ارشيف من : 2005-2008
هكذا صمدت بيروت عام 1982 ..
ومحلل عسكري ، ويتضمن الكتاب الذي يقع في( 189 ) صفحة من القطع المتوسط في خمس فصول إضافة إلى فصلي تقديم ومقدمة.
وجاء اهداء الكاتب الى ارواح الشهداء وروح أمي وأبي وإلى الجرحى والمعتقلين وإلى رفاق السلاح والمقاتلين وإلى كل من يعمل من أجل فلسطين.
جاء في التقديم من قبل الروائي يحيى يخلف رئيس المجلس الأعلى للتربية والعلوم في م. ت. ف، مسؤول الفكر والثقافة في حركة فتح " هذا الكتاب يمثل شهادة وثائقية تسجيلية، وشهادة تحليلية لوقائع تلك الحرب الطاحنة، وتأريخ للبطولات الفذة التي سطرها المقاتلون الفلسطينيون، حيث كانت الإرادة هي التي تردم فجوة موازين القوى، وهي التي تحدث التفوق النوعي الفلسطيني، على التفوق الكمي الإسرائيلي.
وجاء الخروج من بيروت لأسباب سياسية، ولتجنيب أهالي بيروت المزيد من المعاناة والخسائر، وأضاف إن تسجيل وتوثيق هذا التاريخ يكتسب أهمية قصوى في هذه المرحلة، إذ يطلع الأجيال الجديدة على الصفحات المشرقة في التاريخ الفلسطيني ويحافظ على التجربة ويحميها من الضياع".
استعرض , واصف عريقات مؤلف الكتاب في مقدمته جراح الشعب الفلسطيني منذ كارثة ونكبة عام 1948 وإفرازاتها من تشرد وضياع الأرض، وفقدان الأمل حتى جاءت انطلاقة حركة فتح عام 1964 وفجرت مكامن العمل الفدائي لتعطي الثقة والوعد بانطلاقة المارد الفلسطيني الذي تغلب على الصمت واخترق العجز العالمي في مواجهة العنجهية الإسرائيلية، وانطلقت حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد، وبدأت العمليات الفدائية لتؤكد على أن أرض فلسطين هي للشعب الفلسطيني وليس لأحد سواه، ثم تطرق الكاتب لمعركة الكرامة عام 1968وكيف امتزج دم الجندي الأردني بدم الفدائي الفلسطيني وتحقق النصر الأول وأزال الإحباط من النفوس بعد هزيمة الجيوش العربية في حزيران عام 1967، وكيف زادت نتائج هذه المعركة من قناعة الشعب الفلسطيني وثورته بضرورة الاعتماد على النفس من أجل تحرير الأرض، وطرح المقاومة الشعبية (في ظل موازين القوى المختلة لصالح إسرائيل) كبديل عن الجيوش النظامية، ونقل العرب من مرحلة الضعف إلى مرحلة القوة، كما استعرض الكاتب محطات تطور العمل العسكري في فتح وفصائل الثورة الفلسطينية ، وتداخل النمط الفدائي بالنمط النظامي، أدى ذلك إلى تنفيذ عمليات نوعية حاولت القوات الإسرائيلية منعها باقتحام العرقوب عام 1972 تم إفشاله بالصمود والاستبسال الفلسطينيين
وتحدث الكاتب عن استمرار التصعيد الإسرائيلي، ومحاولة إشغال المقاومة الفلسطينية والالتفاف عليها وزجها في أتون الحرب الأهلية اللبنانية، فجاءت المحطة الخامسة مفروضة على الشعب الفلسطيني بعد عملية عين الرمانة عام 1975، لكن التكامل بين الداخل الفلسطيني والخارج "من تصدي للاحتلال بالإضرابات والمظاهرات ورفض الاملاءات " أفشل هذا المخطط، وعزز من صمود المقاتلين الفلسطينيين في لبنان، حيث تمكنوا من صد الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مدن