ارشيف من :مقاومة
الاعلام واستراتيجية التلاعب بالجمهور
بثينة عليق
ورد في كتيب عنوانه "الترويج لاسرائيل" يوزعه الناشطون المؤيدون للكيان الصهيوني في الجامعات الاميركية في الولايات المتحدة الاميركية ان "معظم افراد الجمهور يفشلون في تحليل ما يسمعونه. فهم لا يلتقطون الا بضع نقاط رئيسة، أما ما ببقى فهو مجموعة انطباعات لذلك يطلب الكتيب من الاكاديميين المؤيدين والداعمين والمروجين لـ"اسرائيل" اعتماد استراتيجية تدوير نفس الادعاءات مرارا وتكرارا، في كثير من المواقف، وكلما امكن. فاذا سمع الناس شيئا ما بما فيه الكفاية فسينتهون الى الاعتقاد به.
دليل الترويج هذا او الهاسبارا (الترجمة العبرية لكلمة الدعاية) كما يحلو للناشطين اليهود تسميته، يتحدث عن العديد من الادوات الدعائية الأخرى مثل العمل على تكوين دلالات سلبية عن طريق اطلاق النعوت السلبية على الاخرين لدفع الجمهور الى رفض فكرة او شخص على أساس التداعيات السلبية المرتبطة بها دون السماح باجراء فحص حقيقي لهذا الشخص او لهذه الفكرة. كما يقترح الكتيب التركيز على ما يسميه" العموميات المتألقة "عند الحديث عن "اسرائيل" وذلك من خلال الاكثارمن استحدام مصطلحات مثل الحرية والديمقراطية والحضارة لوصف "اسرائيل".
الهدف من كل هذا هو التلاعب (وهي الكلمة التي استخدمها الكتيب ) بالجمهور من أجل عدم فحص الحجج وعدم التفكير بشكل نقدي حول ما يقال.
هذا هو على وجه التحديد ما يستخدم في بعض الاعلام العربي واللبناني ضد المقا ومة (هذا الاعلام يعبر عن ذهنية تمقت حتى كلمة ولفظة المقاومة)حيث لا اهمية للحقائق أو للمنطق او للسياقات التاريخية لما جرى او يجري. المهم، التلاعب بالجمهور وتكوين المفاهيم السلبية عن المقاومة والمقاومين وترك الانطباعات الغامضة . وهنا بعض الامثلة :
ـ مصطلح السلاح غير الشرعي مثلاً، والمقصود به سلاح المقاومة، ويتم تكراره على الرغم من ان القوانين الدولية والمحلية تشرع لكل قوى المقاومة امتلاك السلاح، وفي حالة لبنان فان هذا السلاح يحظى بتغطية الحكومة من خلال بيانها الوزاري لا بل اكثر من ذلك، فهو منصوص عليه في دستور البلاد (استراتيجية تدوير الادعاءات)
ـ المقاومة ستقدم الذرائع التي ستدفع "اسرائيل" لشن حرب تلحق الدمار بلبنان على الرغم من معرفة الجميع ان قرار الحرب والسلم تأحذه "اسرائيل" ومن خلفها الولايات المتحدة الاميركية والتجربة التاريخبة اثبتت عدم حاجة كيان العدو لأي حجة اذا ما قرر ضرب لبنان او اي بلد اخر (تكتيك تكوين الدلالات السلبية )
ـ ثقافة حب الحياة والحرية والاعتدال التي تطرح كنقيض لثقافة المقاومة، مع ان القوى السياسية التي ينطق باسمها هذا الاعلام مارست ثقافة الموت لا بل الابادات الجماعية بحق شركائهم في الوطن (العموميات المتألقة)
وفي كل هذه الحالات ليس المهم مناقشة الفكرة أو نقدها فالردود المألوفة والمعدة سلفا ستكون جاهزة لإنهاء التقاش.
اضافة الى هذه الاساليب نشهد في الاعلام اللبناني والعربي تكتيكا جديدا مزدوجا يعتمد من الجهة الأولى على الاسئلة الجاهزة والمعلبة، حيث يتكرر نفس السؤال بالصياغة نفسها على لسان عدد من الاعلاميين في وسائل اعلام مختلفة، اما من جهة ثاتية، فتتم استضافة شخصيات بشكل منتظم ومكرر، وهي شخصيات تفتقد في كثير من الاحيان لاي مصداقية او حيثية نظرا لتاريخها الأسود في الحرب الاهلية او لتجاربها الخائبة في العمالة للعدو اضافة الى افتقارها للمعلومات الدقيقة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر تفتح احدى الاذاعات اللبنانية هواء برامجها السياسية للسفير جوني عبده، وفي مقابلة مع الاذاعة بتاريخ السبت الواقع في20 اذار/مارس الماضي يتحدث السفير عبده عن الاتفاقية الامنية الموقعة بين قوى الأمن الداخلي والسفارة الاميركية، فيهاجم لجنة الاعلام والاتصالات النيابية ويقول ما حرفيته :هل تخلت الحكومة عن صلاحياتها وهل يمكن لخبر في صحيفة ان يأمر او يحفز لجنة الاتصالات فتصبح الامور خارج الدستور؟ هل وضعت اللجنة يدها على الملف وكيف وصل الامر الى لجنة الاتصالات؟ وهل ان رئيس لجنة الاتصالات بحكم موقعه وقبضته على مفاصل الدولة، وجزء منها اللجان النيابية ، يسيطر على الامور ؟!
الدعاية الاعلامية للضيف ولافكاره لم تنته عند هذا الحد، ولاستكمال الاستراتيجيات والتكتيكات التي سبق وذكرناها تعود الاذاعة لتستضيف السبت الماضي بتاريخ 15 ايار/مايو الشخصية نفسها (ما هي الحيثية التي يمتلكها عبده او الموقع الذي يمثله او المعلومات التي يمتلكها والتي تدفع اذاعة لاستضافة نفس الشخصية في فترة زمنية تقل عن الشهرين!)
في هذه الحلقة يستكمل سفير لبنان في فرنسا سابقا حملته، لكن من باب زيارة وفد السفارة الاميركية الى المصنع. ماذا يقدم السفير عبده من اضافات في هذا المجال ؟يقول جوني عبده بعد ان جرى التذكير بمقولته السابقة من خلال استعادة صوتية مسجلة لما قاله سابقاً :" مش قليلة ان زيارة المصنع تأخذ هذا النوع من الخضة. سابقا كان الملحقون العسكريين يزورون الجنوب وفي زمن منظمة التحرير الفلسطينية! ويضيف: ما يخيف هو ان الثقافة الغربية يراد الغاؤها في لبنان والبعض يريد اعطاء انطباع وكأن الضباط اللبنانيين ممنوع ان يتدربوا في الغرب او ان يكون لديهم ثقافة او حضارة غربية معينة"!
اذن خلطة غريبة عجيبة قدمها المديرالاسبق لمخابرات الجيش (في زمن كانت فيه عقيدة الجيش اللبناني نقيض ما اصبحت عليه بعد اتفاق الطائف) فجمع عدة الشغل التي يلجأ اليها اعداء المقاومة لتشويه صورتها، فتكررت مقولات ضرب الدستور والدولة, والقبض على مؤسسات الدولة ولم ينس معزوفة الثقافة والحضارة والعلاقة مع الغرب، كل ذلك في ظل قبول ورضى يصل إلى حد التواطؤ من الجهة المستضيفة التي لم تطلب لا فحصا ولا تدقيقا ولا نقدا ولا اعتراضا على ما قيل !.