ارشيف من : 2005-2008
مبادرة موسى أقرب إلى الفشل بفعل استمرار التعطيل الأميركي عبر فريق السلطة
هل يغادر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى غداً السبت بيروت بعد جولاته المكوكية على قيادات المعارضة والموالاة مسوقاً المبادرة العربية للحل دون أن يتمكن من تحقيق الحل المنشود؟ وبالتالي تؤجل الجلسة العامة لمجلس النواب التي كانت مقررة غداً لانتخاب رئيس للجمهورية إلى موعد آخر يضم إلى باقي المواعيد السابقة، أم أن الساعات المقبلة قد تشهد مزيداً من البحث والجهود بما يؤدي إلى مخارج تنهي الأزمة السياسية على قاعدة تحقيق مشاركة حقيقية في الحكم لا تزال تطالب بها المعارضة ويرفضها ـ حتى الآن ـ فريق السلطة مدعوماً بموقف الوصي الأميركي؟
المبادرة العربية تجاه لبنان التي أقرت بإجماع وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الذي عقد الأحد الماضي في السادس من كانون الثاني الحالي في القاهرة كانت لها انعكاسات مزدوجة بغض النظر عن المصير الذي ستؤول اليه فشلاً أم نجاحاً.
أولاً: على الصعيد العربي شكلت المبادرة فرصة لإعادة ترميم الوضع العربي بعد الصراع بين العديد من الدول العربية واختلافها في التعاطي تجاه العديد من ملفات المنطقة، خصوصاً تجاه الوضعين في فلسطين المحتلة ولبنان وتحديداً، و"تبريداً" للخلاف السوري السعودي وبالتالي فإن سوريا قد حققت من خلال تجاوبها ومشاركتها في المبادرة العربية أمرين أساسيين.
الأول: هو وضع حد للتشكيك بموقفها تجاه الوضع في لبنان واتهامها بأنها لا ترغب في حل الأزمة في لبنان حيث ظهر من خلال المبادرة أن سوريا من أوائل الدول الحريصة على الحل على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب"، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية السوري وليد المعلم في القاهرة.
ثانياً: استطاعت سوريا تفكيك "الفخ الأميركي" الذي كان يسعى منذ الآن إلى إفشال القمة العربية التي ستعقد في آذار المقبل في دمشق حيث شكلت موافقة سوريا على المبادرة العربية تجاه لبنان أرضية ايجابية في سياق التحضيرات السياسية للقمة العربية بغض النظر عن النقاش التفصيلي بشأن المبادرة في بيروت الذي يتولاه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى منذ الأربعاء مع المعارضة وفريق السلطة.
على الصعيد اللبناني شكلت المبادرة العربية انطلاقة جديدة للمبادرات الهادفة إلى معالجة الأزمة السياسية في لبنان بعد وصول المبادرة الفرنسية إلى طريق مسدود بفعل التعطيل الأميركي، وهي ساهمت بمجرد إقرارها في تهدئة الأجواء التي بدت أنها آخذة بالتصعيد مطلع العام الجديد، وخصوصاً أن المعارضة كانت قد لوّحت بإجراءات عملية على الأرض في حال استمرت حكومة السنيورة غير الشرعية في استخدام ومصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية مع غياب أي مبادرات للحل، وهذا الانطلاق للمبادرة العربية شكل بحد ذاته دينامية سياسية للوضع الداخلي وحال دون ذهاب الوضع نحو التصعيد.
وفي مواقف الأطراف من المبادرة العربية كانت المعارضة واضحة منذ البداية في ترحيبها وتعاطيها بشكل ايجابي مع المبادرة العربية، وهي وجدت في نصوصها جهداً عربياً لتحقيق الحل خصوصاً اعتماد السلة المتكاملة للحل وتضمين البند الثاني من المبادرة نصاً واضحاً حول ".. تشكيل حكومة وحدة وطنية تجري مشاورات تأليفها طبقاً للأصول الدستورية على الا يتيح التشكيل ترجيح قرار أو اسقاطه بواسطة أي طرف، وتكون لرئيس الجمهورية كفة الترجيح".
وقرأت المعارضة في هذا النص مساواة بينها وبين الموالاة في عدم قدرة الترجيح أو الاسقاط، وبالتالي جرت ترجمة النص أرقاماً على أساس صيغة حكومية من ثلاثين وزيراً يكون فيها للمعارضة عشرة وزراء وعشرة لفريق السلطة وعشرة لرئيس الجمهورية. وهذه الصيغة يمكن أن تقبل بها المعارضة وفي حال الرفض فإن المعارضة تصر على صيغة 11 - 14 - 5 وهو ما كان أعلنه رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون الاثنين الماضي، أما التفسير الذي ذهب اليه فريق السلطة لجهة عدم امتلاكه الثلثين مقابل عدم امتلاك المعارضة الثلث الضامن على قاعدة 14 ـ 10 ـ 6 فهو أمر مرفوض وسبق رفض المعارضة لعروض مشابهة له سابقاً.
على أن مصادر المعارضة كانت ولا تزال تتخوف من دخول العامل الأميركي على الخط لتعطيل المبادرة العربية كما عطل جميع المبادرات السابقة، وهو ما سيظهر قريباً بشكل واضح في حال أصرّ فريق السلطة على رفض تحقيق تسوية تاريخية تؤمن مشاركة حقيقية للمعارضة في الحكم من خلال الثلث الضامن.
هلال السلمان
الانتقاد/ العدد1249 ـ 11 كانون الثاني/ يناير 2008