ارشيف من : 2005-2008

بكى مصرعه في يوم مولده، رسول الله: "الحسين زين السماوات والأرض"

بكى مصرعه في يوم مولده، رسول الله: "الحسين زين السماوات والأرض"

الإمام الحسين ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع). أُمه  سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع) وجده سيّد المرسلين وخاتم النبيين محمد (ص).
وهو ثالث الأئمة الاثنى عشر من أئمة أهل البيت (ع)، وخامس أصحاب الكساء.
وضعت سيدة نساء العالمين (ع) وليدها العظيم في المدينة المنورة  (ع) في الثالث من شهر شعبان من السنة الثالثة أو الرابعة للهجرة النبوية الشريفة.
ولمَّا بُشِّر الرسول الأعظم (ص) بسبطه المبارك، خف مسرعاً إلى بيت بضعته فاطمة (ع) وهو ثقيل الخطوات، وقد ساد عليه الوجوم والحزن، فنادى بصوت خافت حزين النبرات: (يَا أسماء، هَلُمِّي ابنِي).
فَناولَتْهُ أسماء، فاحتضنه النبي (ص) وجعل يُوسعه تَقبيلاً وقد انفجر بالبكاء.
فَذُهِلت أسماء وانبرت تقول: فِداك أبي وأمي، ممّ بكاؤك؟!
فأجابها النبي (ص)  وقد غامت عيناه بالدموع: "مِن ابنِي هَذا".
فقالت: "إنه وُلد الساعة".
فأجابها الرسول (ص) بصوت متقطع النبرات حزناً وأسىً قائلاً: "تَقتُلُه الفِئةُ البَاغية من بعدي، لا أنَالَهُمُ الله شفاعَتي".
ثم نهض وهو مُثـقل بِالهَم، وأَسَرَّ إلى أسماء قائلاً: "لا تُخبري فاطمة، فإنها حديثة عهد بولادته".
كان الحسين(ع) أشبه الناس برسول الله (ص) خَلقاً وخُلُقاً.
وكان (ع) من أشرق الناس وجهاً.
وكان (ع)  في هَيبته يَحكي هيبة جَدِّه (ص) التي تَعنُو لَها الجِبَاه.
ووصف عظيم هيبته بعض الجَلاَّدين من شُرطة ابن زياد بقولهم: "لَقَد شَغَلَنا نُورُ وجهِهِ وجَمالُ هَيبتِه عن الفكرة في قتله".
نشأ الحسين(ع) في ظل جده الرسول الأعظم (ص) فكان هو الذي يتولى تربيته ورعايته.
والإمام الحسين كأهل بيته الطاهرين(ع) كانت حياتهم كلها تضحية وعطاء في سبيل الناس باذلين في ذلك كل غالِ ونفيس حتى الدم  والروح "وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ".
وفيهم نزل قوله تعالى "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا".
فكان(ع) طوال حياته ملاذاً للفقراء والمحرومين، وملجأ لمن جارت عليه الأيام. يقول كمال الدين بن طلحة: "وقد اشتهر النقل عنه (ع)  أنه كان يكرم الضيف، ويمنح الطالب، ويصل الرحم، ويسعف السائل، ويكسو العاري، ويشبع الجائع، ويعطي الغارم، ويشد من الضعيف، ويشفق على اليتيم، ويغني ذا الحاجة، وقَلَّ أن وَصَلَه مَال إلا فَرَّقَه.
ويقول المؤرخون: كان (ع) يحمل في دُجَى الليل الجراب، يملؤه طعاماً ونقوداً إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين، حتى أَثَّر ذلك في ظَهرِه، وكان يُحمَل إليه المتاع الكثير فلا يقوم حتى يَهبُ عَامَّتَه.
وروي أن رجلاً قال عنده: إن المعروف إذا أسدي إلى غير أهله ضاع، فقال الحسين (ع): "ليس كذلك، ولكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر تصيب البر والفاجر".
وقد توالت أقوال رسول الله (ص) في وَصف مقام الإمام الحسين  (ع)، وموقعه الرفيع من الرسالة ومنه، ومدى محبَّة النبي له (ع)، ومن هذه الأقوال:
عن سلمان الفارسي، قال: سمعتُ رسول الله (ص) يقول: "الحسن والحسين ابناي، من أحبَّهما أحبَّني، ومن أحبَّني أحبَّه اللهُ ، وَمَن أحبَّه الله أدخله الجنة، ومن أبغضَهُمَا أبغضَني، ومن أبغضَني أبغضَه الله، وَمَن أبغضه الله أدخلَه النَّار عَلى وجَهه".
عن ابن عباس، قال: لمَّا اشتدَّ برسول الله (ص) مرضه الذي توفِّي فيه، ضمَّ الحسين (ع)، ويسيل من عرقه عليه، وهو يجود بنفسه ويقول: "مَا لي وَلِيَزيد، لا بَارَكَ اللهُ فِيه، اللَّهُمَّ العَنْ يزيد".
ثم غُشي عليه (ص) طويلاً.
ثم أفاقَ، وجعل يقبِّل الحسين (ع) وعيناه تذرفان ويقول: "أما إن لي ولقاتلك مقاماً بين يدي الله عزَّ وجلَّ".
ذكر الصدوق في عيون أخبار الإمام الرضا (ع) باسناده عن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال:
دخلت على رسول الله (ص) وسلم  وعنده أبي بن كعب، فقال لي رسول الله (ص):
مرحبا بك يا أبا عبد الله، يا زين السماوات والأرضين.
قال له أُبي: وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرضين أحد غيرك؟
قال (ص): يا أبي، والذي بعثني بالحق نبيا إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض.
وإنه لمكتوب عن يمين عرش الله عز وجل:
مصبـــاح هــــدى و سفينــة نجـــاة
وإمام: خير ويمن، وعز وفخر، وعلم وذخر.
وعن حريز قال: قلت لأبي عبد الله (ع): جعلت فداك ما أقل بقاءكم أهل البيت وأقرب آجالكم بعضها من بعض مع حاجة الناس إليكم؟ 
فقال: "إن لكل واحد منا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدته، فإذا انقضى ما فيها مما أُمر به عرف أن أجله قد حضر فأتاه النبي (ص) ينعى إليه نفسه وأخبره بما له عند الله. وإن الحسين (ع) : قرأ صحيفته التي أُعطيها، وفسر له ما يأتي بنعي وبقي فيها أشياء لم تقض، فخرج للقتال.
وكانت تلك الأمور التي بقيت: أن الملائكة سألت الله في نصرته فأذن لها ومكثت تستعد للقتال وتتأهب لذلك حتى قتل فنزلت وقد انقطعت مدته وقتل (ع)، فقالت الملائكة: يا رب أذنت لنا في الانحدار وأذنت لنا في نصرته، فانحدرنا وقد قبضته، فأوحى الله إليهم: أن الزموا قبره حتى تروه وقد خرج فانصروه وابكوا عليه وعلى ما فاتكم من نصرته فإنكم قد خصصتم بنصرته وبالبكاء عليه، فبكت الملائكة تعزيا وحزنا على ما فاتهم من نصرته، فإذا خرج آخر الزمان يكونون أنصاره".
الانتقاد/ العدد1251 ـ 25/1/2008

2008-01-24