ارشيف من : 2005-2008
شبح فينوغراد يلاحق اولمرت في كل مواقفه السياسية بسبب الهزيمة في لبنان
كتب جهاد حيدر
برغم ان جدول اعمال قادة العدو مليء بالتحديات والتهديدات الا ان شبح التقرير النهائي للجنة التحقيق حول فشل القيادتين السياسية والعسكرية في العدوان على لبنان، عام 2006، المعروفة باسم لجنة فينوغراد (نسبة الى القاضي الذي يترأسها الياهو فينوغراد) ما زال يلاحق رئيس الحكومة ايهود اولمرت ويسيطر على وعيه في كل محطة وتحدّ يواجهه، بحيث اصبح يحتل حيزا اساسيا في اي موقف. حتى اصبح احد المعايير الاساسية لديه هو كيف يخدمه هذا الموقف او ذاك في امتصاص ما سيترتب على التقرير او الالتفاف على ما قد يتضمنه.
من هنا نجد توالي الاتهامات التي يوجهها مسؤولون ومحللون اسرائيليون لاولمرت... على شاكلة أنه ذهب الى انابوليس للالتفاف على تقرير فينوغراد، او انه سيشن هجوما واسعا على قطاع غزة كي يتمكن من مواجهة تداعيات التقرير وهكذا...
وخاصة ان التقرير المرحلي الذي نُشر في 30 نيسان/ أبريل 2007، تحدّث عن إخفاقات القيادتين السياسية والعسكرية في ادارة الحرب، وانطوى في الكثير من طياته على تحميل المستوى السياسي وعلى رأسه اولمرت المسؤولية فضلا عن مسؤولية المستوى العسكري.
لكن القضية التي يتمحور حولها السؤال في هذه الايام هي هل سيتبنى التقرير النهائي الخط المتشدد الذي ميّز التقرير المرحلي ام سيكون اكثر تفاقما، أم سيتجه اتجاها معاكسا؟ خاصة بعد بقاء أولمرت وحيداً على مهداف اللجنة، في اعقاب تنحية شريكه السياسي عمير بيرتس، بعد خسارته في المنافسة على رئاسة حزب العمل وبعد استقالة الجنرالات المسؤولين عن الفشل العسكري.
الواضح حتى الان من خلال التقارير الاعلامية الاسرائيلية ان التقرير النهائي للجنة فينوغراد سيتضمن تحليلا شاملا لخطوات الحرب ومنظومة الاعتبارات التي وجهت المستويين السياسي والعسكري، وقرارات المجلس الوزراي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، بما فيها قرار وقف النار في مجلس الأمن الدولي، وعملية التوغل الفاشلة الأخيرة التي نُفذت بعد صدور قرار وقف النار. كما سيتضمن التقرير التصور الأمني، وحتى الأسطورة الإسرائيلية العامة للمجتمع الإسرائيلي، والصلة بينهما وبين التحديات التي تواجهها الدولة، بالاضافة الى مدى الاهتمام بالجبهة الداخلية... وسيتطرق أيضا الى أبعاد مختلفة تتعلق بالاستعداد العسكري، وكيفية استخدام القوة وإعداد القادة.
لكن الخوف الاساسي الذي يسيطر على اولمرت يتركز حول ان كان التقرير سيتضمن توصيات شخصية،
وفي هذا الاطار اعلنت اللجنة بعد سجال قاس مع هيئات وشخصيات معنية انها لن تُضمِّن تقريرها النهائي توصيات شخصية ضد المسؤولين عن فشل عدوان تموز على لبنان. وفي هذا الاطار نقلت صحيفة هآرتس عن لجنة فينوغراد قولها "ليس من واجبنا أن نقدم خطاً أدنى سياسياً يحدد ما إذا كان رئيس الوزراء مناسباً ليتولى منصبه".
لكن برغم ما تضمنه التقرير المرحلي من تحميل المستوى السياسي وعلى رأسه ايهود اولمرت، بشكل من الاشكال، المسؤولية، وما يتوقع للتقرير النهائي ان يتضمنه على هذا الصعيد، الا ان اولمرت حقق بعضا من النتائج الايجابية لاصراره على تشكيل لجنة حكومية ورفضه الصارم لتشكيل لجنة تحقيق رسمية (او دولتية) التي لا يملك اي صلاحية تجاهها وتجاه قراراتها ونظام عملها وتركيبتها، ومن هنا اتى تعليق بعض السياسيين الاسرائيليين على ما اوردته الصحافة الاسرائيلية من ان اللجنة لن تقدم توصيات شخصية ضد احد، بالقول ان اولمرت هو من عين المحققين معه، وحكم بالتالي بالموت على التحقيق وانه "لا يُعقل أن من أرسل الجنود والمواطنين الى القتل بسهولة وتهور، ان لا ينال العقاب جراء ذلك".
