ارشيف من :أخبار لبنانية
ماوراء الأخبار.. الكيانات غير الشرعية
صحيفة تشرين
عزالدين الدرويش
لأن إسرائيل حالة شاذة في كل شيء بدءاً من تركيبتها وطرائق تفكير حكامها، إلى سياساتها وحروبها، يمكن توقع ارتكابها أي حماقة في أي لحظة وبسبب أو من دون سبب، فالكيانات العدوانية غير الشرعية هي دائماً كذلك على مدى التاريخ، وإسرائيل كما هو معروف رأس هذه الكيانات العدوانية واللا شرعية.
لذلك، فعندما تدخل إسرائيل في مفاوضات غير مباشرة مع السلطة الفلسطينية مثلاً كما هو حادث الآن لا يعني ذلك أنها صرفت النظر ولو مؤقتاً عن الاعتداءات والحروب، بل على العكس يمكن أن تشكل المفاوضات في العرف الإسرائيلي سبباً لشن الحروب على المفاوضين، أو على جبهات أخرى، وهذا ما حدث سابقاً أكثر من مرة.
وعلى هذا الأساس تبدو التهديدات الإسرائيلية بشن حروب على سورية ولبنان، والتي ترافقت مع بدء المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، غير مفاجئة للمراقبين في المنطقة، الذين خبروا مثل هذه الأساليب الإسرائيلية، وباتوا يتوقعون مجرياتها بنسبة مئة في المئة.
وعلى هذا الأساس أيضاً يمكن فهم ما وراء التوجه الإسرائيلي نحو التفاوض مع السلطة الفلسطينية، هذا التوجه الذي يعني أولاً وأخيراً التغطية على مخططات استيطانية تهويدية يجري تنفيذها على الأرض بوتائر متسارعة خاصة في القدس الشرقية، وهذا ما يتوقف عنده المتابعون لأوضاع المنطقة، وما يرونه بشكل جلي.
وما يؤكد هذه الصورة التفاوضية العبثية هو أن المسؤولين الإسرائيليين وهم يقولون بعدم جدوى المفاوضات، يؤكدون استمرار الاستيطان ويشددون على عدم الانسحاب إلى خطوط عام 1967، وعلى رفض حق العودة، وعلى عدم إعطاء الدويلة الفلسطينية المستقبلية - إذا قامت - أكثر مما أعطي للسلطة الفلسطينية القائمة حالياً من صلاحيات لا تتعدى مقر المقاطعة في رام الله.
ولكون حكومة نتنياهو هي حكومة استيطان وحروب وفق تفكيرها وتركيبتها وقاعدتها الناخبة، فإنها ترى في الضغط على المفاوض الفلسطيني وتوعده بالويل والثبور وفي التهديد بالحروب على الجبهات المقاومة والممانعة، وسيلة لتحقيق مآربها سواء على صعيد تجويف المفاوضات وإفراغها من أي مضامين، أوعلى صعيد إكمال المخططات الاستيطانية التهويدية تحت سقف مفاوضات مباشرة وغير مباشرة.
وللأسف الشديد فكل العرب يعرفون هذه الأساليب الإسرائيلية ومع ذلك فوضوا السلطة الفلسطينية، التي لا تمتلك أية ورقة للضغط على إسرائيل، بالتفاوض معها.