ارشيف من : 2005-2008
فضيحة جديدة" للكذابين الجدد" وانتصار كبير للحق النووي الايراني
طهران ـ محمد محسن
"صفعة جديدة لعنجهية بوش"، "عاصفة NIE تهب في واشنطن فتربك الغرب وتقلق اسرائيل"، "اخيرا اعترفوا بحقنا النووي"، "انتصرت الارادة الايرانية على الكذابين الجدد".. وغيرها من عناوين الصحف الايرانية التي لا تحاول اخفاء الشماتة وزهو الانتصار على ادعاءات اميركية فارغة شغلت الرأي العام العالمي واستعملت كورقة ابتزاز لمجلس الامن حول التسلح النووي الايراني في معرض تعليقها على الكشف عن تقرير 16 وكالة مخابرات اميركية NIE بعد ضغوط من الرئيس الاميركي استطاعت ان تؤخره شهرا، وان تكشف فقط عن 9 صفحات من تقرير يصل الى 100 صفحة!
بهجة الانتصار هي الانطباع الاول السائد في الاوساط الايرانية الشعبية منها والرسمية, وكما يقول المتابعون للملف النووي ان تقرير NIE قد شكل مفصلا ونقطة انعطاف في تاريخ المقاومة الايرانية لاثبات الحق النووي السلمي الايراني، وقد جاء هذا التقرير الواضح في نفي التسلح النووي بعد تقرير البرادعي الشهير الذي احرج ادارة بوش الضاغطة على الغرب ومجلس الامن لاصدار قرار ثالث بالعقوبات على ايران، وان يقوي وجهة النظر الايرانية (والروسية ـ الصينية) في دول 5+1 باعادة الملف برمته الى وكالة الطاقة الدولية وإبعاده عن الاستغلال السياسي الاميركي.
وقد غطت اخبار تقرير المخابرات الاميركية على اللقاء الاخير الذي جمع كبير المفاوضين الايرانيين جليلي بممثل الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا والذي عبر فيه الاخير عن "خيبة أمله"، هذه الخيبة التي اوضحها الرئيس الايراني حين اشار الى ان الطرف الاوروبي (سولانا) قد قال صراحة لنا لم نرغب منذ البداية ان تمتلكوا الطاقة النووية، ولكن ما العمل وقد استطعتم الحصول على العلم والتقنية ووصلتم الى تخصيب الاورانيوم! هذا الاعتراف الاوروبي مثّل محاولة مكشوفة للالتفاف على نتائج تقرير البرادعي الايجابي فحمل سولانا ـ كما افادت مصادر متابعة لـ"الانتقاد" ـ اقتراحا قديما باسم "تايم اوت" او التعليق المزدوج، حيث تعلق ايران عمليات التخصيب وفي المقابل يتم تعليق العقوبات وعدم اصدار قرار ثالث من مجلس الامن، الامر الذي اعتبره الايرانيون رجوعا الى الوراء وتضييعا للوقت في اقتراحات كانت قابلة للبحث منذ سنتين اما الآن فقد انتهى تاريخها واصبح موقف ايران اقوى بكثير.
في تحليل ابعاد وآثار وتوقيت هذا التقرير ينبغي التأمل والانتظار لمعرفة ما يدور في خفايا البيت الابيض والموسم الانتخابي والصراع الجمهوري ـ الديموقراطي على خلفية سياسات وعنتريات بوش الذي استحق لقب اكذب سياسي اميركي في استطلاعات الرأي العام ولسنوات عديدة.
النائب الايراني "فلاحت بيشه" قال ان التقرير على الرغم من ايجابياته يحمل في طياته "كمينا وفخا استراتيجيا" حيث انه يشير الى ان ايران قد اوقفت عام 2003 انشطة نووية عسكرية مزعومة، الامر الذي التفت اليه وزير الخارجية الروسي لافروف مؤكدا انه لا معلومات عن نشاط كهذا لا قبل 2003 ولا بعدها.
اما لماذا 2003، فيشير ممثل القائد في مجلس الامن القومي والمفاوض الايراني السابق على لاريجاني الى انهم يريدون الايحاء انه وفي العام 2003 وبعد احالة الملف النووي الى مجلس حكام الوكالة، وبالتالي السير به الى مجلس الامن, قد تراجعت ايران واوقفت نشاطها العسكري وهم بذلك يحاولون ضرب عصفورين بحجر واحد:
الانسحاب والتراجع حاليا عن نغمة الخطر العسكري والضربة العسكرية ما يخفف حدة التوتر ويشكل مخرجا مقبولا نسبيا عند الرأي العام الاميركي بعدم وجوب القيام بضربة فورية كما كان بوش يروج, وفي المقابل يحاولون التأكيد بأن الضغوط السياسية والاقتصادية الغربية قد اثمرت واعطت نتائج ايجابية حيث تراجعت ايران سابقا و"يمكننا الان ان نضاعف العقوبات والضغوطات كي تتراجع ايضا عن تخصيب الاورانيوم"!
الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد المتجول بين مدن محافظة ايلام وقراها النائية اكد ان هذا التقرير وان كان في الظاهر طريقة للخروج بما تبقى من ماء الوجه من المأزق الاميركي في الظاهر الا انه في الحقيقة هو انتصار كبير للشعب الايراني في المسألة النووية واثبات لزيف وكذب الادارة الاميركية, مضيفا اننا لن نتراجع قيد انملة عن انجازاتنا النووية التي تعتبر اكبر انتصار في العقد الاخير من تاريخ ايران, لقد انتهت اللعبة واعترف الاعداء ونحن مستمرون بكل قوة وعزم.
وفي السياق نفسه اعلن برويز داوودي النائب الاول لنجاد ان الخطوة التالية لايران هي انشاء مفاعلات للطاقة النووية والتخصيب المستقل بدون الاستعانة بدول اخرى وبالاعتماد على تجارب ايران في هذا المجال، والبدء عمليا باستخدام الطاقة النووية بدل انواع الطاقة الاخرى.
الجو الاعلامي الغربي لم يستطع اخفاء التخبط والكذب الاميركي فيما يتعلق بالتقرير الجديد، واشارت اغلب وسائل الاعلام إلى ان ورقة الضغط والتهويل قد سقطت من يد بوش، وان على الاوروبيين ان يراجعوا حساباتهم بعد ركضهم طويلا خلف مغامرات بوش الهوجاء في الشرق الاوسط والخليج وحربه العالمية الثالثة.
تفاعلات هذا التقرير ستلقي بظلالها بقوة على احداث الملف بعد شهادة المخابرات الاميركية المؤيدة لتقرير البرادعي.
انجاز جديد يضاف الى سجل حافل ولكن الفرق انه جاء من "معسكر الاعداء" هذه المرة! وعلى كل فإن "الاحتياط الايراني لا يترك" فمع الانتصار الجديد يتزايد الحذر والدقة في ادارة الصراع المتنوع الأشكال.
الانتقاد/ العدد1244 ـ 7 كانون الاول/ ديسمبر2007