ارشيف من : 2005-2008

بقلم الرصاص: "خذوا ايران وأعطونا لبنان"!

بقلم الرصاص: "خذوا ايران وأعطونا لبنان"!

كتب نصري الصايغ
هل صحيح أن سياسة فرنسا باتت: "خذوا منّا إيران وأعطونا لبنان"! وهل يمكن أن تكون سياسة ساركوزي الجديدة: "فلنكن صفاً واحداً ضد التهديد الايراني واتركونا لوحدنا في لبنان"؟
إن مجرد وضع هذه المعادلة في أوروبا، يدل على أن الغرب يجهل ألف باء المنطقة، وتضاريس جملها الجيوستراتيجية. فكيف يمكن تبرير سياسة العقوبات على إيران، إذا كانت قد توقفت، كما تقول التقارير الاستخبارية الاميركية، عن السير ببرنامجها النووي العسكري، بدءاً من العام 2003؟ ربما، كان مفهوماً للغرب، ثم للعرب، أو العكس، أن تدعو واشنطن العالم العربي والاعتدال العربي، لممارسة سياسة الجدار والحصار، بتهمة الإخلال الإيراني ـ المزعوم ـ بـ"التعهدات" الدولية. ربما كان ذلك مفهوماً، أما الآن، فكيف تستقيم عقوبة هي ذاتها، إذا مارست إيران نشاطاً نووياً عسكرياً أو إذا تخلّت عن ذلك.
أي كيف يمكن قبول مبدأ العقاب على الذنب والبراءة؟
هل هذه سياسة معقولة؟
ألا تشبه هذه السياسة، الأكاذيب الأميركية، التي فضحتها الادارة الفرنسية سابقاً، داخل أروقة مجلس الأمن، عندما أعلنت بلسان كولن باول، أن لدينا من البراهين المثبتة (ولقد حاول ذلك) على امتلاك العراق أسلحة دمار شامل وبرامج أسلحة نووية، ولما لم يجد المفتشون أثراً لذلك، قال رامسفيلد: "إذا لم نجدها، فهذا لا يعني أنها ليست موجودة، فهي موجودة حتماً ولم نكتشفها بعد".
هل يمكن قبول وتصديق هذه الأكاذيب البلقاء؟
في المشهد السياسي الاقليمي، اصطفاف فرنسي خلف بوش، ان بوش  ذاهب إلى الحرب، فلنذهب معه، أو فلنمهد له الطريق، سياسياً، بوش ذاهب إلى تشديد الحصار، يتطوع ساركوزي في السباق المحموم من أجل اقناع الأوروبيين بجدوى بيع الجلد الإيراني، للدب الاميركي.
وليس مجدياً جداً، البرهنة على فشل هذا السباق المسعور، لحصار ايران، من أجل برنامج اعلنت اميركا أن طهران قد تخلت عنه، وليس مجدياً إذا صح الصحيح الأميركي، أن ساركوزي سيقبض الثمن من الحساب الأميركي في سوريا ولبنان.
على أنه من اللافت تراجع الصوت الأميركي في لبنان، لمصلحة جولات وصولات "الرفيق" برنار كوشنير، سبع رحلات سندبادية، أرفقت باتصالين هاتفيين بين ساركوزي والرئيس السوري بشار الأسد، ثم ألحقت "بوعد" مفاده استعداد ساركوزي لزيارة دمشق إذا تم انتخاب رئيس جمهورية توافقي في لبنان.
"خذوا ايران وأعطونا لبنان".
أعطت واشنطن فرنسا فترة سماح وفترة تجربة فطارت رهانات قوى أساسية في 14 آذار، وباتت ترى إلى الدور الفرنسي، أنه دور تخريبي، وخاصة أنها تجرأت على طلب صرف النفوذ السوري في لبنان، لمصلحة التوافق.
يخشى فريق الرابع عشر من آذار أن يصبح الشعار الفرنسي الجديد على أرض الواقع: "خذوا ايران ونحن وسوريا نأخذ لبنان".
ولن يصح ذلك أيضاً ذلك أن النظارات الاميركية في لبنان، تراه من ثقب الناقورة، إنها العين الاسرائيلية، وشتان ما بين علاقة الرضاعة بين تل ابيب وواشنطن وعلاقة الخالة، بين اسرائيل وفرنسا.
فرنسا لا تستطيع أن تكون البديل الأميركي ـ الاسرائيلي ولهذا، فالشوط الفرنسي، يقترب من نهايته، فالملعب الاقليمي، ما زال مربط خيل السياسة الاميركية.
الانتقاد/ العدد1245 ـ 14 كانون الاول/ ديسمبر 2007

2007-12-14