ارشيف من : 2005-2008
انقلاب على الثوابت وإحكام السيطرة على الأطر التنظيمية: الأزمة تطفو على سطح "بيت الكتائب"
ما كان يُتداول بخفر في الكواليس وفي الغرف المغلقة خرج اليوم إلى "سطح بيت الكتائب" بطريقة فيها الكثير من علامات الاستفهام، خصوصاً أن الأمر يتعلق بتغيرات جذرية قد تطرأ على حزب الكتائب من خلال مؤتمره الاستثنائي الذي سينعقد في 14 و15 و16الجاري، وهي متغيرات لا تطال فقط بنودا أساسية في نظامه الداخلي، لا بل في مقاربته الفكرية والسياسية تجاه مختلف القضايا الشائكة التي تعيشها البلاد، وكان للكتائب مواقف معروفة منها.
وإذا كان المؤتمر يحمل في عنوانه الظاهري إدخال تعديلات في النظام الداخلي وفي هيكلية القيادة، إلا ان الخطورة تكمن حسب مصدر مطلع داخل الكتائب، في "الانقلاب" على بعض الصيغ السياسية لهذا الحزب، من خلال ما يسعى إليه نجل الرئيس الجميل "سامي"، من وضع مفاهيم تعمل على إعادة إحياء نظرية النظام الفيدرالي، وهي صيغة تدغدغ مشاعر الأخير منذ أن أنشأ ما يسمى "حلف لبناننا".. بينما يتبين في المعطيات الداخلية للحزب ان هذه الصيغة ـ المشروع التي ما فتئت تشكل حلم الأخير، باتت مرهونة ـ كما يؤكد المصدر ـ بمدى هضمها وقابليتها في المرحلة التي سُيقدم عليها حزب الكتائب، والتي يعتبرها البعض خارج العقيدة الكتائبية.
ولكن هل سنكون أمام "كتائب" جديدة وفق منطوق استراتيجي مغاير؟ هذا السؤال شغل بال الجميع، لا سيما منهم الكتائبيين الذين خرج بعضهم حديثا من بيت الكتائب، خصوصا ان "الاستراتيجية" الجديدة تقوم على إحكام القبضة بالكامل على الحزب من قبل الرئيس الجميل بعدما يكون الأخير قد طعّم المكتب السياسي الجديد بوجوه تدين له بالولاء ومنسجمة مع توجهه إلى حد التطابق ـ كما يقول المصدر ـ ما يعني أن "الرأي والرأي الآخر" في اللعبة الديمقراطية المتعارف عليها داخل الحزب لن تكون قائمة بعد اليوم.
صحيح ان حزب الكتائب عقد مؤتمره العام في السادس والعشرين من تشرين الثاني من العام 2005 تحت شعار "التوحيد والتجديد" وكرّس المصالحة بين أجنحة الكتائب المختلفة، لكنه لم يتصالح مع الطروحات السياسية التي كان يحملها فريق رئيس الحزب كريم يقرادوني، فجاءت المرحلة التي تليها لتكشف عن عمق الخلاف السياسي بين الفريقين. ويؤكد المصدر في هذا المجال أن "توحيد الحزب في ما مضى جاء على عجل ولم يدخل في العمق، وبالتالي الأفكار التي كانت موجودة قبل انعقاد المؤتمر ستزول تدريجياً".
و"الكتائب" التي كانت قبل عقد ونيف من الزمن تعكس وجدان الشارع المسيحي، ارتبط "عصب" وجودها اليوم ببقاء فريق 14 شباط، وليس أدل على ذلك الكلام المنسوب الى الرئيس الجميل من أن الكتائب ستدافع من اليوم وصاعداً عن أفكار هذا الفريق.
وبات واضحاً أن الأفكار التي يحملها سامي الجميل وفريقه إلى داخل الحزب تشي بشيء من التغيير في عقلية الحزب، على الأقل في المدى البعيد، "ما يعني أن هناك تغيرا لدور تاريخي كامل لحزب الكتائب".
مصدر آخر من داخل حزب الكتائب يقرأ في كل ما يجري اليوم أنه محض "صراع على السلطة، وأن كل الطروحات والافكار التي يجري الحديث عنها بما فيها أحلام "سامي"، تسقط لقاء بقاء آل الجميل في صدارة الحزب". لافتاً الى ان "الحديث عن الفدرالية هو من النظريات التي تتبدل وفق اللعبة السياسية داخل الحزب".
ويعود المصدر بالذاكرة إلى "التفاهم الذي كان قائماً بين الوزير بيار الجميل وكريم بقرادوني لجهة تمهيد الأرض للأخير لاستلام رئاسة الحزب، غير أن اغتياله خلط الأوراق مجدداً، وبالتالي لم يعد مستساغاً إدارة الحزب برأسين، فيما الجميل راهناً يمارس صلاحيات مزدوجة، وهو أمر لم يعد مقبولا من جانب بقرادوني الذي سيقدم استقالته أثناء انعقاد المؤتمر".
ويدور البحث من جانب آخر عن الأسباب الكامنة وراء إحداث تغيير في الأطر التنظيمية في الحزب، خصوصا لجهة كيفية انتخاب أعضاء المكتب السياسي. وهنا يتساءل المصدر عن "سبب تعيين رئيس الحزب في الهيكلية الجديدة 4 أعضاء للمكتب السياسي"، ما يعني بحسب المصدر "ان الحزب سيتحول من مؤسسة ديمقراطية إلى حزب رئاسي". لافتاً الانتباه إلى "ان الحزب في المرحلة القادمة مقبل على ضعف، وسنشهد خروجا لكتائبيين، وذلك تعبيراً عن استيائهم من الواقع الجديد للكتائب".
ح.ع
الانتقاد/ العدد1244 ـ 7 كانون الاول/ ديسمبر2007