ارشيف من : 2005-2008
تسعون عاماً على "بلفور".. وفلسطين تنتظر
في مثل هذا اليوم من العام 1917، صدرت الرسالة التي غيرت وجه المنطقة وعرفت لاحقاً باسم "وعد بلفور".
رسالة كتبت على ورق انكليزي بحبر انكليزي، على "رشفة" شاي انكليزية.. وفي قصر انكليزي..
رد العرب على وعد "بلفور" بورود واكاليل غار.. زينت عنق الصهاينة.. مع كل مجزرة ارتكبوها.. وصولاً الى اليوم..
من كفر قاسم الى دير ياسين الى مجزرة الحرم الابراهيمي الى شاطئ غزة الى اغتيال القادة.. في فلسطين وخارجها.. بحر دماء يطوق عنق العرب.. فلسطينياً.. ناهيك عن مجزرة بحر البقر واعدام الاسرى المصريين، واحتلال الاراضي العربية من الجولان الى جنوب لبنان..
الى مجازر قانا الاولى والثانية.. والسلسلة تطول..
"وعد" سرق وطن شعب، وأحاله شتاتاً في الافاق.. القريبة والبعيدة.. وصولا الى البرازيل كما حصل مع العالقين على الحدود التي وضعها ايضاً.. انكليزي.. وبين الوعد الانكليزي والتقسيم الانكليزي.. ضاعت فلسطين..
بعد ايام يعقد في انابوليس "مؤتمر الخريف".. الذي يراد له ان يقفل ملف القدس والعودة نهائياً.. ممهوراً بتوقيع اهل الارض والقضية، وعلى مرأى ومسمع من كل العالم.. وبهذا تكون رحلة محو فلسطين من الذاكرة استغرقت تسعين عاماً..
تسعون عاماً على وعد "بلفور" ..
تسعون عاماً على جريمة قرر صاحبها ان يرتكبها عن سبق اصرار وترصد من أجل مصالح بلاده، فوزير الخارجية البريطانية سابقا، عرف بمعارضته لـ"الهجرة" اليهودية إلى شرق أوروبا خوفاً من وصول اليهود إلى بريطانيا، ففضّل الحفاظ على مصالح بلاده بأن ارسل اليهود الى فلسطين "ليجنّب" بلاده مخاطرهم.
في المقابل، لا يترك العرب باباً يضرهم الا ويلجونه، والمضحك المبكي ان واحداً ممن يدّعي الحرص على القدس وقضية اللاجئين هو اكثر المتحمسين للمؤتمر.. وهو يعرف ان "اولمرت" لن يعطيه.. من الدبس "لحسة".. ولم يتعظ من العبر التي مرت امامه.
تسعون عاماً.. ادت بالفلسطينيين الى ان يتحولوا الى شعب بلا وطن.. مشرد على ابواب "الاخوان" و"الخلان" وحين ضاقت صدور قومه.. رُحّل الى المقلب الآخر من العالم..
المفارقة اتت من الهند التي احتلها الانكليزي.. وعذراً على التكرار.. لعلّه يفيد "الشطار".. نزع المهاتما غاندي ثيابه وطلب من شعبه فعل ذلك، ولبس مما ينسج وأصر على خروج المحتل.. فخرج ذليلاً.. بلا معركة وطائرات تكلف مليارات الدولارات.. وهي محددة المجال والهدف..
رجلٌ واحد وقف في وجه بريطانيا فأذلها.. وعرب "الردة".. على كثرتهم.. لا يستطيعون الوقوف في وجه العدو الغاصب لينصروا اهلهم.. ويمسحوا "الوعد المشؤوم"..
تسعون عاماً.. على "وعد بلفور".. وفلسطين تنتظر.. وعدها بالحرية.. وأحد عشر الف أسير ينتظرون فك اسرهم.. والارض كل الارض تنتظر السيادة..
فهل من يتذكر.. ويتفكر ويأخذ العبرة!
مصطفى خازم
الانتقاد/ العدد1239 ـ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2007