ارشيف من : 2005-2008
تحرك المعارضة: عام مضى والنفس ما زال طويلاً
كتبت ميساء شديد
"التحرك فيلم لبناني طويل ونفسنا أطول من نفس "البسينات".. هذا ما قاله النائب العماد ميشال عون قبل عام. التحرك لا يزال مستمراً والنفس يبدو طويلاً.. اعتصام المعارضة الوطنية اللبنانية يدخل غداً عامه الثاني.
ماذا قبل سنة من اليوم؟
عشية الأول من كانون الأول/ ديسمبر 2006، أصدرت المعارضة الوطنية البيان الآتي:
أيها اللبنانيون..
إن قوى المعارضة الوطنية اللبنانية التي أعلنت منذ وقت طويل حرصها على الوصول الى اتفاق بين كل الاطراف والتشكيلات اللبنانية على تأمين المشاركة من خلال إقامة حكومة وحدة وطنية تعكس التمثيل الحقيقي، والتي أفسحت المجال وبادرت الى طرح صيغ التفاهم مع الفريق الحاكم وتجاوبت مع الدعوات الى مؤتمر الحوار الوطني، ومن ثم لقاء التشاور، لتحقيق هذا الامر في مقابل إصرار الفريق الآخر على رفضه.. وبعد ان استنفدت الاتصالات السياسية امكانية تحقيق هذا المطلب الوطني الجامع، فإن قوى المعارضة الوطنية وبالارتكاز الى حقها الدستوري المشروع في اطار القوانين المرعية الاجراء، ومنطلقة من حرصها الأكيد على الوفاق الوطني ومرتكزات السلم الاهلي والحفاظ عليه، والتزامها النظام العام ومصالح المواطنين، تدعو جميع اللبنانيين بمختلف طوائفهم ومناطقهم وأحزابهم وقواهم السياسية والاجتماعية إلى التجمع السلمي والاعتصام المفتوح احتجاجا على غياب منطق المشاركة السياسية الحقيقية، وللمطالبة بتشكيل حكومة وحدة وطنية يكون أولى مهامها إقرار قانون جديد للانتخابات (..) وليكن هذا التجمع فرصة لإلغاء كل الاصطفافات وتصنيف الساحات للتوحد كلها تحت راية الوحدة الوطنية اللبنانية.
وكان الأول من كانون الأول يوماً تاريخياً في لبنان غصت فيه ساحتا "الشهداء" و"رياض الصلح" بالحشود الجماهيرية التي عبرت عن ألوان الطيف السياسي اللبناني، حيث لم تفلح العوائق التي حاولت قوى السلطة وضعها أمام القادمين في الحد من الزحف البشري الذي ملأ المنطقة المحددة للاعتصام وتعداها الى المناطق المحيطة.
في ذلك اليوم تحدث رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون أمام الطوفان البشري معلناً بداية التحرك السلمي تحت شعار "المطالبة بحكومة وحدة وطنية"، مؤكداً أن "من كان شعبه معه لا يحتاج الى شريط شائك، وإنما الى بعض رجال الأمن لحمايته من مجنون او من هامشي طبيعته سيئة، ولكن لا يختبىء من شعب".
العاشر من كانون الأول/ ديسمبر، يوم جديد دخل كتاب التاريخ اللبناني.. فقد نظمت المعارضة في إطار تحركها السلمي التظاهرة الشعبية الأكبر في تاريخ لبنان. يومها توجه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى القابعين في السراي الحكومي بالقول: "إن هذا التحرك الشعبي الوطني لقوى المعارضة الوطنية اللبنانية لن يتوقف حتى تحقيق المشاركة الكاملة في حكم لبنان، فلا يحق لكم أن تحكموا لبنان وحدكم وأن تأخذوه الى الوصاية الأميركية. حرام عليكم أن تتركوا لبنان يضيع في أزمة الشرق الأوسط الجديد. وبين ضياع لبنان وأن نصبر قليلاً على هذه الحكومة اللادستورية سنصبر ولن نقبل أن يضيع لبنان".
الثالث والعشرون من كانون الثاني/ يناير 2007 كان تحرك المعارضة الوطنية اللبنانية يأخذ منحى تصعيدياً نتيجة تعنت فريق السلطة ومكابرته وعدم الرضوخ لإرادة الشعب، فكان الموعد مع إضراب شامل في المناطق اللبنانية كافة أحرقت خلاله الدواليب وقُطعت الطرق، في مشهد أرادته المعارضة سلمياً ديمقراطياً، فإذا بميليشيات قوى السلطة المسلحة تتدخل موقعة قتلى وجرحى في صفوف أنصار المعارضة التي أكدت في نهاية ذلك اليوم "أنها تعتبر الإضراب بمثابة الإنذار للسلطة، واعدة بتحركات أصعب بكثير".
وما بين هذه التواريخ التي شكلت محطات رئيسية في تحرك المعارضة الوطنية اللبنانية منذ انطلاقه حتى اليوم، نشاطات ومشاركات في اعتصامات نقابية وعمالية للمطالبة بالتغيير على قاعدة الشراكة والوفاق الوطني.
منذ سنة حتى اليوم، شهد لبنان الكثير من التطورات السياسية والأمنية، إلا أن الحكومة الفاقدة للشرعية لا تزال قابعة في السراي! بل ما هو أكثر من ذلك محاولتها اليوم السيطرة على صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الفراغ الحاصل في سدة الرئاسة. إذاً الهدف لم يتحقق بعد، لكن النفس لا يزال طويلاً، والاعتصام مستمر حتى إشعار آخر.
الانتقاد/ العدد1243 ـ 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007