ارشيف من : 2005-2008
هل اختار شاكر العبسي رئيسنا المقبل؟
أبرز كاشفي فضيحة إيران ــ كونترا غايت سنة 1980. إلامَ يستند باري في اتهامه؟ بكل بساطة، إلى الرسالة المصوّرة والمسجّلة التي وزّعها زعيم تنظيم القاعدة في 29/10/ 2004، أي قبل 4 أيام على موعد الأميركيين للاقتراع لاختيارهم رئيساً جديداً، بين المرشحين بوش وجون كيري.
وفي الواقع، لم يكن باري صاحب تلك النظرية الوحيد. ذلك أن رون ساسكند، عرضها بإسهاب، ونقلاً عن محللين بارزين في السي آي إي، في كتابه الشهير «عقيدة الواحد بالمئة». نظرية المؤامرة المتوهّمة دائماً؟ ربما، لكن عناصرها لا تخلو من التماسك: أدرك بن لادن أن أفضل حليف موضوعي له هو بوش. ذلك أن بقاء الكاوبوي في البيت الأبيض 4 أعوام إضافية، يعني حتماً استمرار الحروب الأميركية على العالمين العربي والإسلامي، وبالتالي استمرار تحوّل شعوبهما نحو الأصولية المتطرفة، وتحويلهما حقلاً خصباً للبذار «القاعدية». لذلك قرّر بن لادن قبل 4 أيام من الانتخابات الرئاسية الأميركية دعم «حليفه» في شكل ملتوٍ: رسالة فيديو تهدد بوش وشعبه، فيتعبّأون لنصرته والاقتراع له، يفوز بوش ويربح بن لادن.
ثمّة قراءة مماثلة بدأت تتكوّن لدى الكثير من المراقبين اللبنانيين اليوم، وعنوانها أن شاكر العبسي، هو من اختار الرئيس المقبل للجمهورية اللبنانية. لكن السؤال الذي لم يكشفه تحليل المراقبين أنفسهم، هو من يقف خلف العبسي، في هذا الخيار والاختيار.
وتوقّف المراقبون عند التساؤلات ــ المفارقات الآتية:
أولاً، هل هي مجرّد مصادفة أن يأتي شاكر العبسي من الأردن إلى لبنان عبر سوريا، وأن تنطلق التسوية الرئاسية اللبنانية مع زيارة الملك الأردني عبد الله الثاني إلى دمشق؟ والسؤال الساذج في سطحية ربطه بين الحدثين، يخفي في طياته أكثر من إشارة إلى الدور الأمني الأردني في لبنان، منذ اندلاع أحداث 13 نيسان 1975، حتى الحديث عن تدريبات لمناصرين للسلطة في عمّان، مروراً بالدور الشهير لمطار العاصمة الأردنية، معبراً اضطرارياً أميركياً إسرائيلياً للوصول إلى بيروت، بعد انتهاء عدوان تموز في 14 آب 2006.
ثانياً، ما هذا الرابط الغريب بين لاعبي تلك المعادلة؟ من انتقال زعيم «فتح الإسلام» إلى عاصمة الشمال، إلى مداهمته ليل 20 أيار من جانب جهاز أمني يتردّد مسؤولوه على عمان في شكل شبه دوري، وصولاً إلى اختفاء العبسي من بين أرتال المحاصرين لمخيم نهر البارد بعد سقوطه في 2 أيلول الماضي، انتهاءً بمصادفة الإعلان عن ترحيل زوجة العبسي إلى عمّان بالذات، في اليوم الأول من الفراغ الرئاسي في 24 تشرين الثاني الماضي. علماً أن الزوجة المذكورة كانت قد أمضت أكثر من 4 أشهر تنتظر ترحيلها، وعلماً أن التأخّر المزعوم، كان دوماً يبرّر بوجود إشكالات معروفة في العلاقة بين المرحّلين من جهة وبين السلطات الأردنية من جهة أخرى.
ثالثاً، ما العلاقة بين إعلان النائب السابق ناصر قنديل عن أن التوافق على العماد سليمان قد تمّ بين الأميركيين والسوريين في حزيران الماضي، وبين الموقف الذي أعلنه قائد الجيش في 14 آب الفائت عن تلك المعادلة الذهبية لتصنيف «فتح الإسلام»: لا هو صنيعة المخابرات السورية ولا هو نتاج الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة فؤاد السنيورة. وهي المعادلة التي جعلت الكل يربح في نهر البارد، والتي مهّدت على ما يبدو لخطة الهرب الفاشلة من المخيم المحاصر بعد أسبوعين، والتي كانت نتيجتها مصادفة الانتصار على «التنظيم القاعدي» عشية افتتاح البازار الرئاسي اللبناني إقليمياً ودولياً؟
رابعاً، هل من رابط بين العناصر المتخيَّلة السابقة من جهة، وبين العلاقة الجنبلاطية ــ الأردنية الوثيقة، و«العشاء السرّي» الذي جمع رئيس اللقاء الديموقراطي إلى قائد الجيش في 5 تشرين الأول الماضي من جهة أخرى؟ علماً أن تلك المرحلة تزامنت مع بداية الانعطاف الجنبلاطي الشهير، وعزوفه عن «تفجير» النظام السوري بالسيارات المفخّخة، واكتفاء سيد المختارة بتفخيخ السبل المتاحة أمام مرشحي فريق الموالاة؟
خامساً، أين أصبح السؤال عن مصير شاكر العبسي نفسه، بعدما تأكد منذ 5 أيلول الماضي خطأ المحاولة التي اعتُمدت للإيهام بأنه قتل في نهر البارد؟ وأين أصبح التحقيق في الجهة التي انتهى إليها، وفي الطريقة التي مكّنته من الهرب؟ والسؤال نفسه، ينسحب على مصير أبو سليم طه، الذي بات في قبضة السلطة منذ 15 أيلول الماضي، ورغم مضيّ 3 أشهر على اعتقاله، لا معلومات عن أسراره الموعودة، وخصوصاً أن اعتقال طه ترافق مع تسريبات عن العلاقة بمسؤولين لبنانيين كثر، كما بجرائم باتت أمام القضاء، من دون أن يبلغ الأمر حد «علنية المحاكمة».
... يعترف روبرت باري ورون ساسكند، بأن حال عداء حاد هي ما يربط بوش ببن لادن. لكن من قال إن السياسي لا يحتاج إلى الأعداء، وأحياناً أكثر من الأصدقاء وحتى الحلفاء، وخصوصاً متى كان العدو مقنعاً لهؤلاء برعبه، أكثر ممّا يقنعهم السياسي نفسه بطرحه!
المصدر: صحيفة الاخبار اللبنانية