ارشيف من : 2005-2008

السنيورة في الدقيقة الأخيرة: قائد الفراغ بدعم أميركي

السنيورة في الدقيقة الأخيرة: قائد الفراغ بدعم أميركي

 

يستعد الرئيس فؤاد السنيورة بعد سنة على تمسكه بحكومة غير شرعية الى قيادة الفراغ الدستوري المتوقع بعد 24 تشرين الثاني والذهاب بلبنان الى المجهول.
واتفقت الأكثرية العددية في مجلس النواب على تعطيل الانتخابات الرئاسية إذا تعذر انتخاب رئيس بأغلبية النصف زائد واحد وايصال مرشح منهم الى كرسي الرئاسة، وأبرز بند في هذا الاتفاق هو دفع الرئيس فؤاد السنيورة الى سد الفراغ الناجم عن انتهاء ولاية رئيس الجهورية اميل لحود، وذلك بدعم قوي من الولايات المتحدة الأميركية.
الدفع الأميركي نحو فراغ الرئاسة الأولى وحصر السلطات في حكومة السنيورة المدعومة من فريق 14 شباط لم يعد مجرد تحليل سياسي متشائم، بل هو كلام علني سيسمح للإدارة الأميركية في المرحلة المقبلة بإدخال لبنان الى "محور الاعتدال العربي" ونزع المقاومة منه، ما يجعل أسباب العداء مع "اسرائيل" لا قيمة لها.
مقدمات الفراغ توزعت أوامر أميركية على الفريق المتحالف معها للإمساك بالسلطة بقوة وسد الثغرات القانونية التي يمكن ان تنفذ منها المعارضة أو يمكن ان تشكل لها حجة دستورية أمام المجتمع الدولي، لذلك وانطلاقاً من ضرورة انجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده، وتجنباً للفراغ الكبير، وحتى لا يحدث الانقسام الوطني تُصر قوى السلطة على انعقاد جلسة الانتخاب في موعدها وانتخاب رئيس بأغلبية النصف زائد واحد سواء في المجلس النيابي أو في أي مكان تتوافر فيه الشروط الأمنية.
هذا التمويه السياسي ظهر في تصريحات أركان 14 شباط الى حد الإعلان عن نيتهم التوجه الى قصر بيت الدين لعقد جلسة انتخاب الرئيس أو عقدها في فندق فينيسيا إذا تعذر انتقال النواب لأسباب أمنية الى المجلس النيابي أولاً أو الى بيت الدين ثانياً.
ليس هذا هو المهم، إنما ما يجري في السرايا الحكومي، حيث بدأ الرئيس فؤاد السنيورة ورشة سياسية لادارة البلاد ابتداء من 24 تشرين الثاني، وعقد سلسلة اجتماعات مع رجال القانون الدستوري لتبرير الاجراءات المقبلة وإعطائها صفة الشرعية.
وبحسب المعلومات المتداولة فإن الرئيس فؤاد السنيورة سيباغت الرئيس اميل لحود قبل حلول الموعد الدستوري لانتهاء ولاية رئيس الجمهورية بساعات ليعلن فشل جميع المبادرات في الاتفاق على اختيار الرئيس، وسيقدم حكومته باعتبارها الجهة المخولة انقاذ البلاد من الفوضى واستلام السلطة حتى يتم انتخاب الرئيس. ويعتقد السنيورة ان لعبة الوقت مهمة جداً، لأن هذه الخطوة ستُدعم عربياً ودولياً بسيل من المواقف المؤيدة، وأبرزها سيأتي من الولايات المتحدة الأميركية التي وعدت أقطاب "ثورة الأرز" بغطاء دولي سيصل إلى حد توفير مظلة من الحماية الدولية في مواجهة المعارضة، واتهامها بأنها تسعى لتنفيذ "انقلاب" بدعم سوري وايراني، ما يُبرر التدخل الدولي في لبنان.
محاولات الفرصة الأخيرة للحل تضيق يوماً بعد يوم فهل ينجح الحراك الإقليمي والأوروبي في ازاحة العراقيل الاميركية من أمام التفاهم بين اللبنانيين، او يتوقف هذا الحراك أمام اصرار أميركي على تجاوز القوانين الدولية في غزوه للعراق ويدخل لبنان في أتون أزمة لا تقل خطورة عما يحصل في العراق؟ هل تنجح المبادرات المحلية في الوقوف بوجه التعطيل الاميركي؟
المعارضة أعلنت انها ستعمل من أجل الوفاق حتى اللحظة الأخيرة، لكنها في المقابل لن تسمح بعودة لبنان إلى الوراء، ولن تسمح للولايات المتحدة الأميركية و"اسرائيل" بالقضاء على انجازات المقاومة في تحرير أراضيه من الاحتلال، والحيلولة دون دخوله نادي التطبيع السياسي والأمني والاقتصادي، كمقدمة لشرق أوسط جديد لا تزال ترى فيه واشنطن مدخلا الى الحل الشامل في المنطقة على قاعدة أمن "اسرائيل" مقابل أمن العرب لا مقابل أرضهم.
وبحسب تصور الادارة الأميركية فإن أي رئيس توافقي لن يساعدها في نقل لبنان الى محور الاعتدال العربي، ولا يمكن ان يتم لها ذلك إلا في ظل حكومة السنيورة، التي أجرت مراجعة لسنة من الحكم بدون الوزراء الشيعة، واعتبرت ان مرور الزمن على الحكومة وفر لها الشرعية السياسية والدستورية، ولرفع الذرائع سيعمد السنيورة الى اجراء تعديل حكومي لابعاد بعض الوزراء المترددين في خوض المواجهة مع المعارضة إذا وُجدوا وتحصين الحكومة بالتمثيل الشيعي، وتعتبر الفترة الانتقالية مبرراً لإجراء هذا التعديل.
وسيسعى السنيورة في مرحلة المواجهة الى سلوك أداء سياسي أكثر حزماً مما كان عليه طوال غياب التمثيل الشيعي، وهو سلوك كبلته المعارضة، وزادت من عزلته المخالفات الدستورية اليومية للحكومة التي اقتصر عملها على جلسات عُقدت لتمرير المحكمة الدولية وفشلت في ادارة البلاد سياسياً وأمنياً واقتصادياً.
قاسم متيرك
الانتقاد/ العدد1240 ـ 9 تشرين الثاني/نوفمبر2007

2007-11-12