ارشيف من : 2005-2008

ايران الفكر والاقتصاد والسياسة والدين تشارك بقوة في دافوس: السلام والعدالة والتعاون مع الشعوب نحو مستقبل مشرق

ايران الفكر والاقتصاد والسياسة والدين تشارك بقوة في دافوس: السلام والعدالة والتعاون مع الشعوب نحو مستقبل مشرق

طهران ـ الانتقاد
"ايران خطر عالمي، يمكنكم العمل الفوري على مواجهة هذا الخطر".. تحذير أطلقته وزيرة خارجية الكيان الصهيوني زيبي ليفني الى المشاركين في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا! لم يلقَ آذانا صاغية، ورفضت اللجنة المنظمة ان تدرجه للبحث، الامر الذي أغضب الوزيرة الخائبة ودفع معلمتها الاميركية كوندوليزا رايس لتغيير الاجواء وإرسال اشارات ايجابية الى ايران بإغرائها بإعادة العلاقات الاقتصادية والسياسية فورا "شرط تعليق عمليات تخصيب اليورانيوم"، الامر الذي رفضته ايران ولم تعتبره اقتراحا جديا، حيث علق رئيس الدبلوماسية الايرانية منوتشهر متكي على "اللطف الاميركي المفاجئ" بأن الظاهر "ان النساء في اميركا اشجع من الرجال!"، في اشارة مبطنة الى ضرورة اعلان توجه كهذا من قبل الرئيس الاميركي لتغيير السياسات الاميركية المعادية لإيران. مضيفا: اننا لم نلتزم بقطع علاقاتنا مع اميركا الى الابد، الا ان المشكلة اكبر من الملف النووي وترجع الى سياسة اميركية معارضة للنظام الاسلامي والشعبي في ايران.
كل هذا كان على حاشية منتدى دافوس، اما المتن فكان عبارة عن خلية نشطة وورشة عمل استمرت خمسة ايام في المدينة السويسرية المجاورة لجبال "الألب". المؤتمر العالمي الذي تأسس عام 1971 على يد الاستاذ الجامعي كلاوس شواب لأهداف تنسيق السياسات الاقتصادية والصناعية الكبرى في العالم، تحول على مر السنوات الى محطة سنوية ولقاء عالمي ذي أبعاد سياسية وفكرية وثقافية واجتماعية، اضافة الى الشق الاقتصادي الرئيس.
(30) رئيس جمهورية و(113) وزيرا و(2500) شخصية اقتصادية وسياسية وفكرية من (88) دولة شاركوا في انشطة وأعمال المؤتمر غير الرسمي الذي يتجه عاما بعد عام نحو البحث النظري والفلسفي للمشكلات العالمية لإيجاد اطار عملي لحلها مع ضمان تأمين مصالح الجميع، حيث يشير شواب "أبو المنتدى" الى حتمية التعاون العالمي لتحقيق توازن وسلام وحلول للمشكلات التي تواجه الجميع بنسب مختلفة، كالتنمية والبيئة والفقر والركود الاقتصادي الذي بدأ بالظهور.
ايران حضرت هذا العام بقوة لافتة للأنظار، وأغلب شخصيات المنتدى لم تكتفِ بالسخرية من صراخ الوزيرة ليفني، بل كان التنسيق الفعال مع ايران كقوة اقتصادية وسياسية وفكرية هامة هو سيد الموقف، وخاصة من الشخصيات الاقتصادية والفكرية الأوروبية التي ظهر بوضوح تعارض رؤيتها ومصالحها مع رؤية الادارة الاميركية ـ الاسرائيلية. منوتشهر متكي وضمن سلسلة من المحاضرات واللقاءات ركز على ضرورة فتح صفحة تعاون حقيقي مع أوروبا، وخاصة بعد ان شارف الملف النووي على الانتهاء. مطالبا مجلس الامن بإعادة النظر في قراراته ضد ايران التي توافقت مع