بدت ثقافة هذا العام في لبنان كأنها كانت تتحرك وسط حقول من الألغام والفخاخ، ووسط مناخات من والترهيب والاغتيالات والتهديد بحروب وبانقلابات وعنف ومعارك جرت كما في مخيم البارد. كل ذلك أثر في مساراتها سلبا، خصوصا عبر إلغاء المهرجانات واللقاءات والمعارض والمؤتمرات.. لكن هذا لم يمنعها من اختراق حيطان العنف والقتل وأشكال الحصار.
وإذا نظرنا إلى الحركة الثقافية غير الاعتيادية خلال العام المنصرم برغم الظروف القاسية، قد لا نبالغ اذا قلنا ان المدينة لم تشهد هذا الكم والنوع من الفعاليات الثقافية في بعض سنواتها العادية، وفي مقدمها تأتي فعالية تصنيف الكتب ونشرها.
 والمتتبع للإصدارات المتداولة في العام 2007، يكتشف أنها اتسمت بميل جارف لدى أصحابها لملامسة القضايا المتعلقة بمصير الإنسان بروح أكثر أمانة وموضوعية، لكن حال بينها وبين ذلك عقبات كبيرة وعديدة، الأمر الذي دفع بهم نحو الكتابة المثقلة بأساليب التعبير الرمزي التي تحتمل التأويل والتفسير والشرح. والنتيجة ان الأكثرية الساحقة من هؤلاء او عدداً لا بأس به ممن يتشبثون بفنون القول، يلجأون الى كتابة الرواية والنصوص الشعرية والنظرية السياسية والاجتماعية، وتعريب الإصدارات الأجنبية ووضع المذكرات والسير الذاتية، والعودة الى قراءة التاريخ واستخلاص العبر من أمجاد البطولات الغابرة.
وفي هذا الضوء ارتسمت المعالم الرئيسية لخارطة الكتاب العربي كما شهدناها في العام  2007 على النحو التالي: مجموعة واسعة من الإصدارات التي تتناول المآزق الاقتصادية والتخلف الاجتماعي في الوطن العربي.. نسبة أقل من الإصدارات التي تستهدف الخلل الفادح في الممارسة السياسية لأسباب تتعلق بطبيعة الأنظمة السياسية القمعية.. نسبة ملحوظة من المؤلفات التي تتجرأ بشكل أو بآخر، على انتقاد العملية الديمقراطية بشكلها الانتهازي.. نسبة متعاظمة من المؤلفات التي باتت "متخصصة" في الكشف عن فضائح السياسة الأميركية والتباساتها في الشرق الأوسط، ويبدو أنها تلقى تشجيعاً ورعاية من قبل السلطات باعتبارها دلالة في الشكل على الأقل، على المساحة الواسعة لحرية التعبير والانتقاد والاعتقاد. كل ذلك إلى جانب سلسلة طويلة من الإصدارات الدينية التي تتوجه إلى تبيين أسباب التخلف والتقهقر أمام الغرب من خلال استعادة تجربة القوة والازدهار في الحضارة العربية والإسلامية القديمة.
وقد تصّدر الخارطة هذه عناوين عريضة متنوعة، من بينها تجربة الشعر في شكله النثري، والرواية والقصة بأشكالهما المعاصرة، فضلاً عن الكتابات الفلسفية تأليفاً وترجمة. وكذلك الإصدارات التي تبحث في نشوء الكيان الصهيوني وتداعياته على الفلسطينيين والوطن العربي، إلى جانب المؤلفات التي تعالج الأسباب السياسية والاجتماعية والدينية لما يسمى "الإرهاب الإسلامي".
ضمن هذه العناوين توافر كم وفير من الإصدارات نستعرض في ما يلي أهمها وأكثرها انتشاراً:
في السياسية: تنطوي الكتب المدرجة أسماؤها أدناه (صدرت في العام 2007) على ملامسة قضايا عربية بارزة استحوذت على اهتمام ملحوظ في الأوساط السياسية ولدى فئات واسعة من المثقفين في مختلف بلدان الوطن العربي:
"حال الأمة العربية.. أزمات الداخل وتحديات الخارج" (مجموعة من الباحثين، مركز دراسات الوحدة العربية)؛ "تأثير الخلافات الاميركية ـ الأوروبية على قضايا الأمة العربية"، (ناظم الجاسور، مركز دراسات الوحدة العربية).. "السودان على مفترق الطرق.. بعد الحرب وقبل السلام" (مجموعة من الباحثين، مركز دراسات الوحدة العربية).. "الوجود العسكري الأجنبي في الخليج.. واقع وخيارات"، (ياسين سويد، مركز دراسات الوحدة العربية).. "السياسة الخارجية الاميركية"، (هادي قبيسي، الدار العربية للعلوم ناشرون). "في العلمانية والدين والديمقراطية"، (رفيق عبد السلام، الدار العربية للعلوم ناشرون).. "العد العكسي للأزمة.. المواجهة النووية المقبلة مع ايران"، (كينيث تيمرمان، دار العلم للملايين).. "صخور النفط ورمال السياسة"، (محمد بن عبد الله السيف، رياض ريس للكتب والنشر).. "العروبة والأصولية الدينية"، (بشارة منسى، رياض الريس للكتب والنشر).. أميركا ـ "المجتمع المدني في العالم الاسلامي"، (تحقيق أمين صاحبو، دار الساقي).. "العرب والحداثة .. دراسة في مقالات الحداثيين"، (عبد الله بلقزيز، مركز دراسات الوحدة العربية).