لكن مؤيدي اولمرت برروا هذا التوجه بالقول ان الهدف الرئيس للجنة "كان استخراج العبر بأسرع ما يمكن، وليس قطع الرؤوس"، وان هذا الامر سيؤدي الى استقرار الحلبة السياسية الداخلية والائتلاف الحكومي.
بالرغم مما سبق الاشارة اليه حول أن اللجنة لن تقدم توصيات شخصية لكن ذلك لا يعني انها لن تقدم استنتاجات حيال أداء الجيش والحكومة وغيرها من الهيئات الإسرائيلية العامة الذي ينطوي ضمنا تحميلا للقيادات التي يترأسها المسؤولية الكبرى.
وعليه يمكن بالاستناد الى ما تسرب في الصحافة الاسرائيلية حتى الان التقدير بأن التقرير سيكون سلبيا تجاه المستوى السياسي الذي قاد العدوان على لبنان وخاصة تجاه اولمرت وتحميله المسؤولية بشكل من الاشكال وان لم يصدر احكاما مباشرة حول ان كان يجب عليه التنحي عن الحكم او اصدار اية احكام اخرى تجاهه.
ويمكن التقدير ايضا ان اللجنة ستلجأ للتعويض على إعراضها عن اصدار توصيات شخصية، بالتشدد في تحديد مكامن الفشل والعيوب والاخطاء التي ارتكبتها القيادة السياسية، وترك الحكم للرأي العام. ومن هنا يصبح للمناورات السياسية والاعلامية التي قد يقدم عليها اولمرت وطاقمه السياسي والاعلامي دورها الاساسي في التأثير على تداعيات نتائج التقرير في الرأي العام.
لكن ايا تكن الاتجاهات التي ستسلكها تطورات الداخل الاسرائيلي، ما يلفت في كل ما ورد ان شبح الهزيمة التي تلقاها كيان العدو خلال عدوانه على لبنان بقي وسيبقى يلاحق قادته طوال حياتهم والواضح انه سيبقى محفورا في الذاكرة الجماعية لهذا الكيان. ويبدو ايضا ان الذين اطاحوا بأنفسهم (استقالوا من مناصبهم كجنرالات الجيش مثلا) قبل ان يطيح بهم الاخرون، قد تخففوا قليلا.. اما الذين امتنعوا عن التنحي، كاولمرت، واصروا على البقاء في دائرة الضوء متصدرين للقيادة، فقد اصبح واضحا ان تداعيات الهزيمة ما زالت تلاحقهم مع كل موقف وخطوة يقدمون عليها. ويكفي ان نقول ان الذين يتابعون خطوات اولمرت ويفضحون هلعه من ذيول الهزيمة في لبنان هم بعض المسؤولين والاعلاميين الاسرائيليين الذين لا يتركون مناسبة الا ويكشفون ان اولمرت يهدف، فيما يهدف، من خطواته ومواقفه.. للالتفاف على الحكم الذي سيصدر بحقه سواء بشكل شخصي ام بصفته جزءا من الطبقة التي قادت العدوان الفاشل على لبنان.
مقتطفات عبرية ذات صلة بالساحة اللبنانية
اشكنازي: من غير الممكن تحقيق النصر دون السيطرة على الميدان وحماية الجبهة الداخلية جزء من العبر التي استُخلصت من حرب لبنان
اكد رئيس الاركان غابي اشكنازي خلال اجتماع في معهد دراسات الامن القومي التابع لجامعة تل ابيب انه "لا يمكن الانتصار على منظمة ارهابية دون السيطرة في نهاية المطاف على الارض" واوضح في تعابير مطلقة ان الجيش سيضطر في اي مواجهة الى فرض السيطرة على الميدان وعدم الاكتفاء بالهجوم من الجو. واعتبر أنه "في السنوات القادمة ستتسم المنطقة بطابع عمليات تغيير عميقة ستصل إلى مستوى عال من عدم الثبات وفقدان الاستقرار، إلى جانب المخاطر التي قد تتطور نتيجة عمليات سياسية أو تقلبات أخرى. ونتوقع أيضا مخاطر إلى حد مواجهة محتملة على أكثر من ساحة واحدة، في الوقت نفسه". واوضح اننا "نُقدّر أن الرد (على هذه التحديات) يكون عبر تطوير قدرات هجومية مباشرة مقابل التهديدات على الجبهة الداخلية، في مقابل ذلك، تطوير قدرات الجيش لقمع أعدائنا من خلال استغلال نقاط ضعفهم. كل هذا، بالإضافة إلى قدرات دفاع استباقية وتعزيز الجبهة المدنية الداخلية في كل أطيافها".
