ارشيف من : 2005-2008

المعبر على طاولة البحث بين الفرقاء في القاهرة والحوار الداخلي في نفق مظلم

المعبر على طاولة البحث بين الفرقاء في القاهرة والحوار الداخلي في نفق مظلم

غزة ـ عماد عيد
تواصل حركة المقاومة الإسلامية حماس استثمار الهبة الشعبية نحو الحدود المصرية الفلسطينية وقد رفعت من سقف مطالبها حول ملف الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وتحديدا حول ملف معبر رفح الذي طرح بقوة في الأيام الأخيرة بعد أن طواه النسيان طوال سبعة أشهر سابقة.
قيادة حركة حماس وبرئاسة الدكتور محمود الزهار وعضوية سعيد صيام غادرت غزة إلى مدينة القاهرة عبر معبر رفح في دلالة رمزية على ضرورة فتحه وسط تأكيد منها أن العودة إلى الاتفاق السابق لمعبر رفح أصبحت لاغية، وان أي اتفاق لفتح المعبر فإن حماس يجب أن تكون شريكة به وعلى علم بتفاصيله.
وحسب كثير من المراقبين فقد كانت حماس هي الرابح الأكبر في قضية فتح الحدود مع مصر، فهي أولا دعيت للقاهرة بصفة رسمية لأول مرة منذ الحسم العسكري في قطاع غزة وبوفد من الداخل والخارج ما يؤكد أن إمكانية تجاهلها أصبحت مستحيلة، وثانيا سجلت خطوة متقدمة على طريق الحوار الداخلي الفلسطيني، ففتح والسلطة في رام الله مضطرة للحديث مع حركة حماس على الأقل في ملف معبر رفح، وهو ما كانت ترفضه حكومة رام الله بشكل مطلق.
وحسب السيناريوهات المتوقعة فإن حركة حماس لن تقبل بأي إغلاق للحدود مع مصر من دون التوصل إلى اتفاق حول معبر رفح الحدودي الذي يسمح للفلسطينيين بالسفر حول العالم من دون الحاجة إلى المرور بإجراءات الأمن الإسرائيلية، وستسعى حركة حماس بكل قوة للتوصل إلى اتفاق جديد حول المعبر يضمن أن تكون لها الكلمة العليا فيه، ولكن في ظل الضغط المصري المتوقع على حماس فإن الحركة وحسب مصادر فيها يمكن أن تقبل بأن تتولى قوات من حرس الرئاسة الفلسطينية المسؤولية عن المعبر وإعادة تشغيله من جديد بوجود المراقبين الأوروبيين ولكن بضمانة عدم تدخل الإسرائيليين في إغلاقه من حين لآخر. لكن المهم أيضا حسب هذا المصدر أن تضع حماس عددا من كوادرها في كل مفاصل المعبر الرئيسية كالأمن والجمارك والارتباط مع الجانب المصري، على ألا يكون هذا الوجود علنيا، في حين أن المسؤولية عن الأمن على حدود المعبر ستبقى في كل الأحوال لحركة حماس وكتائب القسام التي تسيطر فعليا على الحدود وعلى المعبر. أما موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي وصل إلى القاهرة بالتزامن مع وصول حركة حماس فيبقى ضعيفا ولا يملك من أوراق القوة في غزة إلا ما طرحه وزراء الخارجية العرب من دعم لاستلامه المعابر.
ويرى المراقبون أن الموقف الإسرائيلي وهو الأهم في هذا الملف سيبقى صامتا إلى آخر لحظة في انتظار الإعلان المصري عن الاتفاق أو الاختلاف بين حركتي فتح وحماس ليبدأ في خلق أزمة جديدة حول المعبر.. فإسرائيل التي ضغطت على مصر طويلا لمنع فتح المعبر حتى لو كان السبب إنسانيا كما حدث في ملف الحجاج الفلسطينيين ستحاول من جديد مواصلة الضغط والتهديد لمنع فتح المعبر بشروط جديدة، لكن في النهاية وحسب المتوقع فلا خيار أمام إسرائيل إلا الموافقة على فتح المعبر ببعض الشروط المجحفة أو الدخول في مغامرة عسكرية في غزة للسيطرة على الحدود، وهو أمر مستبعد في ظل حالة الإرباك التي تسود الكيان العبري نتيجة تداعيات تقرير لجنة فينو غراد حول حرب لبنان.
وبعيدا عن المعبر الذي أصبح أمر تنظيم فتحه مسألة وقت فإن الحوار الفلسطيني الداخلي يبقى رهن مواقف عديدة بينها الاسرائيلي والأميركي، وبرغم بعض الأمل لدى الفلسطينيين أن يشكل اللقاء في القاهرة بداية لحوار فلسطيني داخلي بين حركتي فتح وحماس، إلا أن التصريحات التي سبقت خروج الوفدين سواء من غزة أو رام الله لا تبشر بخير، وسيشكل فشل الطرفين في ملف المعبر صورة مصغرة لمصير أي حوار بين الفلسطينيين على الأقل في الفترة القريبة.
الانتقاد/ العدد1252 ـ 1 شباط/ فبراير 2008

2008-02-01