ارشيف من : 2005-2008
بقلم الرصاص: المائت حيّ يرزق
نصري الصايغ
هل يمكن تسجيل الاستنتاجات التالية بعدما بلغ الانتظار ...... السنوات؟ هل نجرؤ على القول إن ما فات قد مات، وإن ما ظل قيد التداول قد دخل في الموات أيضاً؟ هل نجرؤ على القول تعب الانتظار منا، فمتى نصرفه من العمل؟
ما مات كثير، ولكننا مصرون على بقائه:
ـ النظام السياسي (الطائفي والأكثري والتوافقي) قد نفق، ويخشى أن نقتتل لإحيائه المستحيل.
ـ النظام الانتخابي التمثيلي فاسد، فلا هو طائفي كامل النقاء، ولا هو غير طائفي كامل الهندام، إنه ....... يمكن أن يكون تمثيلاً لطائفة بأصوات طائفة أخرى. فسد التمثيل واعتبر الفائز مارقاً وتابعاً ولا يحق له التمثيل الطائفي.. إن الاشتراك الطوائفي في انتخاب الممثل الطائفي لم يعد مجدياً، اعتمد من أجل الانصهار الوطني، فها هو في النتيجة يؤدي إلى الانفجار الطائفي.
ـ التمثيل الطائفي في الحكومة فاسد، فلا هو طائفي بالكامل، ولا هو منزه عنه، إذ يمكن أن يكون عضو سني في غير مجموعته، والمسيحي في غير ملته، والشيعي في غير موقعه.. إنه تزوير لإرادة العيش الطائفي الذي ....... شخصيات تمثل طائفة لكنها تنتمي إلى مجموعة طائفية أخرى، ويسمى ذلك في الكواليس: جماعة فلان.
ـ عملية انتخاب رئيس الجمهورية فاسدة، والدليل صارخ: فريق يتولى الدعوة إلى تطبيق حرفية الدستور وفق اجتهاده على قاعدة الأكثرية والأقلية، وفريق يتولى الاجتهاد لتطبيق التوافق، وهكذا وصل لبنان إلى النفق. طريق المنافسة بين الأكثرية والأقلية مغلقة بضرورة التوافق، والتوافق مغلق، إذ لا آلية موضوعة له، وهكذا يعيش اللبنانيون معادلات صعبة في آليات مستحيلة. فلو فرضنا أن التوافق ـ ولا آلية له ـ لم يحصل، ولو فرضنا أن أكثرية الثلثين ممتنعة، والنصف زائداً واحداً ممنوعة، ألا نكون قد بلغنا حالة الانتظار.
يلزم ايجاد آلية لدفن الميت، خاصة أنه مات من زمان، وقد قتلنا كثيراً في السابق.
ماذا نسمي حالتنا اليوم؟ يسألونك: "ماذا غداً"؟ "شو بدو بعد"؟ علماً بأن الذي سيحدث غداً قد حدث بالأمس، وأن الذي سيصير في المستقبل مرسوم في الواقع. لذا قيل: إن الشعوب المتخلفة تسأل: "شو بدو يصير بكرا"؟ فيما الشعوب المتقدمة تسأل: "شو بدنا نعمل بكرا". نحن غدنا مقيم في ماضينا، حذو الدم بالدم، لولا استثناءات قليلة.
بانتظار أن يفرج عن حالة الانتظار، وبعيداً عن ملء الفراغ المقيم بكلام سياسي مكرر، (يا إلهي، كم لهم من القدرة على إبداع التكرار!!!)، نحاول طرح الأسئلة التالية:
هل استنفذ النظام اللبناني المفروض أن يكون معمولاً به، فرصه كلها؟ هل بالإمكان العمل به بعد ما قتله بُناته؟ هل يمكن الزواج بين الطائفي ونقيضه الوطني؟ هل تحصل معجزة التوفيق بين الآلية الأكثرية (نظام الاقتراع والانتخاب) ولا آلية التوافق؟ هل يمكن إبقاء السلطة محمية من طوائفها وقياداتها وزعمائها وحاشيتها وكتّابها وإعلامييها وجمهورها، فتنجو من المحاسبة؟ هل وصلت المحاصصة إلى تفريع الدولة إلى اختصاصات محتكرة من طوائف مستنكرة من طوائف أخرى؟ هل ما زال اللبناني قادراً على البقاء في منزلة "انتظار الحل"، فإن حصل خاف عليه، وإن لم يحصل خاف من نفسه، وإن تأخر فكّر بالمجهول؟ هل لبنان وطن المواطنين، أم منفى "المواطفين"؟ هل يمكن أن نبني دولة بدل خيمة كراكوز؟ إلى آخره من الأسئلة قبل أن نبلغ "إلى آخرتنا"؟
الانتقاد/ العدد1246 ـ 21 كانون الاول/ ديسمبر 2007