ارشيف من : 2005-2008
باختصار: خريف أنابوليس
كالنعاج تهافتوا ليضعوا رؤوسهم عند مذبح الذئب الأميركي، وكالنعام دفنوا رؤوسهم تحت أقدام الثعلب الصهيوني وهم الذين يعلمون علم اليقين أن فحولا من أمتهم كسرت أنياب الذئب وحطمت كبرياء الثعلب.
هم العرب هكذا دائما يقرأون التاريخ بالمقلوب، فحين كانت "إسرائيل" تلحق بهم الهزيمة تلو الأخرى لبسوا عباءة عنترة بن شداد وكالوا التهديد والوعيد فهم لا يسكتون على ضيم، ولكن عندما تغيرت الظروف وخرج لشذاذ الافاق من يعرف كيف يسوقهم ويمرغ أنوفهم ويذيقهم أول هزيمة في تاريخهم الحديث، ترى العرب يتهافتون زرافات ووحدانا لإنقاذ جلاديهم وانتشالهم من حضيض الانكسار حتى قبل أن يستعيدوا وعيهم.
وإمعانا في قراءتهم المعكوسة هذه يصادف أن التاريخ الذي حدده بوش لمؤتمر "تسليم الرقاب للسكين الصهيونية" هو التاريخ نفسه الذي انعقد فيه أول مؤتمر فلسطيني في القدس وليس في مكان آخر عام 1919، وطالب باستقلال فلسطين، وهو التاريخ نفسه الذي أصدرت فيه القمة العربية المنعقدة في عمان عام 1980 قرارا بقطع الدول العربية علاقاتها مع أي دولة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو تنقل سفارتها إليها.
هؤلاء هم حكام العرب يزحفون إلى الدولة الوحيدة التي قررت نقل سفارتها إلى القدس المحتلة من أجل تلطيخ أياديهم بدماء أبناء شعوبهم التي ما زالت تقطر من براثن وأنياب العدو الصهيوني في غزة ولبنان وربما، من يدري؟، للمساعدة في إراقة المزيد من هذه الدماء.
لكن ما لا يدركونه هو أن مؤتمرهم المنعقد في الخريف قد تساقطت أوراقه الصفراء قبل أن تنبت.
محمد يونس
الانتقاد/ العدد1242 ـ 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007