ارشيف من : 2005-2008

"اسرائيل" وأميركا لن تتخليا عن أهدافهما أياً كانت المسارات التي ستسلكها التطورات: ما هي آثار التطورات السياسية الأخيرة في لبنان على الاستراتيجية الإسرائيلية؟

"اسرائيل" وأميركا لن تتخليا عن أهدافهما أياً كانت المسارات التي ستسلكها التطورات: ما هي آثار التطورات السياسية الأخيرة في لبنان على الاستراتيجية الإسرائيلية؟

يحتل لبنان موقعا متقدما في سلّم اهتمامات المستويين السياسي والأمني في كيان العدو، كونه يتاخمه من الناحية الجغرافية، ولأنه يملك حدودا مشتركة طويلة نسبيا مع سوريا، ولوجود حزب الله الذي ألحق بالجيش الإسرائيلي هزيمتين تاريخيتين: دحره من اغلب الأراضي اللبنانية عام 2000، وتحطيم صورة الجيش الإسرائيلي خلال عدوانه الأخير على لبنان في تموز 2006.
هذه الوقائع إضافة إلى كون حزب الله يشكل سدا أمام حركة الإسرائيلي والأميركي في لبنان والمنطقة، ولأنه يعتبر خطراً على الأمن القومي الإسرائيلي، دفعت بلبنان إلى احتلال حيز أساسي في قمة أولويات كيان العدو، وجعلت من تغيير الواقع القائم في لبنان، بدءاً من نزع سلاح حزب الله وانتهاء بتغيير الخارطة السياسية، قضية ملحّة تستوجب المبادرة والسرعة في العمل.
من هنا فإن مجرد الافتراض، ولو من ناحية نظرية، بأن يكون الإسرائيلي يقف في موقع اللامبالاة تجاه التطورات السياسية الأخيرة التي شهدها لبنان، أمر مستبعد نهائيا مهما كان محتوى الخطاب السياسي والإعلامي العلني الذي قد يخضع لاعتبارات عديدة...
ولكن قبل استشراف موقع هذه التطورات وأثرها على الامن القومي الاسرائيلي، لا بد من التذكير بالرهانات الاسرائيلية الاستراتيجية السابقة التي اعتُمدت لمواجهة حزب الله في لبنان.
بعد دحار الجيش الاسرائيلي من لبنان تبنى هذا الجيش سياسة الاحتواء في مواجهة حزب الله تجنبا لفتح جبهة ثانية، في الوقت الذي كانت فيه انتفاضة الاقصى داخل فلسطين المحتلة في مرحلة الذروة، وخوفا من ان يؤدي توسع اي مواجهة مع حزب الله الى قصف العمق الإسرائيلي.
وفي سياق هذه السياسة راهن الكيان الإسرائيلي على تداعيات أحداث 11 أيلول ومن ثم على الاحتلال الأميركي للعراق في إخماد المقاومة في لبنان... ولكن بعد سقوط هذه الرهانات انتقل العدو إلى الرهان على تداعيات خروج الجيش السوري من لبنان، انطلاقا من الرؤية القائلة بأن المقاومة في لبنان أصبحت مكشوفة ومطوقة من "الجبهة الداخلية" للبنان، خاصة بعدما أمسكت الإدارة الأميركية بدفة الحراك السياسي الداخلي فيه من خلال قوى 14 شباط، ولكن هذا المسار لم يلبث طويلا حتى بان عقمه في القدرة على تحقيق الأهداف المرجوة منه أميركيا وإسرائيليا، وهو ما دفع إلى اللجوء للخيار العسكري المباشر عندما شن الجيش الإسرائيلي عدوانا واسعا على لبنان وحزب الله في أعقاب عملية الأسر التي نفذها مجاهدو حزب الله في الثاني عشر من شهر تموز 2006.
ولكن فشل الجيش الاسرائيلي في القضاء على القدرات القتالية والصاروخية لحزب الله او حتى في اضعافه الى الحد الذي يسمح لبعض القوى السياسية في الداخل اللبناني من تثمير ذلك سياسيا وامنيا وصولا إلى نزع سلاح حزب الله، ادى الى سقوط اهم امل ورهان لدى جميع هذه القوى لاستكمال الهيمنة على لبنان وتحويله الى منصة اميركية جديدة في المنطقة لتطويق سوريا وإخضاعها...
ولا يخفى كم راهنت قوى 14 شباط، بعد 14 آب (موعد انتهاء العدوان عام 2006) على امكانية تكرار سيناريو الحرب ولكن بشكل اوسع واشد ليشمل على الاقل سوريا ولبنان، لكنها وجدت نفسها في نهاية المطاف امام واقع سياسي اقليمي ومحلي وموازين قوى ادت الى اجبارها على التراجع وتجاوز ما اعتبرته ثوابت لا يمكن التخلي عنها في أي حال من الأحوال.
وهكذا وجدت "اسرائيل" نفسها مضطرة مرة أخرى للرهان على بعض القوى السياسية في الداخل اللبناني، لكن هذه المرة مقرونة بالتكامل المباشر مع الضغوط (او الخطوات) الخارجية على حزب الله وقوى المعارضة.
من هنا فإن اي ترتيب سياسي داخلي يريح المقاومة ويحول دون انطلاقة متجددة لمسار سياسي وامني يساهم في تطويق المقاومة واحتوائها تمهيدا لاي تطور مستقبلي... يشكل نكسة للإستراتيجية الاسرائيلية ولرهاناتها، خاصة في حال تمكنت قوى المعارضة، المحتضنة للمقاومة، من تثبيت وترسيخ وجودها في المواقع الاساسية التي تشكل مفاتيح ومداخل لطعن المقاومة من الخلف.
ولكن ما ينبغي ان يبقى حاضرا على الدوام هو ان كيان العدو ومعه الادارة الاميركية لم يتخليا عن اهدافهما في لبنان، ومنه، اياً كانت المسارات التي ستسلكها التطورات السياسية في لبنان.
جهاد حيدر