وقرى لبنان والمخيمات الفلسطينية، وكان أبرزها عملية اجتياح الليطاني عام 1978، وعملية تقطيع الأوصال عام 1981، وحرب أل 14 يوم في تموز 1981، وخلال هذه الحرب تمكن سلاح المدفعية الفلسطيني من قصف 33 مستوطنة إسرائيلية في يوم واحد وباعتراف قادة إسرائيليين، وصولا إلى عملية سلامة الجليل عام 1982 وحصار بيروت وصمود المقاومين اللبنانيين والفلسطينيين مدة 88 يوم ، ثم اقتحام بيروت ( وهي أول عاصمة عربية تتعرض للاحتلال) بعد خروج المقاتلين الفلسطينيين منها، وسجل لإسرائيل فشلها الأول لعدم رؤيتها الفلسطينيين يرفعون الرايات البيضاء أثناء رحيلهم من لبنان، بل على العكس خرجوا مرفوعي الرأس، وبرهنوا للعالم أنهم مقاتلون أشداء. وفشلها الثاني في عدم تنفيذ اتفاقية 17 أيار 1983 ، وفشلها الثالث بإجبارها على الانسحاب من الجنوب بفعل المقاومة اللبنانية ، والفشل الرابع بعدم قدرتها على إخماد انتفاضة الحجر الأولى عام 1987 ، والفشل الخامس في مواجهات هبة النفق عام 1996، وانتفاضة الأقصى عام 2000، والفشل السادس في عدم القدرة على كسر إرادة الشعب الفلسطيني ، وانسحابها من قطاع غزة عام 2005، وفشلها السابع في حرب تموز عام 2006 أمام قوات حزب الله.
سلط المؤلف الضوء على عملية سلامة الجليل وما سبقها من تحضيرات واستعدادات، وكذلك يوميات حصار بيروت وتفاصيلها. بأساليب متداخلة شملت: سرد وقائع ومشاهدات ميدانية ووصف دقيق لمجريات القتال وشهادات مشاركين في القتال، قصص وروايات ميدانية ، وخرائط محملة بتفاصيل وأسماء وتوقيتات المعارك.
ويؤكد الكاتب من خلال هذا السرد لتفاصيل عملية سلامة الجليل على حقيقة أن المقاتل الفلسطيني واللبناني قد أسسا لإمكانية إلحاق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي.
وكان الفصل الأول بعنوان أهداف الحرب وتضمن هذا الفصل الإعداد للحرب من الجانب الإسرائيلي،والمعارك التي سبقت العملية، ومؤشرات العدوان، وسيناريوهات الحرب وأنماط القتال وموازين القوى عشية العملية، وفي أيار سيناريو الشهيد نجم مقدمة للعدوان، ثم الهدوء الذي سبق العاصفة.
أما الفصل الثاني فجاء بعنوان ساعة الصفر ولماذا عدلت، كما شمل الفصل كيفية بدء الهجوم ومحاوره وحجمه مقارنة مع حجم الدفاع، ووصف لمعارك النبطية وقلعة الشقيف والصمود الأسطوري فيها، والعايشية، وصور( المدينة المرعبة ) ومخيم الرشيدية، ودور الشهيد عزمي الصغير وقصة الأسرى، والقطاع الأوسط والشهيد بلال ومدافع جويا، وصيدا وجسر الاولي والرميله والزهراني ومخيم عين الحلوة، وحاصبيا والقاطع الشرقي، والدامور والناعمة والسعديات والشوف ومعارك الجبل الأولى، والبقاع، وما رافقها من حرب نفسية وإشاعات، ومدافع الرشيدية، وفي صور الطبيب يسعف الأسير، والأسير ينقذ الطبيب، والشهيد الملازم أبو فياض يقنص الدبابة الإسرائيلية وأخرى تقنصه، ومعارك مخيم عين الحلوة وأطفال أل أر. بي. جي في مواجهة الميركافا، والدامور وكيف أصبح مقبرة لجنرالات الغزاة، وملحمة خلده وبطلها الشهيد عبد الله صيام.
