ارشيف من : 2005-2008
باختصار: الحاكم بين الخادم والمخدوم
بدأت الحكاية عندما زار رئيس دولة نامية مع زوجته دولة عربية لا يمنعها من النمو سوى سياسة حكامها، استقبل الرئيس الزائر وعقيلته، انتهت الزيارة وغادر الزائران عائدين إلى بلدهما، ليجدا بعد فتح حقائبهما أن رئيس أو ملك تلك الدولة العربية الفارهة قد أهدى زوجة الرئيس الزائر جملة هدايا تراوحت بين الذهب والألماس والأحجار الكريمة، بما وصلت قيمته إلى مئات آلاف الدولارات.
هنا بدأ المشهد الحي من القصة فقد طلب الرئيس الزائر الذي تقبع بلاده في غياهب غابات الأمازون من حاكم تلك الدولة العربية التي تتربع على عرش الثروة النفطية التي منحها إياها الباري عزّ وجلّ بأن يسمح له بأن يعرض الهدايا الثمينة للبيع في المزاد العلني بداعي أن هذه الهدايا إنما أهديت للزوجة كونها زوجة رئيس البلاد ليس إلا، وعليه فإن شعب البلاد هو أحق بهذه الأموال التي ستذهب في حال تمت المسألة لتمويل برامج المساعدات الاجتماعية.
هو خبر يجسد بكل بساطة الفرق بين الحكام الذين ينتخبون ليكونوا في خدمة بلادهم وبين الحكام الذين ينصبون ـ بالوراثة أو بالانقلابات أو بأي وسلة أخرى ـ لتكون البلاد في خدمتهم.
هو خبر يجسد مشكلتنا المستعصية في بلادنا العربية، ويشير إلى مدى ترهل والدرك الذي وصلت إليه شعوبنا التي وفي القرن الواحد والعشرين ما زالت تقبل بأن ينصب على حكمها الورثة، وإن كانوا غلماناً أو أي شيء آخر.
هو خبر يجسد صرخة لكل حر في هذا العالم العربي مفادها أما آن الأوان لنترفع إلى مصاف الدول التي تحترم شعوبها حتى وإن كان يطلق علينا صفة النامية، أليست صفة تعني "عملية مستمرة بالنمو" أم أنه كتب علينا أن نبقى في مصاف دول العالم الرابع والخامس حتى؟...
حقاً ما خاب من قال كما تكونون يولّى عليكم؟
محمد يونس
الانتقاد/ العدد1246 ـ 21 كانون الاول/ ديسمبر 2007