ارشيف من : 2005-2008
قزوين .. بحر السلام
عندما تزور بحر قزوين وتقف على الشاطئ الآذري منه، تتراءى لك أرض الإسلام الممتدة عمقاً في التاريخ والجغرافيا.. وتسأل نفسك، قبل 64 عاماً هل خطر ببال جوزيف ستالين أنه سيأتي اليوم الذي سينهار فيه الاتحاد السوفياتي، وتتحول روسيا مما كانت عليه الى المقلب الآخر.. فقام بالزيارة اليتيمة تلك الى طهران.. الامبراطورية.
سنوات طوال مرت، انهار فيها الاتحاد السوفياتي، وتبدلت الاسماء في روسيا، وعاد للدين مجده وارتفعت المآذن مجدداً بعد سنوات عجاف من القهر والصلاة في السر.. والتبرك بالقادمين العرب الى موسكو كونهم احفاد محمد(ص)..
.. وعاد فلاديمير بوتين قائد الامة الروسية واراضيها الشاسعة وترسانتها الممتدة عبر القارات.. الى طهران..
لو كان الإمام الخميني (قده) موجودا بيننا اليوم، ربما كان أعلن خلال استقباله الرئيس الروسي أن الغطرسة الامبريالية قد انتهت بالضربة القاضية، التي شكلتها زيارة بوتين الى طهران..
وبما كان جواب بوتين ان النصيحة لميخائيل غورباتشوف قبل 18 عاماً: "أطلب منكم بإلحاح أن تحذروا الوقوع في سجن الغرب والشيطان الاكبر".. قد أتت أكلها..
ثمانية عشر عاماً مرت على الرسالة الشهيرة، وثلاثة وسبعون عاماً على زيارة جوزيف ستالين الى طهران، توجت بالامس باللقاء التاريخي
برغم كل المحاولات.. بث إشاعات ودسائس، وتهديدات بالموت.. قرر بوتين خوض التجربة التي قال عنها: "هذه اول مرة ازور فيها ايران، وبالنسبة لي فان رؤية بلدكم كانت أمرا جذابا جدا".
اليوم بات أعداء اميركا أقوى.. ولا حاجة للسلاح للوقوف بوجه امبراطورية الشر المطلق، والإرهاب الدولي، فالسلاح الامضى هو الحق.. بالوجود والحياة العزيزة والكريمة.. فكيف إذا اجتمعا
بالأمس، الرسالة كانت لكل العالم.. إيران ليست ضعيفة، وليست معزولة.. بل باتت قطب الرحى، وهي المتواضعة أبداً لاصدقائها..
ايران التي تعترف بالآخر.. انطلاقا من اسلامها وليس من مصالحها.. وتبقى القاعدة الاساس مسك الختام، ختام الإمام في رسالته الشهيرة: "وعلى أية حال فإن بلدنا ـ وكما كان في السابق ـ يؤمن بمبادئ حسن الجوار والعلاقات المتبادلة المتكافئة ويحترم هذه المبادئ".
"والسلام على من اتبع الهدى"...
ايران والإسلام.. ثنائية لا تنفصم.. لتثبت ان الدين يقود الشعوب نحو الأفضل.. وليس "أفيوناً" للتخدير، أو لاستخدامها في حروب المتسلطين على الفقراء والضعفاء.. كما يفعل نبي الغرب الجديد جورج بوش.. الابن.
مصطفى خازم
الانتقاد/ العدد 1237 ـ 19 تشرين الأول / اكتوبر 2007