ارشيف من : 2005-2008
الدوائر الانتخابية محل المثالثة والتكعيب والتربيع: تحويل المبادرات الى أرقام تصطدم بالأحجام
اعترفت شخصية دبلوماسية اطلعت على جانب من المحادثات المتصلة بتنفيذ المبادرة العربية، بصعوبة انتاج حل سياسي في المدى المنظور بسبب التعقيدات الحسابية في تحويل المبادرة الى أرقام في التشكيلة الحكومية.
وقالت هذه الشخصية ان لغة الأرقام في توزيع المقاعد الوزارية بين القوى السياسية اللبنانية وخصوصاً بين فريق الأكثرية النيابية بزعامة سعد الحريري وزعيم الأكثرية المسيحية في البرلمان ميشال عون مفوض المعارضة في المفاوضات الخاصة بالاتفاق على السلة المتكاملة، هي التي تقف حجر عثرة أمام الحل العربي، وربما أمام أي مبادرة أخرى. واقترح على الوسطاء البحث عن حلول مقنعة بعيداً عن العمليات الحسابية التي تهدف الى قياس النفوذ السياسي لكل فريق بالنسب المئوية أو بعدد المقاعد التمثيلية في الحكومة أو البرلمان.
وأضافت هذه الشخصية أن لعبة الأرقام باتت تشبه المتاهة، لأنها تؤدي الى طريق مسدود لا يمكن النفاذ منه أبداً، والعودة الى نقطة البداية للانطلاق مجدداً دونها صعوبات محلية وإقليمية ودولية.
واستناداً الى الأرقام فإن كل معادلة حسابية في تشكيل الحكومة باتت تشير الى نتائج سياسية لا يمكن الاجماع عليها ولا حتى تحقيق التوافق اللبناني عليها على الأقل.. وما زاد في تعقيدات المعادلة الحسابية انها تشير الى ميزان القوى الاقليمية في المنطقة.
ويبدو ان المثالثة في المبادرة العربية لا تحظى بالاجماع العربي مثلما حظيت المبادرة نفسها، لأن المثالثة كانت احد تفسيرات الأكثر جدلاً لعبارة "عدم الأرجحية لأي طرف"، وهي نفسها التي تعني "لا غالب ولا مغلوب". والمثالثة في لغة الأرقام تعني توزيع المقاعد الوزارية في الحكومة على المعارضة والموالاة بنسب متساوية مع حصة رئيس الجمهورية، أي لكل فريق (10) وزراء.
هذه المعادلة رفضتها الأكثرية لأنها تُمنح من حصتها وحدها لمصلحة رئيس الجمهورية، وأعطت تفسيراً "لعدم الأرجحية باعتماد صيغة (15) مقعداً وزارياً للموالاة + (10) مقاعد للمعارضة و(5) مقاعد لرئيس الجمهورية".
من جهتها المعارضة رفضت معادلة (15 + 10 + 5) لأنها تُسقط منها الثلث الضامن، واقترحت صيغة مقابلة هي (14 + 11 + 5) تضمن لها الثلث الضامن، باعتبار ان الثلث الضامن هو أقل ما يمكن القبول به، لأن تمثيل المعارضة داخل مجلس النواب هو أكثر من ذلك بكثير.. وسبق ان طرحت المعارضة صيغة نسبية في تشكيل الحكومة الأولى في العهد المفترض لقائد الجيش ميشال سليمان تقضي بتوزيع الحقائب الوزارية على اساس 45 في المئة للمعارضة مقابل 55 في المئة للفريق الحاكم.
وتشدد الشخصية نفسها على أهمية تجنب نظريات علم الرياضيات والجبر والمثالثة والتكعيب والعودة الى الدوائر الانتخابية باعتبارها أقصر وأفضل الطرق للوصول الى الحلول السياسية، لأن الداوئر ستعيد تنظيم القوى السياسية استناداً الى أحجامها الشعبية الطبيعية.
قاسم متيرك
الانتقاد/ العدد1250ـ 18 كانون الثاني/ يناير 2008