ارشيف من : 2005-2008

2007 في فلسطين: عام الانقسام الداخلي والصمود في وجه الحصار

2007 في فلسطين: عام الانقسام الداخلي والصمود في وجه الحصار

غزة ـ عماد عيد
ودع الفلسطيون هذه الأيام عاما اتسم بالانقلابات بالمفاهيم والادراكات السياسية على ساحتهم الداخلية، فقد كانت بداية العام دموية، ولكن بأيد فلسطينية على غير العادة، واندلعت موجات من القتال الداخلي على مراحل ولم تتوقف إلا في الخامس عشر من حزيران/ يونيو حين سيطرت حماس على قطاع غزة بشكل كامل بعد قتال سقط فيه منذ بداية العام 448 ضحية، وهو رقم فاق عدد ضحايا الجيش الإسرائيلي.
سيطرة حماس أعادت الهدوء إلى غزة وتوقف خطف الأجانب بعد تمكنها من الإفراج عن الصحفي البريطاني المختطف ألن جونستون إلا أن موجات من العنف اندلعت وقتل خمسة عشر عضوا من فتح، سبعة منهم في مهرجان ذكرى الرئيس الراحل أبو عمار والباقون فيما عرف بالصلوات المسيسة، واستمرت الاشتباكات المتقطعة حتى اليوم الأخير من العام حيث قتل ثمانية فلسطينيين في احتفالات الانطلاقة التي نظمتها حركة فتح، أربعة منهم من عناصر حماس.
وشهد العام 2007 ميلاد حكومة محاصصة ما بين حركتي فتح وحماس كثمرة من ثمار اتفاق مكة الذي كان من المفترض أن يضع حدا للاحتراب المسلح بينهما، ولكن حكومة الـ25 وزيرا لم تكمل الثلاثة أشهر من عمرها حيث جرى الحسم العسكري الذي نفذته حماس في قطاع غزة، لينقسم بعدها الشعب الفلسطيني ما بين حكومتين، إحداهما تقودها حماس في غزة برئاسة إسماعيل هنية، وأخرى بدأت كحكومة تسيير اعمال في رام الله إلى حين تسوية الأمر، ولكنها استمرت حتى الآن برئاسة سلام فياض.
وفيما يخص السلطة التشريعية فإنها لم تنعقد تحت سقف البرلمان إلا مرتين، واحدة كانت لمنح حكومة "مكة" الثقة، وبعدها غاب التشريعي في سبات أثقله اعتقال سلطات الاحتلال سبعة وأربعين نائبا من أصل 132 الأمر الذي افقد حماس أغلبيتها النيابية، وحاولت حماس تجاوز الأمر وعقدت عدة جلسات في مدينة غزة دون أن تفتح أبواب التشريعي في الضفة، وتمكنت من الحصول على النصاب عبر توكيلات من أسراها النواب، وهي خطوة شككت فتح بشرعيتها.
رئاسة السلطة الوطنية اتجهت بعد أحداث غزة نحو تعزيز سيطرتها الأمنية في الضفة الغربية وتوصلت إلى اتفاقات مع الاحتلال لإعادة نشر عناصرها في المدن الفلسطينية وبدأت في حملة اعتقالات شرسة ضد عناصر حماس وقيادتها في الضفة الغربية.. اعتقالات كان يتلوها اعتقالات من قبل "إسرائيل" للعناصر المفرج عنهم لتتعرض حماس إلى حملة شرسة منعتها حتى من الاحتفال بانطلاقتها.
وشهد العام أيضا استمرار لقاءات رئيس السلطة الوطنية محمود عباس ورئيس وزراء الاحتلال إيهود اولمرت التي انطلقت إبان حكومة الوحدة، وكان منها لقاء عقد في أريحا، وتوجت بانعقاد مؤتمري انابوليس وباريس اللذين أسفرا عن حصول حكومة سلام فياض على 7.4 مليار دولار كدعم دولي لها على مدى خمس سنوات ما ساهم في حل أزمة الرواتب لموظفي القطاع العام على الأقل في الضفة.
ميدانياً
أما ميدانيا فقد شهد العام تكثيف الاحتلال للاستيطان في القدس والضفة ليصل عدد المستوطنين اليهود فيها إلى 450 ألفا، عدا عن تنفيذ حفريات يهودية تحت المسجد الأقصى وفي محيطه، واستمرت "إسرائيل" في بناء جدارها العنصري.
وشهد قطاع غزة والضفة الغربية عمليات اجتياح واغتيالات طاولت رموزا في المقاومة الفلسطينية في 49 عملية اغتيال كان أبرزها اغتيال اثنين من ابرز قادة سرايا القدس في قطاع غزة، ماجد الحرازين ومحمد أبو مرشد، إضافة إلى خمسة عشر قياديا من الصف الأول مع سقوط العشرات من أعضاء ما كان يعرف بالقوة التنفيذية في قصف مواقعهم في قطاع غزة.
جاء ذلك بعد إعلان الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة "كياناً معادياً" في التاسع عشر من سبتمبر عام 2007، وبعد هذا التاريخ وتحت هذا العنوان كثف الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة وصعّد جرائمه واجتياحاته لثغور القطاع راح ضحيتها قرابة 310 فلسطينيين في قطاع غزة وقرابة المئة في الضفة الغربية المحتلة.
المقاومة
ونجحت المقاومة الفلسطينية وعلى الرغم من كل الضربات في تنفيذ عمليات استشهادية في مدينة ايلات التي ظلت طوال سنوات الانتفاضة بمنأى عن يد المقاومة، ونفذ الاستشهادي "محمد السكسك" من سرايا القديس الهجوم في مدينة إيلات فقتل أربعة إسرائيليين وأصاب أربعة عشر آخرين في بداية العام ألفين وسبعة، وذلك عبر إستراتيجية جديدة وهي الدخول عبر مصر، فيما شهدت نهاية العام عملية إطلاق نار جريئة على حدود الخليل قتل فيها اثنان من جنود الاحتلال لتعترف "إسرائيل" في نهاية العام بمقتل ثلاثة عشر جنديا خلال هجمات المقاومة، إضافة الى إصابة العشرات.
وتمكنت المقاومة من تطوير صواريخها من حيث المدى والقوة وكانت المفاجأة في وصول الصواريخ إلى مدينة عسقلان بعد أن كانت تصل إلى مستعمرة سديروت المواجهة لقطاع غزة فقط.
وكان ابرز عمليات إطلاق الصواريخ هي التي استهدفت قاعدة زكيم العسكرية حيث قتل جنديان وأصيب خمسون في الهجوم الذي تبنته سرايا القدس وألوية الناصر صلاح الدين مع سقوط أكثر من ألف صاروخ على المستوطنات.
تشديد الحصار
وشكل الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة العنوان الأبرز للاعتداءات الإسرائيلية، ووصل الأمر إلى منع الطعام والوقود ومنع خروج المرضى الذين توفي منهم ستون، بعضهم على المعابر، وفراغ غزة من قائمة طويلة من المواد والسلع الأساسية ليعيش السكان عاما من اسوأ ايام حياتهم منذ نكبة العام 48 في القرن الماضي.
ويأمل الفلسطينيون ان يشكل عام الفين وثمانية صفحة جديدة في تاريخهم تنهي حالة الانقسام الحاد وذلك على الرغم من عدم وجود مؤشرات على ذلك حتى اليوم.
الانتقاد/ العدد 1248 ـ 4 كانون الثاني/ يناير 2008

2008-01-04