الهزات الارتدادية لفشل الحرب على لبنان
أزمة ثقة بين جنود الاحتياط والجيش الاسرائيلي
أدت حرب لبنان الثانية إلى موجة صدامات لا سابق لها بين جنود الاحتياط والجيش الإسرائيلي، إذ قامت سرايا كاملة بإرسال رسائل إلى رئيس الحكومة إيهود أولمرت، أعربت فيها عن عدم ثقتها بالقيادة السياسية، وأعلنت رفضها المثول لخدمة الاحتياط، في ظل الظروف السيئة للخدمة. 
وكشفت صحيفة معاريف انه منذ نهاية حرب لبنان الثانية، لُمس تراجع في عدد الجنود الذين يمتثلون لخدمة الاحتياط.  ففي الصيف الأخير هدد قادة سرايا في لواء النقب بأن الكثيرين منهم لن يمتثلوا لخدمة الاحتياط في المناطق، لأنهم خدموا أكثر من 70 يوما طوال عام. وفي نهاية الأمر نجح القادة في تهدئة الجنود وامتثل أغلبهم للخدمة كما هو مطلوب منهم، وفي حالات أخرى امتثل ما بين 60  إلى 70% من الجنود لخدمة الاحتياط.  ولكن الأمر اللافت كان ان هذه الاحداث مرتبطة بشكل خاص بالوحدات التي شاركت في حرب لبنان، في ضوء تآكل الثقة بين الجنود والقادة.  
وفي السياق نفسه ذكر المعلق العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، ان عشرات جنود الاحتياط، من إحدى السرايا التابعة لكتيبة سلاح المشاة، اعلنوا امتناعهم عن المشاركة في مناورة على مستوى كتيبة، احتجاجا على الظروف اللوجستية الرديئة في قاعدة "تساليم" وعلى تصرف مسؤوليهم، الذين ادعوا ان الجنود عادوا وتراجعوا عن قرارهم بعد عدة ساعات، لكنهم لم يشاركوا في المناورة بسبب صعوبات تنظيم نقلهم!!. ويعود احتجاج الجنود المنتسبين لوحدة الاقتحام، إلى أن الخِيم التي ينامون فيها لم تكن تحتوي وسائل تدفئة، برغم البرد في النقب. وكانوا قد طلبوا التحدث مع قائد الكتيبة لتقديم شكواهم أمامه، ولكن اللقاء تم تأجيله. واحتجاجا على ذلك، أعلن الجنود مقاطعة التدريب. وعلق ضباط مسؤولون على ما جرى بالقول إنهم ينظرون إلى الحادث بخطورة، إلا أنهم ادعوا بأن الأمر لا يتعلق بالرفض، لأن الجنود تراجعوا عن قرارهم.
معاريف ـ  بليكس فريش 7/12/2007
  