كتابات لبنانية: تتطرق هذه الاصدارات الى موضوعات ذات صلة  وثيقة بالقضية اللبنانية وانعكاساتها الداخلية وتداعياتها في الخارج، ومنها:
"الصراعات الاقليمية والدولية في لبنان" (د. خليل حسين، دار المنهل اللبناني).. "لبنان إلى أين؟"، (محسن دلول، رياض الريس للكتب والنشر).. "لست لبنانياً بعد"، (نصري الصايغ، رياض الريس للكتب والنشر)؛ "تاريخ لبنان الحديث"، (فواز طرابلسي، رياض الريس للكتب والنشر)، "هذه الحرب.. محنة لبنان المتمادية في بيانين"، (أحمد بيضون، دار الساقي)؛ "حرب الـ 33 يوماً.. حرب اسرائيل على حزب الله ونتائجها"، (جيلبير الأشقر وميخائيل فارشفسكي، دار الساقي).. "الحركات الاسلامية في لبنان.. اشكالية الدين والسياسة في مجتمع متنوع"، (د. عبد الغني عماد، دار الطليعة). أزمة الاقتصاد اللبناني.. الواقع والحلول (غالب أبو مصلح، دار الحمراء).
مؤلفات اسلامية وفلسفية:
"العقل الاسلامي بين قرطبة وأصفهان" (د. محمد المصباحي، دار الطليعة).. "الديمقراطية الدينية وحدودها"، (توفيق السيف، دار الساقي).. "القاعدة وإخوانها.. قصة الجهاديين العرب".. (كميل طويل، دار الطليعة).. "التشييع في طرابلس وبلاد الشام"، (علي إبراهيم الطرابلس، دار الساقي).. "التشيع والتحول في العصر الصفوي"، (كولن تيرنر، دار الجمل).. "القرآن وعلوم الإنسان"... (د. عبد العلي الجسماني، الدار العربية للعلوم ناشرون)، "المسيح الموعود والمهدي المنتظر" (يوسف محمد عمرو، دار المنهل اللبناني)؛ "نظرية الفوضى.. علم اللامتوقع" (جايمس غليك، دار الساقي).
النصوص الشعرية: من العلامات الفارقة لخارطة الاصدارات في العام 2007، احتلال النصوص الشعرية حيزاً كبيراً وثابتاً وطليعياً في حركة النشر. وتتميز هذه الأعمال بطغيان الأسماء الجديدة والشابة التي وجدت في الشعر ضالتها المنشودة، ومن أبرزها:
"بواب الذاكرة الفظ" (زينب عساف، دار النهضة العربية).. "العروس" (ماهر شرف الدين، دار الجمل).. "كل مجدي أنني حاولت"، (شوقي بزيع، الدار العربية للعلوم ناشرون).. "أثر الفراشة" (محمود درويش، رياض الريس للكتب والنشر).. "في حضرة الغياب" (محمود درويش، رياض الريس للكتب والنشر).. "ليس بعد"، (جودت فخر الدين، رياض الريس للكتب والنشر).
الرواية
"مزاج المدن" (مي غصوب، دار الساقي).. "ملامح" (زينب حقي، دار الساقي).. "الأسبوع الأخير" (هالة كوثراني، دار الساقي).. "خيال الصحراء" (مازن عبد الله وحيدر صفا، دار الجمل).. "وصية هابيل" (شربل داغر، رياض الريس للكتب والنشر). "انتعل الغبار وامشِ" (مي منسى، رياض الريس للكتب والنشر).
موضوعات فلسطينية
"بين الوطن والمنفى" (شفيق الحوت، رياض الريس للكتب والنشر)؛ "الجدار العازل الاسرائيلي ـ فتوى محكمة العدل الدولية" (مجموعة من الباحثين، مركز دراسات الوحدة العربية)؛ "أطفال فلسطين والهجرة ـ العيش في ظل الهجرة القسرية في الشرق الأوسط"، (نور الضحى شطي وغيليان لوندوهونت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية)؛ "التطهير العرقي في فلسطين".. (إيلان بابه، مؤسسة الدراسات الفلسطينية).. "القدس المدنية والحكاية"، (مؤسسة القدس الدولية، الدار العربية للعلوم ناشرون).. "مجموعة معالم المسجد الأقصى"، (مؤسسة القدس الدولية، الدار العربية للعلوم ناشرون).
هذا فضلاً عن إصدارات عديدة بالانكليزية، منها الروائي والسياسي والتاريخي وغير ذلك.
امساعيل زلغوط
الانتقاد/ العدد 1248 ـ 4 كانون الثاني/ يناير 2008