ارشيف من : 2005-2008
محمد علي المسمار شاعر الهرمل وفتاها الوفي
طراد حمادة (*)
كنت أجده حين أبحث عن صديق.. لا شأن للمكان ولا شأن للزمان في ما جمع بيننا.. الأمر فيه من علاقة الإخوان وأخلاق الصحبة وآدابها، وكذلك أسرارها، يوم كانت الأسرار تجمع أواصر الأرواح، وكانت ترتبط بها المبادئ والمصائر. كان محمد علي المسمار رفيق الدرب ورفيق الشعر، ووهج السر الذي يجمع بين صديقين.
إذاً كيف ترثي صديقاً يعني لك مساراً من الزمان فيه البدايات وفيه ما بعدها!
كيف ترثي صديقاً قرأت له أول قصيدة كتبتها، وكنت معه في أول خلية حزبية في المدرسة الثانوية، ودخلت معه أول مرة الى السجن، وحفرت معه أول خندق على تلة جنوبية لقتال العدو، وشاركته نوبة حراسة الليل وحراسة النهار؟!
كيف ترثي صديقاً كان شريكاً حقيقياً في رواية مشهد البحر، السيرة الذاتية للحرب والحب، وبينهما كان سريان الإبداع في الرواية والمشهد، وفي الحياة نفسها.
كان محمد علي المسمار مناضلاً بقدر ما كان شاعراً، وكان صديقاً بقدر ما كان إنساناً، وكان مؤمناً على رنديةٍ قلما يدخل الى غرفة أسرارها إلاّ أهلها من الأخيار.
كانت حياة محمد علي المسمار قريبة بطريقة مذهلة الى صورته الشعرية. وكانت صورته الشعرية مذهباً ذاتياً يشبه في فرادته فرادة عيشه، وفي بساطته بساطة الحقيقة والجمال.
لقد غادر محمد علي المسمار هذا العالم بهدوء دخوله اليه، لكنه ترك آثاره القوية فيه. ونحن الذين عرفناه عن قرب، سنظل نذكره بالخير، ونجد في شعره ما كنا نجده في وجوده كلما بحثنا عنه، ونقول له إننا على الوعد الذي تحدثنا عنه في اللقاء الأخير، من الحفاظ على الوطن وعلى المقاومة، الى جمع تراثه الشعري والأدبي، وتقديمه بما يليق به الى الناس.
محمد علي المسمار، شاعر الهرمل وفتاها الوفي، يا صديقي، لقد كنت مصداق العلاقة بين المثال والخيال، الصورة الشعرية الأكثر تعبيراً عن حياة صاحبها، سارية في كيانه سريان العشق في الوجود.
تغمدك الله برحمته وأسكنك فسيح جناته.
(*) وزير العمل المستقيل
الانتقاد/ العدد1251 ـ 25/1/2008