ارشيف من : 2005-2008

حصاد الفشل

حصاد الفشل

كتب د.إبراهيم الموسوي
ما هي النتائج الأولية التي تمخضت عن مؤتمر أنابوليس؟ ولماذا هذا المؤتمر الآن؟ وما هي الدوافع التي حفّزت إدارة البيت الأبيض لإعادة الحراك إلى التسوية المزعومة على خط الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
يبدو واضحاً أن الإدارة الأميركية ومعها العدو الصهيوني بحاجة ماسة إلى تحقيق إنجاز ما على جبهة المنطقة، بعد سلسلة الهزائم التي مني بها الطرفان، انطلاقاً من أفغانستان والعراق، وصولاً إلى فشل عدوان تموز 2006 على لبنان، وكان من الواضح أيضاً، بعد الضغوطات الهائلة وحملات الترغيب والترهيب التي قادتها واشنطن على الساحة اللبنانية، أنها لم تفلح في تعديل ميزان القوى، كما لم تستطع تحقيق أي إنجاز يذكر، فكان لا بد من الالتفات إلى مسارٍ آخر تستطيع فيه واشنطن أن تحقق مكسباً تسجله في رصيدها الخاوي.
طبعاً، فإن هناك سبباً رئيسياً وراء هذه الحملة الأميركية التي نظمت على عجل لعقد المؤتمر، والسبب باختصار هو تشكيل جبهة جديدة ضد إيران، هذا على الأقل ما حفلت به تقارير الصحف الاسرائيلية التي احتفلت بنتائج المؤتمر، واعتبرته نصراً للعدو. تستطيع قيادة العدو أن تفخر بانجازها الجديد على العرب، الذي تم بمساعدتهم هم، فالضغوط الأميركية أثمرت، وها هو العدو يحصد جملة من المكاسب دفعة واحدة. فالمؤتمر المذكور أسقط الإشارة إلى قضايا الوضع النهائي كالقدس واللاجئين. كما أن الوثيقة المشتركة التي صدرت عن الإسرائيليين والفلسطينيين لم تتطرق إلى القضايا الجوهرية الأخرى والقضايا الخلافية، ولم تضع أي آلية عملية محددة أو برنامج زمني للحل، بل جلّ ما تم التوافق عليه هو عناوين عامة صيغت بطريقة مبهمة لا تلزم الجانب الإسرائيلي بأي شيء، وتتضمن فقط الاتفاق على تعهد الطرفين بحل مشاكلهما خلال السنة المقبلة؟ أما كيف، وضمن أية ظروف وشروط، فهذا ما لم يتم الاشارة اليه من قريب أو بعيد.
وإزاء ذلك، فإنه لم يكن هناك أمام العدو إلا الاحتفال بهذا الإنجاز الجديد الذي ارتكز على استدراج تنازلات عربية فلسطينية جديدة تفتح أبواب التطبيع أمام العدو، وتلزم قيادة أبو مازن بتطبيق خارطة الطريق التي تقضي بمحاربة حركات المقاومة الفلسطينية وتفكيك بناها باعتبارها منظمات إرهابية بحسب التعريف الأميركي ـ الاسرائيلي.
ـ المكاسب الإسرائيلية كانت كبيرة، ليس أقلها أنها أعادت التماسك إلى حكومة أولمرت التي كانت توشك على الانهيار قبل مدة وجيزة، وهي انتزعت ما يشبه الـ"شرعنة" أيضاً لعدوانها المرتقب على غزة، الذي بدأت تظهر معالمه بالغارات ضد مواقع حركة حماس.
وبالمقابل، فإن الأطراف العربية لم تحصل على أية مكاسب تذكر، إلا إذا كانت هذه الأطراف تعتبر ما قاله رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريز عن اصطفاف الدول العربية في جبهة واحدة ضد إيران مكسباً لها.
 هي جولة أخرى من جولات التنازل العربي المجاني، وخضوع آخر لإملاءات واشنطن. المؤتمر الذي بدأ وسط توقعات عالية وعامة بأنه سيكون مؤتمراً فاشلاً، كان كذلك، ولكن على المستوى العربي فقط، فالكيان الاسرائيلي ومعه واشنطن أعادا تلميع صورتيهما عالمياً وعلى المستوى الرسمي، أما حسابات الواقع فلها شأن آخر، هذه الحسابات يصنعها المقاومون والناس المضحون الذين لن تفت في عضدهم خيانة أخرى، لأنها ستكون حتماً مقدمة لفشل آخر لصانعيها، فليتذكروا كل مؤتمراتهم ومؤامراتهم السابقة، ولينظروا الى مآلها النهائي، فهي لم تستطع إلا ان تتراجع أمام المد المقاوم الذي سيكون له رد فصيح وبليغ كما كل مرة!
ـــــــــ
دكتوراه للزميل الموسوي
حاز رئيس تحرير صحيفة "الانتقاد" الزميل إبراهيم الموسوي الدكتوراه في دراسات الإسلام السياسي من جامعة برمنغهام ـ بريطانيا عن أطروحته: "الشيعة والديموقراطية في إيران في ظل ولاية الفقيه".
لجنة النقاش تألفت من البروفسور سكوت لوكاس من جامعة برمنغهام، والدكتور العربي الصديقي من جامعة إكستر ـ بريطانيا، وترأسها البروفسور هندرسون من جامعة برمنغهام.
الأطروحة نالت تنويه اللجنة الفاحصة لتميّزها وغناها التحليلي، وللعمق الذي تميّزت به المناقشة، وقد أصدرت اللجنة توصيتها بنشر الأطروحة في كتاب.
الانتقاد/ العدد1243 ـ 30 تشرين الثاني/ نوفمبر2007

2007-11-30