غزة ـ عماد عيد
شكّل خروج حجاج قطاع غزة من معبر رفح الى الاراضي المصرية ومنها الى السعودية لتأدية مناسك الحج والعمرة ضوءاً من الامل في نهاية النفق المعتم الذي يعيشه القطاع بسكانه المليون ونصف المليون منذ اكثر من خمسة اشهر.
فقد جاء هذا الخروج في الوقت الذي رجحت غالبية المصادر الفلسطينية وغير الفلسطينية عدم فتح المعبر الحدودي وخروجهم من معبر بيت حانون شمال قطاع غزة، ومن ثم معبر العوجة، في حين قالت حماس انهم سيخرجون من معبر رفح.. ومن حيثيات الخروج وتفاصيله يتضح ان تفاهما ان لم يكن اتفاقا ما حصل بين حماس والمصريين بشكل مسبق حول هذا الامر، وابعد من ذلك فإن الترجيحات ان يكون الامر مرتبطا بالاطراف الرئيسية الكبرى بما في ذلك الكيان الصهيوني الذي يتحكم بشكل اساسي في معابر قطاع غزة حتى بعد انسحابه، وكذلك الامر مع الرئيس الفلسطيني املا في ان يشكل بادرة لعودة الحوار بين فتح وحماس في القاهرة، وان كان سيستغرق الامر كثيرا من الوقت للوصول الى مثل هذا المشهد، غير ان بعض المصادر المحلية اكدت وجود تفاهم وان بعض بنوده تحققت على ارض الواقع.
فقد ذكرت هذه المصادر ان حركة حماس ممثلة بالشرطة في حكومة غزة اغلقت عشرات الانفاق على الجانب الفلسطيني من الحدود مع مصر بالتنسيق مع المصريين، بالاضافة الى تطور ومرونة في ملف شاليط تمثل بنقل رسالة من شاليط وأخرى اليه بوسيط من الصليب الاحمر الدولي في تطور اعتبر الاكبر منذ أسر شاليط على يد ثلاثة فصائل فلسطينية، وما زالت حماس تحتفظ به لديها، واذا ما صحت هذه المعلومات بشكل دقيق فإن تطورات يمكن ان تعقب هذا الخروج للحجاج.
وقد علمت الانتقاد ان السلطات المصرية وافقت على استضافة نحو خمسين قياديا من مختلف الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وذلك لاجراء حوارات معمقة على صعيد ملف التهدئة وملف شاليط في ظل السياسة الصهيونية الجديدة التي كثفت فيها الغارات برغم عدم اطلاق صواريخ الى العمق الصهيوني بنفس الوتيرة التي كانت سائدة في اوقات سابقة، ووفق المصادر التي تحدثت عن هذه المعلومات فإن هذه اللقاءات من المتوقع ان يبدأ بالتحضير لها خلال الاسبوع القادم، وانها ستتركز بشكل خاص على موضوع التهدئة، واضافت هذه المصادر ان استئناف الحوار بحاجة الى مزيد من الخطوات التي يمكن ان تتخذ خلال الفترة المقبلة لتعزيز هذا التوجه.
هذا في وقت استمر فيه الحصار الصهيوني على قطاع غزة بشكل لم يسبق له مثيل، وبلغ ذروته بموت نحو سبعة وعشرين مواطنا من المرضى الذين تعذر عليهم الخروج من القطاع للعلاج، في حين قلصت اسرائيل تزويد القطاع بالوقود الى ربع احتياجه اليومي، وهو ما حدا بأصحاب محطات الوقود الى رفض استلام هذه الكميات المقلصة ما عمق الازمة في القطاع الأمر الذي يضفي المزيد من المعاناة على المواطنين في قطاع غزة.
في ذات الوقت استمرت قوات الاحتلال الصهيوني في تكثيف اعتداءاتها إذ نفذت منذ بداية الشهر الجاري أربع غارات اصابت مباشرة مجموعات من المقاومين الفلسطينيين، وادت الى استشهاد ستة عشر مقاوما واصابة نحو عشرين اخرين بجراح غالبيتهم العظمى من كتائب القسام التابعة لحركة حماس، في حين بلغت حصيلة الشهداء بعد مؤتمر انابوليس بالولايات المتحدة الاميركية اثنين وعشرين شهيدا، وأكثر من خمسة وعشرين جريحا، غالبيتهم من القسام.
وقد ذكر الجيش الصهيوني ان سياسة جديدة بدأ الجيش بانتهاجها في القطاع عقب انابوليس تقضي بضرب مجموعة فلسطينية مقابل اية قذيفة هاون تطلق من القطاع، ومقر تابع للشرطة في غزة او لكتائب القسام مقابل كل صاروخ يطلق، وعملية واسعة مع عدة غارات مع سقوط كل اصابة او مقتل احد من الاسرائيليين جراء اطلاق الصواريخ.
ومما هو واضح على الارض فإن القصف يتركز بشكل خاص ضد كتائب القسام وذلك باعتبارها تابعة لحماس، وباعتبار أن حماس هي التي تسيطر على قطاع غزة. ويبدو ان الجيش الصهيوني يريد من وراء هذه السياسة الضغط على حماس ليس فقط لوقف اطلاق الصواريخ، وانما الضغط على الفصائل لوقف هجماتها ايضا، والا فإن الخيار سيكون مزيدا من الغارات والقتل... اما في الضفة فما زالت عمليات استباحة الاراضي الفلسطينية مستمرة وتنفيذ عمليات فيها تتوج غالبا باعتقال فلسطينيين، وعلى سبيل المثال فقد اعتقلت القوات الصهيونية اكثر من اربعين فلسطينيا في ليلة واحدة صبيحة الافراج عن اكثر من اربعمئة فلسطيني من السجون الصهيونية، وهو ما يضع علامة استفهام حول جدوى عمليات الافراج. وذلك الى جانب علامات الاستفهام التي تضعها غالبية الفصائل على عمليات الافراج هذه بسبب التمييز على اساس الانتماء السياسي في هذه الافراجات، فالغالبية العظمى ممن افرج عنهم هم من حركة فتح، وهو ما يعتبره البعض تدخلا صهيونيا في الشؤون الداخلية الفلسطينية، وتأييد طرف على حساب طرف، ومحاولة صهيونية لاستغلال الانقسام الحاصل في البيت الفلسطيني، وهو استثمار ظل عنوان السياسة الصهيونية خلال الفترة الاخيرة خصوصا في مؤتمر انابوليس.. وقد ذكرت مصادر فلسطينية ان الرئيس محمود عباس سوف يجري تعديلات على الوفد الفلسطيني المفاوض بإخراج ياسر عبد ربه من عضوية الوفد فضلا عن تشكيل اثني عشر وفدا اضافيا، كل وفد مكلف بقضية من قضايا الحل النهائي.
الانتقاد/ العدد1244 ـ 7 كانون الاول/ ديسمبر2007