ارشيف من : 2005-2008
إيران في عام 2007: من صمد وصبر ظفر وانتصر!
الانتقاد ـ طهران
"ثبات وانجازات ومواجهة ناجحة للتحديات الكبرى" هكذا يلخص متابع للشؤون الايرانية مجريات احداث عام 2007, مضيفا ان ايران اصبحت قاب قوسين أو ادنى من التحول الى قوة كبرى اقليميا ودوليا بعد تجاوزها لحقول الغام السنة الماضية.
يستخدم الايرانيون التقويم الهجري الشمسي الذي تبدأ السنة فيه مع بداية فصل الربيع في 21 اذار/ مارس، وهم حاليا في 1386 هـ ش ويعتمدون التقويم الهجري القمري للعبادات والمناسبات الدينية, ولعلك تجد اهتماما بعيد ميلاد السيد المسيح وتهنئة المسيحيين في ايران والعالم اكثر من الاهتمام بالعام الميلادي, ومع هذا فإن ايران تبقى في دائرة الضوء لتشغل الدنيا والناس عند المرور على اهم احداث 2007 في وسائل الاعلام الغربية والعالمية.
ولان اختارت مجلة الغارديان, لغاية في نفسها, صفقة الصواريخ الروسية ـ الايرانية الاخيرة (اس 300) كأهم حدث للعام المنصرم, الا ان القاء نظرة تحليلية على اهم الاحداث توضح أنها عبارة عن نقلات نوعية في مجالات مختلفة اهمها:
- المجال العلمي وخاصة فيما يتعلق بإنتاج الطاقة النووية حيث "الكعكة الصفراء" وما تلاها من انجازات علمية وطنية اذهلت حتى مراقبي الوكالة الدولية وساهمت في اقرارهم باستحالة ارجاع عقارب الساعة الى الوراء، فايران قد امتلكت اسرار انتاج الطاقة النووية، و"رمت فرامل قطارها النووي السلمي" كما قال الرئيس احمدي نجاد، في اشارة الى رفض المطلب الغربي بتوقيف عمليات تخصيب الاورانيوم.
- التعاون الشفاف والجدي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من جهة والاصرار على الدفاع عن الحق النووي على الرغم من قرارات مجلس الامن "الاميركية" وما تلاه من تقرير البرادعي الشهير وتقرير اجهزة المخابرات الاميركية الاشهر، اضافة الى اجماع دولي اسلامي ـ لاتيني ـ افريقي ـ اسيوي على رفض تسييس الملف النووي والدفاع عن الحق الايراني: كل هذا افضى الى انجازات اكبر: تسليم الوقود النووي الروسي الى محطة بوشهر الايرانية بعد طول انتظار، وفشل اميركا وملحقاتها الغربية في اصدار قرار ثالث في مجلس الامن, خاصة بعد تصاعد الاعتراض الداخلي الاميركي على سياسات بوش العدوانية ضد ايران والغارقة في مغامرات فاشلة في العراق ولبنان وفلسطين وافغانستان.
- انتقال السياسة الخارجية الايرانية من الدفاع والتبرير والاسترضاء احيانا الى الهجوم والمقاومة الديبلوماسية وتوسيع دائرة التعاون والتحالف مع الشعوب والدول بعيدا عن التهويلات الاميركية التي تتهاوى يوما بعد يوم مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الاميركي وتصاعد الاعتراضات ضد "الرئيس الاغبى والاكذب" كما وصفته استطلاعات الرأي الشعبية في اميركا, فقد شهدت هذه السنة سياسة انفتاح ايرانية واسعة باتجاه اميركا اللاتينية (الحديقة الخلفية لواشنطن كما كانت تسمى سابقا) وعلى معظم الدول الافريقية والاسيوية مع خصوصية بارزة للدول العربية: حيث شارك احمدي نجاد في اجتماع مجلس التعاون الخليجي، وكان نجم اللقاء واول رئيس ايراني وسط ترحيب وحفاوة بالغة وخاصة من الملك السعودي الذي دعاه لاداء فريضة الحج، وهكذا كان, حركة باتجاه العرب تتجاوز التطمين والمجاملات, لتصل بسرعة الى تعاون وتنسيق في المجالات كافة وحتى النووي منها حيث الامارات تنسق لتشتري كهرباء نووية من ايران التي اعلنت بدورها استعدادها لنقل تجاربها الى جميع الاخوة العرب والمسلمين, وحتى الى مصر التي شهدت العلاقات معها تحولا هاما برغم الضغوط الاميركية وسط تفاؤل مشترك بإعادة العلاقات الرسمية قريبا جدا.
