ارشيف من : 2005-2008
المعارضة تعتبر قرارات حكومة السنيورة كأنها لم تكن
تبددت احتمالات الوصول الى تسوية سياسية قبل نهاية العام الى ما دون الصفر، ومعها تبدد اي أمل بأن يكون الموعد الحادي عشر لجلسة انتخاب الرئيس غدا السبت أفضل مما سبقه. هذه الاجواء جاءت بعد ان التزم فريق السلطة مجددا بالإملاءات الاميركية التي عبرت عنها المواقف الاخيرة للرئيس الاميركي جورج بوش ونتائج الزيارتين المشؤومتين لمساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد ولش وأحد ابرز صقور المحافظين الجدد اليوت أبرامز الى بيروت مؤخرا.
هذه الإملاءات تُرجمت من قبل الحكومة اللاشرعية برئاسة فؤاد السنيورة في الجلسة التي عقدتها يوم الاثنين الماضي من خلال اقرار مشروع لتعديل المادة التاسعة والأربعين من الدستور بما يتيح السماح لموظفي الفئة الاولى والقضاة الترشح لرئاسة الجمهورية في سياق مناورة فريق السلطة ترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان، وقرار فتح دورة استثنائية لمجلس النواب بدءا من مطلع العام ألفين وثمانية حتى اول ثلاثاء يلي الخامس عشر من آذار موعد العقد العادي لمجلس النواب.
المصادر المتابعة رأت ان هذا التمادي في خرق الدستور والتعدي على صلاحيات رئيس الجمهورية أطاح قبل كل شيء بما جرى التوافق عليه "ضمنيا" عشية حصول الفراغ الدستوري بين المعارضة والموالاة بوساطة عربية وأوروبية، حيث كانت المعادلة التي أُرسيت حينها ان لا تلجأ الحكومة اللاشرعية الى استخدام صلاحيات رئيس الجمهورية واقتصار عملها على ما يشبه تصريف الاعمال في أضيق الحدود، مقابل ان لا تلجأ المعارضة الى اي خطوة تصعيدية سواء في السياسة او في الشارع، وهو ما جرى تسميته حينها بـ"الفراغ المنظم". وقد جهد وقتها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في إقناع المعارضة بهذه المعادلة، ووافقت عليها في اللحظة الاخيرة حرصا على السلم الأهلي وإفساحا في المجال أمام المبادرات التوافقية. وقد جاء خرق هذا المعادلة من خلال ما أقدمت عليه حكومة السنيورة ليحول الفراغ المنظم الى "فراغ متفجر" بتعليمة أميركية، وهو ما يهدف الى تعطيل كل المبادرات التوافقية التي نشطت مؤخرا، خصوصا المبادرة الفرنسية التي كانت قاب قوسين او ادنى من الوصول الى حل يقوم على انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية وتشكيل حكومة شراكة وطنية يكون فيها للمعارضة الثلث الضامن، وإعداد قانون انتخاب على اساس القضاء. وجرى تدوين هذه العناوين على اوراق موجودة بحوزة رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب سعد الحريري ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير.
وتضيف المصادر: ان الاميركي اتخذ قراره بعرقلة التوافق في سياق محاولته تأخير سقوط مشروعه في لبنان عبر اعطاء جرعة أوكسجين اضافية لأدواته في الداخل التي بدت مؤخرا في حالة شلل وانهيار، وترجم ذلك من خلال تعويم حكومة السنيورة ودفعها لوضع اليد على صلاحيات رئيس الجمهورية، وهو ما كانت باكورته في مقررات جلسة الاثنين، على ان يكون له ما يتبعه وفق ما وعد به وزير الاعلام في هذه الحكومة غازي العريضي حيث قال: ان هذه الحكومة ستمارس كامل صلاحيات الرئيس في جلسات ستعقدها بشكل اعتيادي، وعندما تدعو الضرورة لذلك.
وترى المصادر المتابعة ان خطوة الحكومة اللاشرعية جاءت لتضرب التوافق على انتخاب قائد الجيش رئيسا للجمهورية في ترجمة لموقف الرئيس الاميركي جورج بوش عندما دعا فريق السلطة الى انتخاب بالنصف زائد واحد، وهذا ما يعني تخليا عن دعم وصول قائد الجيش العماد سليمان لرئاسة الجمهورية، ويكشف المناورة في هذا السياق.
وتابعت المصادر: ان ما جرى هو محطة تعطيلية، لأن انتخاب العماد سليمان ليس بحاجة الى تعديل دستوري، وبإمكان مجلس النواب انتخابه خارج الدورة العادية ومن دون تعديل المادة التاسعة والأربعين، وذلك استنادا الى المادة الرابعة والسبعين التي تدعو المجلس الى الالتئام لانتخاب رئيس للجمهورية لدى خلو سدة الرئاسة بسبب الوفاة او الاستقالة او اي سبب آخر، وفي هذه الحال يسقط المانع لترشح موظفي الفئة الاولى. وهذا الاجتهاد تبناه رئيس مجلس النواب نبيه بري استنادا الى دراسة مفصلة أعدها النائب في كتلة المستقبل بهيج طبارة، وملخصها عدم الحاجة الى تعديل الدستور لانتخاب سليمان رئيسا للجمهورية.
الرئيس نبيه بري رد على قرارات حكومة السنيورة بتأكيد أنها قرارات غير شرعية وغير دستورية وباطلة لأنها صادرة عن حكومة غير شرعية، وبالتالي لا مجال لتقبلها من قبل المؤسسة التشريعية. وعليه فإن هذه القرارات كأنها لم تكن، وهي لا تشكل أي إحراج للرئيس نبيه بري الذي تؤكد أوساطه انه سيستمر بشكل اعتيادي في الدعوة الى جلسات لانتخاب رئيس للجمهورية خارج العقد العادي للمجلس النيابي مطلع العام الجديد، ريثما يتأمن التفاهم على سلة متكاملة للحل.
هلال السلمان
الانتقاد/ العدد1247 ـ 28 كانون الاول/ ديسمبر2007