ارشيف من :ترجمات ودراسات

خيارات العدو أمام صواريخ حزب الله

خيارات العدو أمام صواريخ حزب الله
حسان ابراهيم
يكشف محلل الشؤون العسكرية في القناة الاولى في تلفزيون العدو "يؤاف ليمور" المعروف بقربه من المؤسسة الامنية وصانعي القرار في الكيان، ان "اسرائيل" في معضلة حقيقية حول مشكلة الصواريخ، هل تتخذ قرارا بضرب ما تقول انها صواريخ استراتيجية تنقل من سوريا الى لبنان، او تضبط نفسها دون حراك.. وهذا هو السؤال المركزي حاليا، وفي هذه المرحلة، بما يتعلق بالمواجهة الصامتة بين المقاومة و"اسرائيل".
يشير الواقع الى ان العدو الصهيوني قد اعتمد استراتيجية ضبط النفس، الى الان، فهو برغم انه يؤكد تواصل وصول هذه الصواريخ الى لبنان، يبقى دون حراك و"يضبط النفس"، وهذا المصطلح (ضبط النفس) يعني بكلمات اخرى انه درس خياراته، وتداعيات اي عمل عسكري او امني قد يقدم عليه، ووجد ان لا فائدة في توجيه الضربة، او انه يخشى الرد على اصل توجيه الضربة من قبل المقاومة، ما دفعه في كلا الحالين، الى "ضبط النفس".
على شاكلة "ليمور"، صدرت في كيان العدو مجموعة من الكتابات في الفترة الاخيرة، بعد ان رفعت الرقابة العسكرية منعها للحديث عن صواريخ حزب الله النوعية، لعدم جدوى المنع، تناولت الاسباب التي تدفع العدو الى "ضبط النفس"، وهذه الكتابات يمكن ان تفيد في رسم صورة الوضع القائم بين "اسرائيل" والمقاومة، وميزان القدرة الموجود حاليا، الذي يفرض على "اسرائيل" عدم الحراك وتفضيل الصراخ على العمل، او كما يقول "ليمور" نفسه، "كثير من الكلام وقليل من الافعال".
ولتوصيف الواقع الاسرائيلي، تجدر الإشارة إلى حالتين:
في الحالة الاولى، حالة عدم الجدوى، فان توجيه الضربة العسكرية للقوافل، ودائما بحسب الرواية الاسرائيلية، يعني انها ستضرب قافلة من سلسلة قوافل، استمرت في العمل خلال السنوات الاربع الاخيرة التي اعقبت عدوان الكيان الصهيوني على لبنان عام 2006.. وهذا لا يعني شيئا قياسا على القدرات التي باتت المقاومة تملكها بالفعل. واذا قامت "اسرائيل" بعدوانها، فهي تمنع وصول قافلة واحدة، ضمن مجموعة من القوافل الاخرى.. أما أكثر من ذلك، فلا قدرة لـ"اسرائيل" على ضرب كل قافلة تمر الى لبنان، فعليها ان تواصل توجيه الضربات، ويوميا، وبشكل مستمر بلا انقطاع، وهذا امر منتف منطقيا. ومع ذلك، وحتى مع فرضية القدرة غير الموجودة منطقيا، فان مشكلة اسرائيل ان قدرة حزب الله قد وصلت الى حدود تتيح بذاتها للمقاومة مقارعة "اسرائيل" ومنع اعتدائها على لبنان، وهذا ما لا تخفيه اسرائيل بل وتقر به.. يقول محلل الشؤون العسكرية في القناة العاشرة الاسرائيلية، الون بن دافيد، نقلا عن محافل عسكرية اسرائيلية رفيعة المستوى، ان ما لدى حزب الله يتيح له ايجاد توازن ردع، وما هو موجود هناك، اي في لبنان، يمنع عن "اسرائيل" اتخاذ قرار المواجهة العسكرية.. خلاصة ذلك، ان لا جدوى من توجيه ضربة الى القوافل، ومنع تراكم قدرات المقاومة العسكرية، لانها قادرة بالفعل، حاليا على صد اعتداءات "اسرائيل" بلا اضافات جديدة.. وهذا يعني ان الخيار بلا جدوى.
في الحالة الثانية، اي حالة رد المقاومة على توجيه ضربة للقوافل، فان المشكلة تكون اصعب واكثر تعقيدا على " اسرائيل".. فمسؤولو الكيان وكتّابه ومعلقوه، يشددون على ان تل ابيب لا تريد الحرب ولا تسعى اليها.. ليس منّة منهم، بل لان الحرب في هذه المرحلة وفي المراحل التي تليها، ستكون مدمرة وبلا قدرة اسرائيلية على التعامل معها، وبالتالي لا يمكن تجاوزها وستترك تداعيات سلبية جدا على تل ابيب الى آماد غير منظورة.. وإمكانات الرد على توجيه ضربة عسكرية لما تقول اسرائيل انها قوافل سورية تنقل الصواريخ الى لبنان، قد تلزم "اسرائيل" برد مماثل، وهذا بدوره يلزم المقاومة برد اوسع واكثر اتساعا، وهي قادرة عليه وهذا ما تدركه اسرائيل تماما.. الامر الذي من شأنه ان يجر الى حرب، هي في الاصل ليست في مصلحة "اسرائيل".
في كلا الحالين، عدم الجدوى والخشية من الرد، تمتنع "اسرائيل" عن تفعيل ما ترى انها قادرة عليه عسكريا.. لكن في الواقع، كلا الحالين صحيحتان، وكلاهما تتشارك في منع "اسرائيل" من تفعيل اعتداءاتها.. لا جدوى من العدوان وتوجيه الضربة، لان ما بات لدى المقاومة كبير جدا وفاعل جدا، ومن جهة اخرى، الرد سيكون قائما.
انه انجاز يمكن ان يسجل لمصلحة المقاومة.. ان تمنع عن اسرائيل خياراتها الاعتيادية التي كانت تلجأ اليها ضد اعدائها في السابق، وتمنع عنها القدرة على توجيه الضربات الوقائية.. وهذه هي احدى نتائج الردع: ان تفهم عدوك ان ما سيقوم به بلا جدوى، وان الفائدة المرجوة من اعتدائه اقل بكثير من الخسائر التي سيتلقاها.
لم تكن "اسرائيل" في اي وقت من الاوقات، طوال العقود الماضية، اقل قوة مما هي عليه حاليا لجهة ما تملكه من وسائل قتالية متطورة وواسعة وامداد غير منقطع... لكنها في نفس الوقت لم تكن في اي وقت من الاوقات مردوعة امام اعدائها، كما هي حاليا مردوعة امام المقاومة.
2010-05-17