ارشيف من : 2005-2008
مجرد كلمة: نصف اللبنانيين يصرخون
نصف اللبنانيين جائعون.. يعانون أزمة معيشية ضاغطة الى حد بات فقيرهم يتحسر على لقمة خبز، أو حبة دواء، أو وقود للتدفئة يقيه وأولاده برد الشتاء القارص..
نصف اللبنانيين أيضاً.. يعانون من تقنين الكهرباء والهاتف وشح المياه وأقساط المدارس..
الحد الأدنى للأجور لنصف اللبنانيين لا يكفي احدهم للحد الأدنى من العيش، لا بل لم يعد يكفي لتأمين قوت عائلة صغيرة لأيام محدودة.
انه واقع قائم منذ سنوات طويلة واستفحل في السنتين الأخيرتين مع مستوى تضخم فاق كل التوقعات، في ظل غياب الحكومات المتعاقبة عن القيام بدورها لمعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وتصحيح ما تعاني منه المؤسسات الخدماتية الرسمية، وتوفير السياسات اللازمة لمواجهة الآثار الناجمة عن الارتفاع العالمي لأسعار الوقود والكثير من المواد الغذائية الأساسية من الطحين الى الحليب ومشتقاته.
أما الحكومة البتراء التي تتسلط على مقاليد الحكم حالياً فهي قد تجاوزت بتعاطيها مع الازمة المعيشية التي تتصل بـ"نصف اللبنانيين" كل سالفاتها.. وبلغ الأمر بها حد نفي وجود غلاء أسعار، او تبرير الأزمة على خلفية ان الغلاء عالمي، أو التغاضي عنها الى درجة الاستهزاء بالجائعين كما درج رئيس المجموعة الحاكمة فؤاد السنيورة على توصيف الأزمة، وأخيراً وضع كل مشكلة الكهرباء على عاتق "نصف المتعدين على الشبكة" متجاهلاً تعديات النصف الاخر، والديون المترتبة على ازلام السلطة والمحسوبين عليها.
اذاً يحق لنصف اللبنانيين من المزارعين الذين لا يجدون أسواقاً لتصريف منتجاتهم، او الذين لم يعوّض عليهم من أضرار حرب تموز أو السيول، ويحق للعمال الذين يعيشون تحت خط الفقر، والسائقين الذين يعملون فقط لتسديد ثمن الوقود.. وغيرهم من كل المسحوقين في "بلد السنيورة"، يحق لهم جميعاً ان يُضربوا ويصرخوا بجرأة في آذان صمها المديح الدولي، ويحق لهم أن يرموا رؤوس سلطة الفتنة بنار اكتووا بها طويلاً.. ولو كان السنيورة المهتم جداً بأوضاع الوطن طار بعيداً حيث ينعم بدفء يجعله يستمر حاكماً فوق لقمة الجائعين والمقهورين.
اما نصف اللبنانيين الآخر فلينتظر السنيورة وفريقه لحظة لا تستطيع كل دفوعاته السياسية أن تسد رمقهم، او تأتي بالكهرباء الى مصابيح منازلهم أو أن تبيع خضارهم..
عندما يخرجون قريباً ليطالبوا بحقهم بالعيش بكرامة، سيصفهم سمير جعجع بالخارجين على الدولة، وسيشمئز منهم امين الجميل، وسيضعهم وليد جنبلاط في محاور أخرى، وسيمضي سعد الحريري إجازة خارج الوطن.. حتى لا يرى جماعته يصرخون في وجهه.
إذا كانت الحقيقة التي لا يمكن لأحد أن يردها أن نصف اللبنانيين يعانون من الاوضاع المعيشية والاجتماعية.. فمن يصدق أن النصف الآخر ليس كذلك!
نعم نصف لبنان صرخ بالامس جوعاً والنصف الاخر أسكتته السياسة.
أمير قانصوه
الانتقاد/ العدد1251 ـ 25 كانون الثاني/ يناير 2008