ارشيف من : 2005-2008
طهران: مع أحرار "كربلاء العصر" ضد "اليزيديين الجدد"
طهران ـ "الانتقاد"
"الذين فرشوا السجاد الاحمر للرئيس الاميركي ورقصوا معه بالسيوف ومنحوه الهدايا النفيسة, هم بلا شك شركاء مساهمون في المجازر الصهيونية ضد الابرياء والعزّل في غزة". بهذه البساطة والمرارة والغضب خاطب ممثلو طلاب الجامعات الايرانية رئيس منظمة الدول الاسلامية وسفراء الدول الاسلامية في رسالة هي جزء من سلسلة التحركات الداعمة للشعب الفلسطيني المظلوم والمقاوم.
ولعل هذه العبارة تعبر باختصار عن لسان حال الرأي العام الايراني الشعبي والرسمي الذي يهب في هذه الايام لنصرة "انصار الحسين" في غزة الذين يحاصرهم يزيديو العصر "بوش واولمرت" في كربلاء الجديدة "غزة", كما عبر السيد علي اكبر محتشمي رئيس لجنة الدفاع عن الانتفاضة والقدس، مخاطبا الحكام العرب "المعتدلين": لِمَ تشاركون في قتل شعب عربي مسلم؟ تعددت انواع الاستنكار للعدوان، والدعم للمظلومين والهدف واحد: لن نترك الشعب الفلسطيني وحيداً امام الجلاد.
في ميدان فلسطين في طهران خرج نواب مجلس الشورى الاسلامي في تظاهرة للاعلان عن التضامن والوقوف مع اهالي غزة وفلسطين مطالبين قوى المقاومة الفلسطينية الرئيسة (فتح وحماس والجهاد) بالاتحاد والوقوف في وجه العدوان والفتنة الداخلية. اللافت في كلمة رئيس المجلس حداد عادل كان تساؤله عن دور مجلس الامن والامم المتحدة حيث لا نراهما الا في خدمة القوة المتسلطة في العالم، وكذلك استنكاره الشديد لتهديدات الكيان الصهيوني باغتيال السيد حسن نصر الله.
وطالب عادل باسم النواب الايرانيين زعماء الدول الاسلامية بالاستجابة الفورية لدعوة الرئيس احمدي نجاد الى عقد جلسة طارئة لمنظمة الدول الاسلامية والتحرك العملي بدل الاكتفاء بالتنديد اللفظي.
دعوة نجاد جاءت ضمن سلسلة اتصالات هاتفية اجراها الرئيس الايراني مع عدد من الرؤساء العرب والمسلمين, كان ابرزها اتصاله بالرئيس المصري حسني مبارك – حيث انه اول اتصال بين الرئيسين – ودعوته له لفتح المعابر الفلسطينية – المصرية كحد ادنى من مساعدة الشعب الفلسطيني المحاصر من قبل الصهاينة.
كذلك اتصل نجاد بالرئيس الماليزي الذي ترأس بلاده حاليا منظمة المؤتمر الاسلامي مطالبا بعقد جلسة عاجلة لوزراء خارجية الدول الاسلامية للمساهمة في وقف المجازر والحصار الاسرائيلي لغزة. وفي الاطار نفسه بحث وزير الخارجية الايراني منوتشهر متكي الموضوع مع احسان الدين اوغلو امين منظمة المؤتمر الاسلامي ومع البار وزير خارجية ماليزيا.
وكالعادة واكب التحرك الشعبي في الشارع الايراني هذه التحركات الدبلوماسية فبدت إيران كلها, وبرغم الطقس الجليدي, ورشة عمل كبيرة شعارها الحديث النبوي: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى". الجمعيات النسائية تظاهرت امام مكتب الامم المتحدة لاستنكار الصمت الدولي المترافق مع الحصار والمجازر, كذلك تظاهر الاف الاطفال من مدارس طهران للتضامن مع اطفال غزة وترديد شعار "الموت لإسرائيل والنصر لفلسطين" بعد ان جمعوا تبرعاتهم من مصروفهم اليومي لإرسالها إلى التلاميذ المحاصرين.
وفي نشاط خاص تم تبادل ملايين الرسائل الهاتفية القصيرة بين المواطنين في جميع انحاء ايران للدعاء للمظلومين في غزة وقراءة سورة الحشر التي تشمل آيات الجهاد, في تمهيد للمسيرات الشعبية التي ستنطلق بعد صلاة الجمعة في طهران والمدن الايرانية والتي يتوقع ان تشهد حشودا غفيرة, خاصة مع تزامنها مع اقتراب ذكرى انتصار الثورة وعشرة الفجر "من 1 الى 11 شباط/ فبراير".
ويعتبر المتابعون لهذا الدعم الايراني الواسع لصمود الشعب الفلسطيني انه يأتي في السياق الطبيعي للوقوف بجانب قضية انسانية عادلة طالما اعتبرتها الثورة الاسلامية وإمامها الخميني محور وحدة الامة ورمز استقلالها وحريتها، وان دعم الفلسطينيين هو واجب شرعي اسلامي وانساني لكل انسان مؤمن وثوري في العالم فكانت الفتاوى من الامام وفي بدايات التحرك الثوري بدفع الحقوق الشرعية الى المجاهدين الفلسطينيين وتأصيل ثقافة العداء لاسرائيل" كجرثومة سرطانية وربيبة اميركا في الشرق والتي يجب ازالتها من الوجود، هذا النهج الذي اثمر على مر السنين وتضحيات ابناء الامام انتصارات تاريخية للمقاومة والانتفاضة على الصهاينة ومن ورائهم الادارة الاميركية.
هكذا هي طهران عاصمة الثورة والدولة الاسلامية التي تتضامن برغم كل الضغوط مع مظلومي العالم وتعتبر نصرة فلسطين كشعب وقضيه مقدسة اصلاً في سياستها الاستراتيجية لا يقبل التفاوض ولا المساومة مهما تنازل بعض الحكام والمتأمركين السابقين والجدد.
حركة شعبية هادرة تواكب الفعالية الديبلوماسية الايرانية التي لن تهدأ الا بالقاء الحجة على جميع الدول والزعماء والشعوب فالمواجهة هذه هي اولى اولويات الامة الاسلامية كما عبر قائد الثورة ومن ورائه الشعب الايراني الحي.
الانتقاد/ العدد1251 ـ 25 كانون الثاني/ يناير 2008