وتطرق الفصل الثالث لعملية حصار بيروت ومعارك الجبل الثانية، ووقائع الحصار والصمود الفلسطيني اللبناني، وإخلاء البنايات من سكانها وزرع المراقبات، ومعارك جس النبض والاستطلاع بالقوة، وأشبال فلسطين دربوا جيلا كاملا من الجيش الإسرائيلي، واقتراحات من أجل تسوية الأزمة اللبنانية، وأخيرا الشهيد المقدم محمد زهير لن يشارك ابنه في عيد ميلاده.
وفي الفصل الرابع وصف لملاحم البطولة والصمود أثناء حصار بيروت، ورجال لايهابون الموت ، وأول معارك المتحف ، وتصعيد الحرب النفسية والرد الثوري الملائم، ومعركتي الأحد 1 آب، و الأربعاء 4 آب، والثلاثاء 9 آب، ومن فلسطين عام 1948 (برنادوت) إلى لبنان 1982 ( فيليب حبيب) التاريخ يعيد نفسه، وكيف استخدمت إسرائيل بيروت كحقل تجارب لأحدث آلات الدمار الأمريكية، كما تضمن هذا الفصل صورة عن الإعلام المقاتل، ثم قصة أصغر شبل الطفل أحمد كامل، والحب في ظل القصف والزواج في ظل الحصار، بحضور الفنانة ناديا لطفي التي وصلت مع وفد الفنانين المصريين أثناء الحصار، والصمود العسكري عزز الموقف السياسي، و 12 آب صفحة إضافية من صفحات المجازر وليلة 19 آب الدفاع يتحول إلى هجوم، ثم الخروج أصبح حقيقة واقعة، وفي هذا الفصل أيضا تحدث المؤلف عن مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا.
وتضمن الفصل الخامس الدروس المستفادة من حرب 1982، ويحاول المؤلف تسليط الضوء على الاستنتاجات لتعميم الفائدة ونقل ما هو ايجابي من التجربة.
واستند الكاتب على معلومات دقيقة موثقة في سجلات غرف العمليات المركزية وغرفة عمليات سلاح المدفعية، بالإضافة لشهادات ضباط وقادة إسرائيليين وردت في المراجع المشار إليها ضمن الكتاب.
وينتهي الكتاب بمجموعة من الخرائط التفصيلية يظهر عليها بوضوح عملية تقدم القوات الإسرائيلية لحظة بلحظة وعلى المحاور كافة.
والمؤلف من مواليد ابوديس – القدس عام 1946، لواء ركن متقاعد ، أنهى دراسته الثانوية في القدس، بدأ حياته العسكرية في انجلترا كتلميذ طيار مقاتل في سلاح الجو الأردني عام 1964، ثم تحول للكلية الحربية للضباط – ثم إلى سلاح المدفعية، شارك في معركة 1967 في محافظة جنين وفي معركة الكرامة عام 1968 مع الجيش الأردني، التحق بصفوف فتح والثورة الفلسطينية عام 1970 ، حائز على شهادة العلوم العسكرية العليا من كلية القيادة والاركان في الباكستان عام 1978 ، شارك في معظم معارك الدفاع عن الشعب الفلسطيني ، وجرح أكثر من مرة، كما شغل مناصب عدة ومنها قائد مدفعية القوات المشتركة في جنوب لبنان1976 – 1982 ، وقائد مدفعية حصار بيروت عام 1982 ، ثم ساهم في بناء مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية – وزارة الداخلية والأمن الوطني،وشغل منصب مديرعام ثم وكيل وزارة مساعد .شعاره : ما دام الاحتلال موجودا فالارادة لا تشيب والعزيمة لاتنكسر.
المصدر : وكالات ـ معا