ارشيف من : 2005-2008

الاجتماع الوزاري العربي على المحك والمعارضة ترفع مذكرة برؤيتها للحل

الاجتماع الوزاري العربي على المحك والمعارضة ترفع مذكرة برؤيتها للحل

سقط الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في اختبار "الحياد والوسطية" بشأن حل الأزمة في لبنان، فهل يُسقط هذا الانحياز إلى فريق على حساب آخر المبادرة العربية برمتها، أم أن تصحيحاً قد يحصل في اجتماع وزراء الخارجية العرب المقرر بعد غد الأحد في القاهرة؟
جاء عمرو موسى في زيارته الأولى إلى بيروت وقال "ان المبادرة العربية ليست بحاجة إلى تفسير، خصوصاً في بندها الثاني المتعلق بحكومة الشراكة الوطنية".. وعندما طلبت منه المعارضة ترجمة النص إلى واقع عملي على أساس المثالثة الواضحة في النص، غادر موسى أياما وعاد بتفسير لا يتلاءم مع النص العربي الواضح في البند الثاني من المبادرة وليقول: "إن هذا البند لا يمنح فريق السلطة النصف زائد واحد، ولا يعطي المعارضة الثلث زائد واحد".. وبذلك أظهر انحيازه لوجهة نظر فريق السلطة "واعتمد التفسير الأميركي للحل"، وهو تعبير استخدمه منبر الوحدة الوطنية في أحد بياناته عن فشل مهمة موسى. النتيجة الفاشلة لمهمته على مرحلتين في بيروت وزيارته إلى دمشق سيضمّنها عمرو موسى في تقرير أعده لرفعه إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب بغد غد الأحد في السابع والعشرين من كانون الثاني الحالي في القاهرة، وفيه خلاصات محادثاته ومقترحات للمتابعة. وفي هذا السياق تترقب الأوساط المتابعة ما سيتضمنه تقرير موسى، وهل سيعمد إلى تكريس انحيازه أم أنه سيعمد إلى إعطاء حصيلة موضوعية تبقي باب الوساطة العربية مفتوحاً خلال المرحلة المقبلة؟
المصادر المتابعة تتوقع أن لا يصدر عن الاجتماع الوزاري العربي موقف يزيد توتير الوضع، وإنما تمديد مدة الوساطة على أساس تقطيع الوقت وليس على أساس إيجاد الحل. وعليه فإن زيارة جديدة لموسى متوقعة إلى بيروت بعد هذا الاجتماع لمواصلة لقاءاته مع أركان السلطة والمعارضة. الأوساط تلخص ما سمعه عمرو موسى في دمشق من المسؤولين السوريين بشأن المبادرة العربية وفق الآتي:
أولاً: تأكيد سوريا استمرارها في دعم المبادرة على القاعدة التي أقرّت على أساسها، وهي قاعدة "لا غالب ولا مغلوب".
ثانياً: سوريا المتمسكة بالمبادرة العربية ليست معنية بممارسة أي ضغط على المعارضة في لبنان للسير بالتفسير المنحاز الذي لا يؤمن لها الحد الأدنى من الشراكة الحقيقية في الحكم من خلال الثلث الضامن.
ثالثاً: أبلغت القيادة السورية موقفاً حاسماً لعمرو موسى أنها لن ترضخ لأي ضغوط يمكن أن تمارس عليها من خلال ربط موقفها من الوضع في لبنان بمصير عقد القمة العربية في موعدها الدوري في آذار المقبل في دمشق، خصوصاً بعد المواقف السعودية ـ المصرية التي أعلنت مؤخراً، والتي تتحدث عن مقاطعة القمة أو المشاركة بتمثيل على مستوى منخفض إذا لم تتجاوب سوريا مع رؤية هاتين الدولتين للحل في لبنان. وهنا تؤكد المصادر أن سوريا ترفض هذه الضغوط، ولا مانع لديها من عقد القمة بمن حضر أو طلب نقلها إلى مقر الجامعة في القاهرة وترؤسها من هناك.
أما على الصعيد اللبناني فإن المصادر المتابعة تشير إلى أن المعارضة تترقب ما سيصدر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب بعد غد الأحد لتحديد موقفها وأفق التحركات المقبلة التي يمكن أن تلجأ اليها اذا وصلت المبادرات إلى الطريق المسدود. وعلمت "الانتقاد" أن المعارضة بصدد رفع مذكرة إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب تحدد فيها رؤيتها لحل الأزمة ومطالبها المتعلقة بتحقيق الحد الأدنى من المشاركة في الحكم.
وكانت المعارضة رفضت تفسيرات موسى للبند الثاني من المبادرة حيث أوصل هذا التفسير المبادرة إلى الحائط المسدود وأطاح بالبداية الايجابية التي كانت حصلت من خلال الاجتماع الرباعي الذي حصل الخميس الماضي في مجلس النواب، والذي شارك فيه رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون ممثلاً المعارضة والنائب سعد الحريري عن الموالاة بحضور الرئيس أمين الجميل "ككومبارس"، اضافة إلى حضور عمرو موسى. وقد شكل هذا اللقاء بحد ذاته إقراراً من فريق السلطة بمرجعية العماد عون في تمثيل المعارضة بعد الرفض المتكرر لهذا الأمر أسابيع عدة.
مصادر قادة المعارضة تتوقع أن تستمر حال المراوحة بعد "التعثر" الكبير للمبادرة العربية، وهي تعتبر أن التلويح بالتدويل "هرطقة"، لأن هذا التدويل إما أن يتجسد بقرارات جديدة عن مجلس الأمن كسابقاتها من دون أن تجد طريقاً للتطبيق، لأنها تنتصر لفئة لبنانية على أخرى، وإما أن يتمثل بإرسال قوات إلى لبنان كما حصل عام اثنين وثمانين، وهو ما سيواجه بمقاومة تلحق به هزيمة حتمية كما جرى مع "المارينز". وتتساءل المصادر: هل سيجبر مجلس الأمن النواب على انتخاب رئيس؟ أم أنه سيتحول هو إلى هيئة لانتخاب الرئيس؟ وعليه تتوقع المصادر استمرار الأزمة إلى أجل غير مسمى ما لم يحصل اتفاق لبناني ـ لبناني.
في هذه الأثناء تسربت أجواء عن فريق السلطة بأنه لم يعد متمسكاً بترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية، وأنه بات يطرح في سوق التداول أسماء مرشحين جدد، وقد فاتح بعض قادة هذا الفريق الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بهذا الأمر خلال زيارته الأخيرة لبيروت، وهو ما أعاد الأمل إلى بعض المرشحين للقيام بجولات وزيارات داخلية وخارجية بعيدة عن الأضواء لتلمس حظوظهم الرئاسية، في مقابل ذلك أكدت المعارضة أن العماد سليمان يبقى مرشحها الوحيد، وهي تريد من خلال تأكيدها لضرورة حصولها على الثلث الضامن في الحكومة المقبلة حمايته من حصار فريق السلطة له، مستفيدة مما جرى مع الرئيس السابق اميل لحود.
هلال السلمان
الانتقاد/ العدد1251 ـ 25/1/2008

2008-01-24