الوكالة النووية، فلا مبرر لبقاء الملف في المجلس.. محذرا من رد فغل ايراني قوي ان رضخ المجلس للإملاءات الاميركية. وفي لقاءات مع نظرائه الفرنسي والبريطاني والهولندي والسويسري أعلن عن رغبة ايرانية جدية في تعاون وعلاقات مثمرة مع أوروبا المستقلة عن الضغط الاميركي. المستشار الاعلى للرئيس الايراني ثمرة هاشمي رفسنجاني أعلن ضمن مشاركته في جلسات "الحوار بين الأديان للوصول الى خطاب مشترك"، ان البشرية يمكن ان تصل للعدالة عبر اختيارها الأصلح للحكم والادارة في ظل التعاليم الإلهية التوحيدية. مضيفا: ان اهم تكليف لأتباع اليهودية والمسيحية والاسلام هو احياء الدين الحقيقي ورفض الخرافات والجهل والتحريفات، والعمل بإخلاص على مقاومة الظلم والجور لخدمة الانسان والبشرية.
 الجانب التنموي كان حاضرا، حيث شارك الدكتور محمد قاليباف رئيس بلدية طهران في سلسلة لقاءات ومباحثات هدفت بشكل اساسي الى جلب استثمارات بقيمة (4) مليارات دولار في مشاريع تنموية وتجارية داخل ايران. قاليباف الذي اختير بين أفضل (50) رئيس بلدية في العالم التقى برؤساء بلديات لندن وميلانو وسان فرنسيسكو ودبي، حيث بحث مع الاخير مشروع مؤاخاة بين مدينتي طهران ودبي.
حضور ثقافي آخر تمثل بمشاركة السيد محمد خاتمي الرئيس الايراني السابق بوصفه رئيس مؤسسة حوار الحضارات، حيث شدد على ان ايران هي الدولة الاكثر ديمقراطية بين جميع دول الشرق الاوسط، وأن الشعوب يمكنها ان تتعاون بأخوّة ومحبة لتحقيق مستقبل مشرق للبشرية بعيدا عن الظلم والاحتلال والهيمنة. مشيرا الى أوهام الغرب العلماني وخوفه من عودة الدين، في وقت وقعت الحروب الكونية بين هولاء العلمانيين ولم يكن للدين فيها دور يُذكر.. ورأى أن الاسلام والمسيحية يقومان على الحب ورفض الاستبداد. كذلك برزت آراء آية الله هادوي طهراني المفكر الاسلامي المهتم بإظهار الصورة الحقيقية الناصعة للدين الاسلامي في الغرب ورفض التشويه الاعلامي، وقد طالب طهراني من الرئيس الاميركي المقبل ان يحترم حقوق الانسان في اميركا وخارجها.
وقد ركز الاعلام الايراني على الفرص المتاحة حاليا امام ايران للعب دور حضاري وفكري عالمي يغني البشرية المتعطشة للحقائق المعنوية والإلهية السامية، وسط طروحات نهاية التاريخ وموت الإنسان وصدام الحضارات، وكذلك إيفاء دور اقتصادي ـ سياسي حساس في الظروف الحالية التي تشهد منافسة غربية وروسية وآسيوية نظرا لموقع ايران الجيوبوليتكي الممتاز وثرواتها الطبيعية والبشرية وإمكاناتها الاقتصادية والصناعية والعلمية ذات الوتيرة المتسارعة في التطور والإبداع.
المشاركة الايرانية الواسعة والمتنوعة الابعاد والآفاق في منتدى دافوس مثلت خطوة اخرى في الانفتاح والتعاون الايراني البناء مع نخب العالم الاقتصادية والفكرية والسياسية، في جو هادئ ومثمر بعيدا عن الضوضاء والهمروجة المستهلكة حول "عزل ايران وحصارها"، بينما الواقع يشهد العكس، "حيث لا يصح الا الصحيح".
الانتقاد/ العدد1252 ـ 1 شباط/ فبراير 2008

2008-02-01