ارشيف من : 2005-2008
نقطة حبر: عالم الوحدة
شاء الله تعالى أن يمتحن إيماننا في هذه الدنيا ببعض الابتلاءات الصغيرة والكبيرة، اليسيرة والمؤلمة، وذلك لقوله تعالى في كتابه الكريم: "لننظر كيف تعملون".. وكأنه بذلك يحدد لنا الوجهة التي ينبغي لنا أن ننظر اليها في عملنا ونسعى لنيل رضاها، وهي نظرة رب العالمين الينا. ينطوي القول الآنف على استبعاد أي تقييم دنيوي ـ من أهل الدنيا ـ لأعمالنا إذا كان هذا التقييم لا ينسجم مع النظرة الإلهية لأعمال الإنسان، ولكن من تراه يستطيع الخروج من معادلات الدنيا وحساباتها وتقويماتها؟ من تراه يستطيع أن يقوم بعمله اليومي ولديه الإحساس المكين بأن القاهر فوق عباده يراه ويمنحه نظرة مشرقة أو أخرى غاضبة؟ من تراه يرتّب أيامه وساعاته التي منحه إياها الله على قاعدة رضا مانع هذه الأيام وهذه الساعات.
لا شك في أن هذا يحتاج إلى توفيق إلهي، لأنه يتطلب دخولاً في عالم الهداية من الباب الواسع، حيث يحتل الخالق في نظر المخلوق المكان المحوري والأولوية القصوى لكل الاعتبارات والأقوال والأفعال والتصرفات الصغيرة والكبيرة، مع نفي كلي لما عداه من الفعاليات والمؤثرات.
الإمام الخميني يصف هذه المرحلة من مراحل السلوك بمرحلة التوجه من عالم الكثرة إلى عالم الوحدة، ويضعها في إطار التوحيد الحقيقي.
"النفري" في مواقفه ومخاطباته يطلق على كل ما هو سوى الله كلمة "السوى" ويقول: "وقال لي لا تحجني عن بيتك فإنك أقمتني على بابه وغلقته من دوني، أقمتك على كل أبواب السوى ذليلاً وأظهرت تعزهم عليك".
ولا يخفى أن المقصود بالبيت هو القلب، وإذا كان القلب متعلقاً بهذا السوى فإنه سيكون عبداً لهذا السوى ولكل متعلقاته.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد1244 ـ 7 كانون الاول/ ديسمبر2007