اقر رئيس وزراء العدو ايهود اولمرت، ضمنيا، بتنامي قدرات حزب الله الصاروخية بالقياس لما كان يمتلكه، حسب تصريحات قادة العدو، عشية حرب تموز. فبدلا من ان ينفي صحة ما قاله وزير حربه ايهود باراك عن تعزيز قدرات حزب الله الصاروخية كماً ونوعاً، سواء من جهة كون الصواريخ اصبحت اكثر فتكا او اطول مدى بكثير من الصواريخ التي اطلقها خلال الحرب، بحسب باراك، اهتم اولمرت بإبعاد المسؤولية عن كاهله، واعلن خلال مثوله امام لجنة الخارجية والامن، ان حزب الله كان سيضاعف صواريخه في كل الأحوال، وان لا علاقة لهذا الامر بالحرب ونتائجها.
باراك: حزب الله ازداد قوة بعد الحرب وتضاعفت قوته الصاروخية عدة مرات كشف وزير الدفاع ايهود باراك عن ان حزب الله عزز قوته (الصاروخية) سواء من حيث الحجم او من حيث النوع وبدلا من ان يضعف حزب الله ازدادت قوته وحصل على صواريخ ابعد مدى تصل الى مسافات ابعد بكثير من تلك التي اطلقها حزب الله في الحرب الاخيرة. واكد ان مخازن حزب الله الصاروخية امتلأت بكميات تزيد بعدة اضعاف عما كانت عليه عشية الحرب. واعتبر ان اهمية هذا الامر تنبع من ان المسألة تتعلق بصواريخ اكثر ويمكن ان تصل الى مسافات اطول بكثير من تلك التي اطلقها حزب الله خلال الحرب. |
وهكذا يظهر ان كبار قادة العدو وعلى رأسهم اولمرت قد سلموا جميعا بتنامي قدرات حزب الله، وانه اصبح اكثر قوة مما كان عليه عشية الحرب. وانضم الى قائمة المعترفين نائب رئيس الحكومة الحالي ورئيس الاركان ووزير الحرب السابق شاؤول موفاز الذي اعلن ان اسرائيل خسرت الحرب في لبنان، وان حزب الله خرج منها اكثر قوة.
ولا يخفى ان خلفية مواقف اولمرت في حرصه على ابعاد المسؤولية عن نفسه حتى لو كان بثمن الاقرار بما تجنبه طوال فترة ما بعد الحرب، مرتبط بالتقرير النهائي الذي سيصدر نهاية الشهر الجاري عن لجنة فينوغراد حول اخفاقات القيادتين السياسية والعسكرية في حرب لبنان. وتندرج محاولة اولمرت بتبرئة نفسه، ضمن محاولاته الالتفاف على تداعيات التقرير التي يخشى ان تؤدي الى انطلاقة حركة شعبية تطالب باستقالته.
وما يعكسه موقف اولمرت الجديد هو تنازله عن ادعاءات الحاق اضرار كبيرة بقدرات حزب الله القتالية والصاروخية. لكن ما ينبغي الاشارة اليه هو انه لم يقدم على ذلك الا بعدما بان تهاوي ادعاءاته.
إلى جانب ما تقدم حاول اولمرت ان ينسب لنفسه انجاز ردع حزب الله عن اطلاق صواريخه باتجاه إسرائيل عندما قال ان المسألة ليست في وجود هذه الصواريخ وانما في رغبة حزب الله بإطلاقها على اسرائيل، وهو غير قائم بحسب قوله، بسبب نتائج الحرب.
موفاز: اسرائيل خسرت الحرب وحزب الله خرج منها معززاً اتهم نائب رئيس الحكومة ووزير المواصلات شاؤول موفاز القيادة السياسية بأنها كانت فاشلة ومشوشة في ادارة حرب لبنان. واكد موفاز خلال كلمة في كيبوتس شباييم في اجتماع لمبادرة جنيف ان "فشل حرب لبنان نبع من شكل ادارة القيادة السياسية وليس من استعدادات الجيش. وما كنت لأغير أي شيء فعله الجيش في السنوات الست التي سبقت حرب لبنان. لقد قاتلنا في الجبهة الفلسطينية لمنع العمليات ولم نكن نرغب في أن نضيف جبهة اخرى". وانتقد موفاز، الذي كان تولى سابقا منصب رئاسة اركان الجيش ووزارة الدفاع، القيادة السياسية لعدم إدارتها الحرب على نحو سليم وقال "لو ان المؤسسة الامنية جندت الاحتياط وادخلتهم كما ينبغي، ولو أنه جرت في نهاية الحرب خطوة سليمة وليس خطوة غير كافية، لكانت نتائج الحرب بدت مغايرة". واقر موفاز، أن اسرائيل خسرت الحرب، وان حزب الله خرج منها معززا (يديعوت احرونوت ـ13/1/2008). |
ويبدو واضحا ان من يسمع او يقرأ تصريحات اولمرت، في حال كان لا يعلم بحقيقة الوضع الذي كان سائدا على الحدود طيلة الفترة الواقعة بين عامي 2000- 2006، يُخيل اليه أن حزب الله كان يطلق على الدوام صواريخه على المستوطنات الشمالية في الكيان الإسرائيلي!!. ولكنه توقف عن ذلك في اعقاب الحرب خوفا من الردود الإسرائيلية. لكن الحقيقة ان الصديق والعدو يعلمان بأن الواقع ليس على الصورة التي يوحي بها اولمرت، فضلا عن ان صواريخ حزب الله، وخاصة تلك المصنفة متوسطة او بعيدة المدى، صواريخ ردعية وليست تكتيكية يستخدمها حزب الله في أي حادثة مهما كان حجمها او طبيعتها. وبالتالي فإن هذه الصواريخ كانت وما زالت تؤدي هذا الدور الذي وجدت من اجله، كما ادت دورها التام خلال العدوان على لبنان. وتجلى الاقرار بهذه الحقيقة في مواقف وتصريحات كبار القادة العسكريين والسياسيين الذين اعتبروا ان المشكلة الاساسية لاسرائيل بعد حرب لبنان هي كيفية حماية جبهتها الداخلية بعدما دكها حزب الله بصواريخه للمرة الاولى في تاريخها منذ العام 1948، من حيث الكم والعمق (وفق تصريح باراك بعد انتهاء الحرب). ويعلم اولمرت وجيشه، وبدون أدنى شك، ان هذه الصواريخ ستدك جبهته الداخلية في أي وقت يحاول فيه تكرار الاعتداء على لبنان.
نعم يمكن لاولمرت أن يتحدث، وهو ما قام به فعلا، عن الهدوء الذي تشهده المنطقة الشمالية. ولكن عليه أن يتذكر إلى جانب ذلك أن هذا الأمر ما كان ليتم لولا الهدوء الذي تشهده القرى الجنوبية، في الجانب اللبناني من الحدود، بالرغم من حصول بعض المواجهات المحدودة، التي وجه فيها حزب الله بعض الضربات لجيش العدو عندما حاول خرق "الخط الازرق". لكن الواقع ليس كما حاول ان يُصوره بأنه كان هناك "احداث يومية واصابات".
الانتقاد/ العدد1250ـ 18 كانون الثاني/ يناير 2008