- احمدي نجاد واصل تألقه هذا العام: داخليا عبر ورشة عمل تنموية ونهضوية لا تهدأ عبر جولاته الشعبية في القرى والمدن وترميم الجسم الاداري ليتناسب مع سياسة وشعار العدالة الاجتماعية, حتى لو احتاج "قرارات شجاعة وتاريخية" كما وصفها القائد الامام الخامنئي كتأميم البنزين وتوزيع "اسهم العدالة" على اكثر من نصف الشعب الايراني, نحو خصخصة مؤسسات الدولة التي اقرها القائد منذ سنتين.
- وخارجيا تابع "الحاج" الدكتور احمدي نجاد حضوره القوي: الامم المتحدة ـ جامعة كولومبيا وما رافقها من استعراض اميركي انقلب سحره على ساحره ـ مؤتمر الدول الافريقية ـ عقد مؤتمر دول بحر قزوين الذي شهد الزيارة التاريخية لرجل العام 2007 فلاديمير بوتين الى طهران وسط اشاعات صهيونية عن اغتياله, وما شهدته من لقاء استراتيجي مع قائد الثورة الاسلامية. وكذلك رضوخ اميركا لضرورة التفاوض مع ايران من اجل العراق والاعتراف العملي بفشل 3 عقود من محاولة اسقاط النظام الاسلامي.
- في هذه الاثناء جاءت المناورات الضخمة لمئات الالاف من حرس الثورة والجيش الايراني وملايين شباب التعبئة العامة وما رافقها من الاعلان عن صناعة وتطوير العديد من الاسلحة الجوية والبحرية والصاروخية, مفاجأة للاوساط المعادية التي يبدو انها اعادت التفكير مليا قبل متابعة التهديد بعمل عسكري فضلا عن تنفيذ هكذا مغامرة خطيرة مع بلد يتمتع بقيادة شجاعة وتماسك داخلي قل نظيره وعقيدة جهادية ـ ايمانية لشعب وقوات مسلحة "هي الاولى في العالم الاسلامي والشرق الاوسط بلا منازع" كما صرح قائد الحرس الثوري.
ولم تقف الانجازات هذه السنة عند هذه الحدود بل توالت الاكتشافات في مجال الطب (دواء لضبط الايدز ـ عمليات النخاع الشوكي ـ استنساخ النعجة رويانا وغيرها) والرياضة كالفوز في بطولة العالم للشباب في كرة السلة وبطولات اقوى رجل في العالم (رضا زاده) وغيرها، وكذلك في مجالات الفنون والاداب والعمل البيئي والصناعة.
وخلاصة القول ان 2007 كان عاما حافلا بالحيوية والنشاط وتجاوز العقبات والحراك السياسي الداخلي حيث ورش العمل السياسية تستعد لانتخابات البرلمان (مجلس الشورى) في منتصف اذار وخارجيا عبر المقاومة الديبلوماسية التي اطلقها الامام الخامنئي واثمرت انتصارات كبيرة كالملف النووي وتجاوز الحصار والفتن المذهبية على سبيل المثال لا الحصر..
عام مضى شعر الايرانيون معه بحلاوة الظفر بعد الصبر وان كان عدوهم لم ييأس فهم مستعدون وجاهزون دوما كما اثبتت التجارب السابقة.
الانتقاد/ العدد 1248 ـ 4 كانون الثاني/ يناير 2008