ارشيف من : 2005-2008
أولمرت أمام مؤتمر هرتسيليا: محاولة فاشلة لاحتواء مفاعيل تقرير فينوغراد
لم يجد رئيس حكومة العدو ايهود اولمرت مفرا من تناول الوضع على الحدود مع لبنان، خلال كلمة له في مؤتمر هرتسيليا، خاصة انها أتت عشية صدور تقرير فينوغراد في محاولة للتخفيف من وقع التقرير واحتواء بعض من تداعياته. وحاول في هذا المجال ان يبدو بمظهر المسؤول الذي يناقش الاشكاليات والقضايا بهدوء وعقلانية.. لكن هذا الكلام لم يكن سوى تمهيد لما اعتبره تلخيصا للعام 2007، باعتباره العام الذي تجسدت فيه نتائج وتداعيات الحرب على لبنان. وركز اولمرت على الهدوء الذي يسود الحدود الشمالية "يوجد الآن هدوء في شمالي البلاد، ولا يوجد منذ 18 شهرا كاملة، احتكاكات يومية ولا قصف صواريخ، وهذه هي فترة الهدوء الأطول في الشمال منذ 28 سنة"، كما تحدث عن ازدهار الشمال.
لكن اولمرت تجاوز حقيقة ان هذا الهدوء ساد الى حد شبه كامل في اعقاب دحر الجيش الاسرائيلي عام 2000، وخاصة ان فتح الجبهة مع العدو لم يكن ضمن استراتيجية حزب الله. وهذا ما يؤكده اداؤه العملي خلال السنوات الست التي تلت (2000- 2006). حيث لم يتخلل هذه السنوات سوى بعض الاحداث المتفرقة، وقد سبق لاحدى الدراسات الصادرة عن مركز دراسات الامن القومي التابع لجامعة تل ابيب (مركز جافي للدراسات الاستراتيجية سابقا) ان اكدت أن حزب الله كان في جميع الاحداث في موقع دفاعي او رد فعل على اعتداءات او خروقات اسرائيلية.
وفي هذا الاطار رد رئيس الاركان الاسبق للجيش الاسرائيلي موشيه يعلون على حديث اولمرت عن الهدوء السائد بعد حرب تموز بالقول ان "الشمال كان هادئا أيضا بعد الانسحاب من لبنان، ولقد رأينا ما حل بنا بعد ذلك".
وبرغم أن اولمرت اعتبر هذا الهدوء نتيجة لقوة الردع الإسرائيلية في مواجهة حزب الله "ولكل متزود بسلاح بعيد المدى" إلا انه تجاوز حقيقة ان الهدوء السائد لم يكن ليتحقق لولا ان اسرائيل كفت اعتداءاتها المباشرة عن الاراضي اللبنانية عامة والجنوبية خاصة، وتحديدا تلك المناطق الملاصقة للحدود الفاصلة بين لبنان وفلسطين.
لكن اولمرت لم يجد مفرا (كجزء من محاولته الظهور بمظهر العقلاني والموضوعي التي اشار اليها في حديثه) من الاعتراف بحقيقة سبق ان اكدها الكثير من المسؤولين الاسرائيليين وهي ان حزب الله "عزَّز جداً كمية الوسائل القتالية التي يملكها حيث غدت أكثر مما كانت لديه عشية الثاني عشر من تموز 2006".
وبرغم ان الموقف الاخير ينطوي على إقرار بالفشل في تحقيق أهم هدف اسرائيلي اميركي للحرب على لبنان وهو القضاء على القدرات القتالية لحزب الله وخاصة الصاروخية منها، أو بعبارة اخرى إضعافه إلى الحد الذي يُعبِّد الطريق أمام تنفيذ المخطط الأميركي في لبنان ومنه. لكن اولمرت تحدث عنه بطريقة "مقلوبة" توحي وكأن الهدف الاساسي للحرب قد تحقق، ولكنه اقترن ببعض النتائج الهامشية، فيما ان الواقع مغاير تماما لما يوحي به. والا لماذا تشكلت لجنة فينوغراد... ولماذا توالت استقالات اغلب القادة العسكريين ذات الصلة بالعدوان بدءا من قادة الفرق (العميد غال هيرش) ومرورا بقادة المنطقة الشمالية (اللواء اودي ادم) وصولا الى رأس الهرم العسكري (دان حالوتس).
وبرغم هزالة ما احتج به اولمرت عندما قال "لو لم يكن القتال في تموز ـ آب 2006 فهل كان سيكون عندهم قدرٌ اقل؟ هل كان حزب الله سيضعف آنذاك؟ هل كان سيكون عنده عدد اقل من الصواريخ؟". لا بد من لفت الانظار الى اهمية العبر العسكرية التي استفادتها المقاومة وهي بالتأكيد اهم من استخلاصات الجيش الاسرائيلي بسبب الهوة الهائلة في موازين القوى بين حزب الله والجيش الإسرائيلي.
لكن ما يمكن لاولمرت ان يدعيه حقا هو ازالة النقاط العسكرية التي كان يقيمها حزب الله بالقرب من الجدار الشائك. لكن بالرغم من ذلك ينبغي ان نشير الى انه لم يكن لهذه النقاط اهمية عسكرية لا من الناحية الدفاعية ولا الهجومية، وانما كانت نقاط مراقبة لتحركات العدو ليس الا.
وهكذا يبدو جليا ان اولمرت لم يكن موفقا في محاولته احتواء تقرير فينوغراد الذي يؤكد ويشرح الكثير من جوانب الفشل الذي لحق بالكيان الاسرائيلي جراء الهزيمة التي تلقاها جيشه في مواجهة مجاهدي حزب الله.
ج.ح
الانتقاد/ العدد1252 ـ 1 شباط/ فبراير 2008