فضلاً عن مخلفات اسلحة التدمير الاسرائيلية وموادها المشعة، هذا فضلاً عن التلوث البصري والسمعي.‏

المرحلة الأخيرة من حل مشكلة الردميات لا تزال تنتظر قيام الجهات المعنية في الدولة بالتحرك لإيجاد الحلول المناسبة بما يتوافق مع احترام المعايير البيئية والصحية، علماً أن عملية فرز هذه الردميات يجب أن تمر بثلاث مراحل، وهي كالتالي:‏

1ـ تحليل جميع الردميات للتأكد من عدم وجود مواد سامة وخصوصاً "الاسبستوس"، وهي عبارة عن الياف طبيعية مسرطنة، وهي الاكثر خطراً في حال وجودها، لأنها يجب أن تُنقل من لبنان إلى الخارج بسبب عدم توافر الآلية الصحية للتصرف بها.‏

2ـ المرحلة الثانية فرز الحديد عن الاسمنت لإعادة تصنيعه بسهولة واستخدامه.‏

3ـ المرحلة الثالثة اعادة تدوير الصالح من الحجارة والاسمنت، وغير الصالح يصرف الى المقالع والكسارات شرط عدم وجود المواد السامة التي تشكل خطراً على البيئة.‏

أمل شبيب‏

الانتقاد/ العدد 1209 ـ 6 نيسان/أبريل 2007‏

2007-04-06