وشدد على انه في إطار المواجهات المحتملة ضد جيوش وجهات إرهابية نشأ جهاز مشترك واحد وبات يهدد الجبهة الداخلية الإسرائيلية. "في قضية تهديد الجبهة الداخلية، ارغب في التأكيد أن هذا الخطر يشتد طالما أن أعداءنا فهموا أن لا قدرة لهم على قهرنا في مواجهة جيش مقابل جيش. وها هم يتوجهون إلى تطوير الوسائل لتهديد الجبهة الإسرائيلية الداخلية، بدءاً من عمليات إرهابية وصواريخ القسام في الجنوب وصولا إلى الصواريخ الطويلة المدى الموجودة لدى حزب الله سوريا وإيران، بمعنى آخر من القسام حتى شهاب".
اضافة الى ذلك اكد اشكنازي انه يجب الحرص على زيادة مخزون السلاح لدى الجيش الاسرائيلي وباقي الوسائل اللازمة التي تسمح للقوات المقاتلة بـ"طول نفس" وذلك "في ضوء وعي ان الحروب من شأنها أن تكون اطول في المستقبل".
واوضح ان على اسرائيل تقع المسؤولية في مواجهة كل سيناريو ونحن نستعد لتأمين الرد على التحديات الامنية بطرق مختلفة، وانه ينبغي على الجيش ان يكون مبنيا ومستعدا لتحقيق حسم واضح في اي مواجهة. وعلينا ان نبني قدرة للقتال في ساحات مختلفة في نفس الوقت وبعدة ابعاد".
وشرح اهمية الجبهة الداخلية وقال انها تشكل الساحة الثانية من حيث الاهمية وطالما ستتساقط الصواريخ على الجبهة الداخلية لن نحسم الحرب. ولن نقاتل بنفس الاسلوب الذي قاتلنا به في الماضي. ولن نستخدم فقط ردودا مادية ضد الصواريخ، وانما سنعمل ايضا ضد ارادة الطرف الثاني وسنرسم له نوعا من الاثمان، الى حد الاضطرار لطرح التساؤل حول ان كان بامكانهم الاستمرار في القتال.
"عِبر حرب لبنان الثانية مستوعبة"
أضاف رئيس هيئة الأركان أن خطته المتعددة السنوات، للسنوات الخمس القادمة التي تمت مصادقتها قبل عدة شهور في الجيش تستوعب العبر التي أخذناها من حرب لبنان الثانية، وإدراكنا لصورة الوضع الاستراتيجي والتحديات الماثلة أمامنا في السنوات القادمة. وفي إطار تلك العبر أشار أشكنازي، إلى أنه يعمل لتعزيز عناصر حماية الجبهة الداخلية، بعمليات تشمل ردعا، دفاعا واعتراض صواريخ.
إلى ذلك أضاف أشكنازي أن "حرب لبنان الثانية علمتنا، أن ردعا فعالا حيال إطلاق الصواريخ يساهم بشكل كبير في حماية المواطنين وتقليص عدد المصابين. نبني منظومة دفاع متعددة الطبقات من المفترض أن توجِد ردا على التهديدات من أي مدى، برغم زيادة فرص إطلاقها". كما نبّه رئيس هيئة الأركان مجددا، من أن تقدير الجيش هو أن مواجهة مستقبلية قد تكون أطول من حرب لبنان الثانية التي استمرت لنحو شهر. وأضاف أن "مجهودا حربيا متواصلا يستلزم زيادة احتياطي التسلح والوسائل المطلوبة للتمكن من نفس طويل. ولهذا الأمر أهمية كبرى إزاء الإدراك بأن حروبا قد تكون طويلة جدا في المستقبل".
بالنسبة للتهديد النووي الإيراني قال رئيس هيئة الأركان، إن سعي إيران لحيازة سلاح نووي يؤثر على الشرق الأوسط بأكمله، وما وراءه، وإنه على إسرائيل الاستعداد لاحتمال فشل المجتمع الدولي بمنع التقدم النووي الإيراني.
وأضاف قائلا إنه "كلما تقدمت إيران في مسيرتها، سوف تظهر المزيد من الشجاعة في سلوكها الإقليمي، وستشجع جهات راديكالية مختلفة"، كما قال إن احتمال تحول إيران إلى دولة نووية يشكل تطورا استراتيجيا سلبيا بالنسبة لإسرائيل، وللاستقرار الإقليمي وللسلام في العالم، معتبراً أنه "على المجتمع الدولي العمل بحزم لمنع تحول إيران إلى نووية، ولكن تُلقى علينا مسؤولية الاستعداد لأي سيناريو، في حال عدم نجاح عمل كهذا".
هآرتس ومعاريف 13-12-2007
الانتقاد/ العدد1246 ـ 21 كانون الاول/ ديسمبر 2007