ارشيف من : 2005-2008
نقطة حبر: دمك الأخضر
للصحراء لهب الرمال، للذين أباحوا دمك تيه الصحراء، ولوجهك المدمى مرايا الشمس ونور بساتين الحنطة، لم يدر الذين عفّروا جبينك بالتراب أن جبينك تنوّر فأضاء الكون بنظرتك، وأزاح الليل عن جبينك الأيام، هم قاموا بدورهم وكذلك تقوم بأدوارها كل الطغاة، وقمت أنت بدورك، وكذلك قام بدوره كل الأنبياء والأولياء والصديقين، واليوم يمارس طغاة أدوارهم بجدارة يهنئهم عليها يزيد وأبوه معاوية وجده أبو سفيان وجدته آكلة الأكباد، وبقي علينا يا سيد الثوار أن نلبس ثوب الثورة الذي خاطته جراحك وفصلته لكل العصور والدهور، بقي علينا أن نمشي خلفك حاملين قناديل الثوّار والفقراء والمستضعفين، بقي علينا أن نبقى على السمع ويدنا على الزناد مصغين لنداء حفيدك الذي يخاطبك ليلاً ونهاراً "لبيك يا حسين".
لا لم يكونوا سبعين رجلاً أولئك الذي لم يتخذوا الليل جملاً. فهؤلاء الذين يطلقون النار على كل ظالم مستكبر هم جنودك، كل الذين وقفوا على مر العصور في وجه الطغاة صغاراً كانوا أم كباراً هم جنودك، مياه نهرك تجري في عروقهم، هم كل يوم يعطون للنهر لوناً آخر وطعماً آخر، بلون همس الوحي، وبطعم ترتيل أبيك علي في فجر الكوفة. أنت مدرسة الرفض لكل قهر وهؤلاء جنودك يستمدون من جعبتك طلقاتهم، أينع دمك الأخضر في دمائهم ونبتت حيث أعشاب صدرك العاري ملايين الحراب، تكاثرت الحراب كما تتكاثر الخضرة في بساتين الربيع وكلها تتكئ على ثورة كربلاء كما يتكئ الأطفال على الجدار. لقد هوّنت عليهم الموت يا سيدي بك، لقد شهيتهم الموت في سبيل الله.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد1249 ـ 11 كانون الثاني/ يناير 2008