ارشيف من : 2005-2008

في عيد الغدير.. ولاية الانسان للحق

في عيد الغدير.. ولاية الانسان للحق

.. التهنئة للموحدين والمسلمين والمؤمنين ولاهل الحق اجمعين في ذكرى عيد الولاية الاغر، عيد الغدير، في الثامن عشر من ذي الحجة، هذا العيد الذي كمل به الدين وتمت به النعمة وارتضى الله الاسلام للعالمين دينا تاما شاملا مصدقا لما بين يديه من الرسالات والنبوات والكتب السماوية.
وان الولاية بحسب الاصل هي قسيم الشريعة، وهي النهج الذي به تحيا الشريعة في اوساط الناس لتحقق الاهداف المرسومة لها في اقامة العدالة وقيام الناس بالقسط، وهي الصراط المستقيم الذي يمثله من أنعم الله عليه في تمام التزامه بالشريعة وتمام تطبيقه لها. وبما ان الولاية كذلك فهي محفوظة حفظ الذكر وحفظ الرسالة على مدى الدهور لتصل الى لحظة الاحقاق والتحقق في عالم الحكومة والسيادة.
وان الولاية هي عهد الله المصان، والذي لا ينال الظالمين ولا يصل اليهم بل يتجاوزهم الى اهل الحق الى الربانيين الذين يتماهون مع حقانية العهد ومع اصالته ونقاوته، وسيبقى هذا العهد جاريا في الامة يتنقل بين ظهرانيها، يجانب الظالمين ويحل في الصالحين الى ان يهبط اخيرا في خيرة الصالحين وامام المتقين وبقية الله في الارضين الامام المهدي (عج).
وان الولاية مقام رباني يقوم على المزايا والخصائص والفضائل والتمثل بالحق، وليست الولاية زعامة او خلافة او مسؤولية يتم نيلها بالسعي وبذل المال والتسلح بالعشيرة والاتباع واقتناص الفرص واستعمال الالاعيب والدعاية وادوات التشويه، وانما هي مقام يبلغه المقربون الذين يجهدون في طاعة الحق ليكونوا حقانيين وفي العبودية للرب ليكونوا من الربانيين، والمقام لا يمكن انتزاعه الا ان ينزع الانسان الحق من نفسه وينأى بنفسه عن الحق كما حصل مع بلعم بن باعورة في القصة المحكية عنه في القرآن الكريم في حين ان الزعامة والمسؤولية يمكن للناس نزعهما واقالة صاحبهما، وبهذا المعنى ورد الحديث الشريف:
"الحسن والحسين امامان قاما او قعدا"،  فالامامة مقام، وهو من الله تعالى، ولا يؤثر القيام والقعود في تثبيت هذا المقام او نفيه لان القيام والقعود انفعال بمواقف الناس وآرائهم وتأثر بأهوائهم واختياراتهم، اما الامامة فهي من الله لا تتأثر بالناس سلبا أو ايجابا الا في جريانها والتزامها حيث يتوقف ذلك على الناس والأتباع والموالين.
وبما ان الولاية مقام الهي فهي مرتبطة بالحق، وكلما كان التمثل بالحق اعلى كانت الولاية اتم واشد وارقى، وعندما يتولى الانسان فإن ولايته بالحق، وعندما يوالي الانسان فإنه يوالي بالحق، وبما ان الحق هو الفطرة في جبلتها واصالتها فإن الولاية للولي الحق تجسيد لما تتوق اليه النظرة وما اليه تنزع، فيكون الانسان بذلك مواليا لنفسه الحقة في اصل خلقها وانشائها، فالله سبحانه وتعالى خلق السماوات والارض بالحق، وخلق الانسان بالحق وكذلك الموجودات، وان الجوهر الاصلي للموجودات كافة هو الحق الذي يجعلها تتمسك به وتسبّح له وتحن اليه وتتكامل في حركتها نحوه، وبما ان الولاية كذلك هي الحق، فإن مصداقها الفعلي كذلك، من هنا ورد الحديث الشريف، "علي مع الحق والحق مع علي يدور معه كيفما دار"، فأنى وجدت الحق تجد علياً وأنى حلّ علي يكون الحق، وبما ان الحق يجب ان يحق فعند احقاقه سنجد علي بن ابي طالب (ع)، فالله سبحانه وتعالى يقول: "ويريد الله ان يحق الحق بكلماته"، فاذا حصل هذا الوعد وتم بكلمات الله احقاق الحق فإن الذي سيشرق نوره من ذلك المحل وفي ذلك الزمان هو عزة وجه علي بن ابي طالب (ع)...
د.بلال نعيم
الانتقاد/ العدد1247 ـ 28 كانون الاول/ ديسمبر2007

2007-12-28