تدنّ حادّ في الرغبة بالخدمة العسكرية
الفشل الكبير في حرب لبنان الثانية، لا يمكن ان ينتهي فقط بإقصاء الفاشلين مثل "عامير بيرتس". بل هو كما في الهزة الأرضية, الهزات المرتدة لا تنتهي مع الهزة الرئيسية الكبيرة.
ولكن خلافاً للهزة, العواقب التي تلت الحرب قد تكون أخطر من الهزة الرئيسية. هذا ما بدأ يتضح شيئاً فشيئاً، وقبل أن تضع لجنة فينوغراد نتائجها النهائية. الظاهرة الأصعب هي التدني الحاد في الرغبة لدى الجنود في الخدمة العسكرية، في التطوّع وفي الاشتراك في الجهود القتالية. 
من يتجنّد في الجيش, بعد اعتراف وزير الدفاع ايهود باراك بأن "الجيش هو عسكر نصف الشعب" (وليس كل الشعب), لا يهتم كثيراً بالالتحاق بمجموعة الضباط، وهذه مسألة ليست ثانوية. فقد أثبتت حرب لبنان الثانية أن مجموعة الضباط الناشئة، تنازلت بملء إرادتها عن دورها. وبشكل عام, في السنوات الأخيرة، لا يعد شرفاً عظيماً ان تكون ضابطاً كبيراً في الجيش. وعندما ننظر إلى القاعة التي تشكل هيئة الأركان الحالية، ندرك السبب.
المعلومات التي ننشرها اليوم عن هذا الموضوع تؤكد المشكلة، إذ يواجه الضباط الكبار صعوبات في عملية تجنيد جنود جيدين كي يكونوا ضباطا. فلدى الجيش قلق كبير من ظاهرة تهرّب جنود متفوقين من الالتحاق بدورة ضباط, التي تستدعي أيضاً تمديد مهلة الخدمة الإلزامية لمدّة سنة على الأقل, ويقول قائد مدرسة الضبّاط, العقيد "اهارون حليفا" ان انخفاض الحافز للالتحاق بدورة ضباط خطير وظاهرة مقلقة. ويقول ان من يرفض الالتحاق بدورة ضباط هو مجرم، إذ من يكون مناسبا كي يكون ضابطا ويرفض هو مجرم بنظري، لان مسألة ان تكون ضابطا ليست مسألة اختيارية بل اجبارية.
ويكشف كلام "حليفا" الصعوبات المتزايدة التي تعترض تجنيد متطوعين في دورات ضباط الجيش في أعقاب الفشل الحاد في حرب لبنان الثانية. إذ ان هناك عدم ثقة متزايدة تجاه القيادة العامة للجيش، وعدد الجنود الجيدين المرشحين من وحداتهم للالتحاق بدورة ضباط والانخراط بشكل دائم في الجيش آخذ بالتقلص.
هذا ويقول عدد كبير من الجنود إنّ هناك حالة تراجع في التطوّع اختيارياً سواء لمستوى ضابط أو في الوحدات الميدانيّة في أعقاب حروب الاستنزاف التي تخوضها إسرائيل في الضفة حيال الفلسطينيين وحيال المستوطنين، ويقول احد الجنود: "لماذا عليّ التطوع والخروج للدفاع عن المستوطنين بجسدي في الضفة".
موقع عنيان مركزي ـ امير تسرويا/10/12/2007
الانتقاد/ العدد 1245 ـ 14 كانون الاول/ ديسمبر 2007

2007-12-14