ارشيف من : 2005-2008

نقطة حبر: هكذا بدأت الحكاية

نقطة حبر: هكذا بدأت الحكاية

عندما ساروا برأسك في الصحراء كان رأسك قمراً يمشي بهم إلى مصائرهم الزجاجية التي احتضنوها بقوة وداروها مداراتهم لعيونهم المريضة.. عيونهم المريضة لم ترَ أن لوجهك إهلالة رغيف الفقراء، لم ترَ رأسك قمراً يسامر الثوار إلى آخر الزمان، لم ترَ مواضع قبلات الرسول على وجنتيك، لم ترَ موضع السجود من جبهتك، فتوهمت أن السموات أبعد من جبينك المحمدي! لم ترَ في راحة يديك ينابيع الأرض فسارعت إلى إصبعك تقطعه لتسلب منه الخاتم، وما درت أن شفرة المدية إنما تجرح بحة الناي كي يصبح شجياً أكثر.. جرحت بالبحة والبكاء برودة جبن الجبناء وخوف الخائفين.
هكذا بدأت الحكاية، ولا أحد يعرف كيف ستنتهي الحكاية، لأن المطالبين بدم المقتول بكربلاء صار غريمهم أبعد من يزيد بن أبي سفيان، إنهم لا يستطيعون تحمّل أي ظالم، لقد أصبحت ثورتك نقّالة يا أبا عبد الله وتوزعت دماؤك على كل الثورات، وازدحمت رموزها في نبرة كل ثائر.. لقد وقف الناس إزاء ثورتك أمام حقيقة أنفسهم، فمنهم من رفع الصوت في وجه الظالم ومشى بجثته المائتة لا مناص إلى منصة الشهداء، فنبت من جروح جسده الزهر والنهر والموج واللبلاب والعصافير.. ومنهم من تخلّف فآثر جثته مفضلاً صمتاً يشبهها، لكنه مات قبل أن يموت، فغرق في الصمت والصقيع والأسن.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد1250ـ 18 كانون الثاني/ يناير 2008

2008-01-18