ارشيف من : 2005-2008
هكذا تروي أوساط «الأكثرية» قصة العودة إلى خيار قائد الجيش
المعارضة التي تعاملت بكثير من الحذر مع الاقتراح الجديد، كونه جاء مخالفا للتوجهات السابقة لدى الموالاة التي كانت ترفض بشدة تعديل الدستور.
وقد لوحظ ان نوابا في فريق الموالاة هم الذين تولوا، في الشكل، فتح باب التداول باسم سليمان من خلال بيانات وتصريحات «منظمة»، الامر الذي يوحي بأن هناك هامشا مقصودا قد تُرك امام القيادات الاساسية للتصرف لاحقا، تبعا لنتائج عملية «جس النبض»، علما ان شخصية مقربة من النائب سعد الحريري أبلغت «السفير» ان اقتراح اسم سليمان لم يتحول بعد الى مبادرة فعلية لقوى 14آذار التي لم تعلن رسميا عن ترشيحه للرئاسة، متوقعا ان تتبلور الرؤية بشكل أفضل اليوم.
في موازاة ذلك، يؤكد نائب في «تيار المستقبل» ان ما ادلى به النائب عمار الحوري لا يندرج في إطار المناورة، بل هو يعني ما يقول، وفي حال وافقت المعارضة على ملاقاة الموقف الجديد فإن الموالاة ستذهب حتى «النهاية السعيدة» بخيار قائد الجيش.
على الإيقاع ذاته، يقول نائب مسيحي في 14آذار مقرب من رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط، في معرض تفسير أسباب التحول الايجابي حيال انتخاب العماد سليمان، ان المعطيات السياسية تغيرت قياسا الى ما كانت عليه قبل فترة قصيرة، وهناك واقع جديد نشأ بعد حصول الفراغ على مستوى رئاسة الجمهورية وهو فراغ هش يمكن ان يهدد في أي لحظة السلم الاهلي وبنية الدولة، ويكفي في هذا المجال ان تُغتال شخصية إضافية حتى يفرط البلد بين أيدي الجميع.
من هنا، يرى النائب المذكور انه لا بد من ملء هذا الفراغ سريعا برئيس جمهورية، يملك إمكانية الحؤول دون تهديد السلم الاهلي وسلامة الدولة، وبالتالي ينبغي ان يُعطى العماد سليمان فرصته كونه الأقدر على أداء هذا الدور الحيوي والملح، بمعزل عن التحفظات السابقة التي كانت لها ظروفها والمرتبطة بموقف مبدئي ضد تعديل الدستور، ولكن هذه التحفظات تصبح أقل أهمية بالمقارنة مع وجوب الحفاظ على الاستقرار الداخلي الذي هو اكثر أهمية من كل ما عداه.
وإذ يقر بأن فريق 14آذار فشل في تطبيق خطته البديلة لانتخاب رئيس بالنصف زائدا واحدا، يلفت الانتباه الى ان إسم سليمان قد لا يكون بالضرورة أفضل الخيارات لقوى الموالاة، ولكنه بالتأكيد الأقل خطرا وضررا نسبة الى تداعيات استمرار الفراغ، وهو الخيار الذي يفترض ان يؤمن حضور نصاب الثلثين بعدما أخفقت الاسماء التوافقية في لائحة البطريرك الماروني في استقطاب هذا النصاب، مؤكدا في الوقت ذاته ان دعم خيار العماد ميشال سليمان ليس مناورة تكتيكية لإحراج العماد ميشال عون الذي يكفيه ما يعانيه من إحراج.
في سياق متصل، يؤكد مصدر قيادي في القوات اللبنانية أن 14آذار جادة في طرح إسم العماد سليمان لرئاسة الجمهورية، معربا عن اعتقاده بأن الساعات الـ24 المقبلة ستكون حاسمة لناحية إقرار مبدأ التوافق على إسم قائد الجيش او سحبه من التداول، «فإما ان تتعاطى المعارضة إيجابا مع هذا الطرح لينتقل النقاش الى البحث في آلية تعديل الدستور وإما ان ترفضه فيكون قد سقط تلقائيا».
ويعتبر المصدر القواتي ان «فلسفة» القبول بالعماد سليمان بعد الاعتراض عليه تقوم على قاعدة ان تعديل الدستور الآن بات أقل سوءا من الفراغ الطارئ، مشيرا الى ان رفض هذه الصيغة في السابق كان ينطلق من معادلة ان الانتخاب له الاولوية على تعديل الدستور ما دامت اللعبة الديموقراطية متاحة تحت سقف المهلة الدستورية للاستحقاق الرئاسي، أما وأن الانتخابات الرئاسية لم تحصل في موعدها ووقع الفراغ فإن تعديل الدستور لملئه يصبح مبررا، منعا لإطالة أمد الامر الواقع القائم.
ومن وجهة نظر المصدر القواتي، أن المهم حاليا هو التوصل إلى قرار سياسي شامل بالتوافق على العماد سليمان، وبعد ذلك يأتي دور «الطباخين» لطهو الآلية المناسبة لتعديل الدستور بما يتيح انتخاب قائد الجيش، والارجح ان لا خوف على هذا الصعيد في ظل وجود طباخين ماهرين كالرئيس نبيه بري والنائب ميشال المر.
ويؤكد المصدر انه ليس لدى «القوات» اعتراضات على شخص العماد سليمان، بل نحن معجبون بأدائه المتوازن منذ 8 آذار وحتى اليوم في حفظ حقوق الجميع في التعبير عن آرائهم، كما كانت له تجربة ناجحة في حرب «نهر البارد» على رأس جيش لم يكن جاهزا لخوض مثل هذه المواجهات، وبالتالي فإن موقفنا السابق لم يكن يستهدف سليمان نفسه وإنما كان موجها ضد تعديل الدستور حصرا.
وفي حين يوحي «الماضي الدامي» بأن القوات اللبنانية قد تشعر بحساسية تجاه رئيس يأتي من المؤسسة العسكرية، يشدد المصدر على ان مشكلة «القوات» كانت مع ألوية العماد عون لا مع الجيش بحد ذاته، لافتا الانتباه الى ان الراهب والجندي لهما مكانة خاصة في ثقافتنا، إلا أن الحرب التي حصلت عام 1990حجبت هذه الحقيقة عن البعض ونحن ما نزال ندفع ثمن هذه الحرب.
المصدر: صحيفة السفير