ارشيف من : 2005-2008

أشلاء ثورة الأرز تغامر في إنقاذ جثة الحكومة الاسرائيلية

أشلاء ثورة الأرز تغامر في إنقاذ جثة الحكومة الاسرائيلية

بلغ التناغم بين أركان قوى الموالاة وأركان القيادة الاسرائيلية حد الالتقاء في التصريحات، على ضرورة التخلص من الأمين العام لحزب الله.
وإذا كانت القيادات الاسرائيلية قد صرحت علناً بما كانت تخطط له سراً، وأعلنت أمام وسائل الاعلام كافة انها تنوي اغتيال السيد نصرالله، فإن قيادات ثورة الأرز بحسب اللغة الأميركية رحبوا بنوايا "اسرائيل" الدموية من خلال الهجوم على خطاب عاشوراء، والتشكيك بنوايا حزب الله في المشاركة السياسية، ووصفه بالدولة داخل الدولة، بل ذهب بعضهم الى القول بأنه أكبر من الدولة، وانتقد آخرون تهديداته بحرب تغير وجه المنطقة، واعتبروا ان من يملك القدرة لتغيير وجه المنطقة يستطيع ان يُغير وجه لبنان ساعة يشاء.
المهم في رد الموالاة على خطاب عاشوراء، هو ما كشفه النائب حسن فضل الله عن تغطية محلية لعملية اسرائيلية باغتيال السيد نصرالله من القوى نفسها التي سعت برسائلها الى رئيس الوزراء الاسرائيلي في تموز 2006 تطلب منه استمرار الحرب حتى القضاء على حزب الله.
والأهم من ذلك ان القيادات الاسرائيلية استقبلت انتقادات الرئيس امين الجميل وسمير جعجع خصوصاً بالترحيب، ووصفت هذه الأصوات بالمهمة لأنها تأتي من أصدقاء كانت تربطها علاقة صداقة مع "اسرائيل". وذهب التلفزيون الاسرائيلي الى حد امتداح شجاعة الرئيس الجميل في تصديه لنصرالله.
 وكانت شخصيات بارزة في القيادة السياسية الاسرائيلية قد نصحت وزراء الحكومة الاسرائيلية وضباط الجيش برص الصفوف والتماسك أمام الدوي الكبير الذي احدثه خطاب السيد حسن نصر الله في "اسرائيل"، وايكال الرد على الخطاب الى اللبنانيين أنفسهم.
تقاطعت هذه التصريحات الاسرائيلية مع معلومات تداولتها شخصيات سياسية ونشرت بعضاً منها الصحف تفيد بأن السفارة الأميركية في بيروت، نقلت تعليمات من ديفيد وولش مساعد وزيرة الخارجية الأميركية الى الموالاة بضرورة الرد على السيد نصرالله، وتولى الثلاثي الجميل وجعجع وجنبلاط توجيه انتقادات مباشرة للسيد، فيما تولى البعض الآخر تسليط الضوء على مشروع حزب الله السياسي وسلاحه وتمسكه بقرار الحرب، وتجاوز الحكومة والدولة في المفاوضات حول الأسرى.
 حاول الرئيس أمين الجميل توضيح سبب اشمئزازه من خطاب السيد نصرالله برد "أقبح من ذنب" قال فيه ان اشمئزازه كان من عبارات الأشلاء والرؤوس والأقدام والأيدي، بغض النظر عن مرمى الرسالة التي أراد السيد نصرالله توجيهها.
وفي هذه المقاربة، التقى الجميل مجدداً مع الاسرائيليين في الاشمئزاز، وهو تقاطع له دلالات خطيرة في السياسية والأمن تشبه الى حد كبير عبارة "المغامرون" في البيان السعودي عشية حرب تموز 2006.
وأخطر الدلالات هو انتصار قوى 14 شباط لرئيس الوزراء الاسرائيلي والوقوف الى جانبه قبل صدور تقرير لجنة فينوغراد الذي سيحدد مصيره السياسي، ومن المتوقع ان يحمله نتائج هزيمة الجيش الاسرائيلي في لبنان، ويدرك هؤلاء انهم يغامرون في مواقفهم الداعمة لأولمرت، ولن يتمكنوا من انقاذ رأسه، الذي خاض في الأيام الأخيرة لحرب تموز معركة انقاذ رأسه ورأس وزير حربه ورئيس الأركان الاسرائيلي من خلال ارغام  الدبابات على عبور الحدود اللبنانية نحو نهر الليطاني.
 لم ينجح أولمرت في انقاذ رأس وزير حربه ولا رأس رئيس الأركان، وعلى الأرجح فإن رأسه سيُوضع على مقصلة المحاسبة، ولن تنفع جميع رؤوس الموالاة اللبنانية في انقاذ رأسه، كما لن يتمكن هو من تحطيم رأس حزب الله، وسيظل عاجزاً عن حماية رأس ثورة الأرز.
 وما هو أبعد من ذلك، فإن تمسك الموالاة في تصفية حزب الله لن يساعد فريق الأكثرية على الاستمرار بالاستئثار بالسلطة، وإن منحهم المزيد من الوقت فيها، ولكن في دلالات الرد على الخطاب بعد انحياز المبادرة العربية في تفسير بنودها الى جانب الأكثرية، وبعد التهديد الفرنسي بالتدويل، أنها تشير الى مرحلة جديدة من العمل السياسي لن تكون خلالها ثورة الأرز محرجة في رفع العلم الأميركي.
قاسم متيرك
الانتقاد/ العدد1251 ـ 25/1/2008

2008-01-24