ارشيف من : 2005-2008

تقرير فينوغراد: نجاة أولمرت.. وسقوط "إسرائيل"

تقرير فينوغراد: نجاة أولمرت.. وسقوط "إسرائيل"

ورد في التقرير النهائي للجنة فينوغراد اقرار مباشر بالفشل الاسرائيلي في الحرب على حزب الله عام 2006، واقرار بالاخفاق في تحقيق اهداف الحرب، كما ورد ايضا اقرار ان "منظمة شبه عسكرية، تعد الاف المقاتلين، نجحت في الوقوف على مدى اسابيع طويلة، امام اقوى جيش في الشرق الاوسط، الذي يتمتع بتفوق جوي مطلق، وتفوق تكنولوجي، وخصائص اخرى كبيرة جدا". ويضيف التقرير ان "لذلك انعكاسات بعيدة المدى بحسب وجهة نظرنا، وكذلك ايضا بحسب وجهة نظر اعدائنا، ووجهة نظر جيراننا واصدقائنا، في المنطقة وفي العالم".
من جهة ثانية، يمكن القول، وإن بحذر غير شديد، ان التقرير مكّن رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت، اضافة إلى وزير حربه ايهود باراك، من النجاة من تداعيات كانت منتظرة في حال جرى اتهام اولمرت بشكل مباشر كمتسبب للفشل والاخفاق في الحرب، وفي تمكين حزب الله من النصر على الجيش الإسرائيلي.
  واذا كان التقرير "خلّص" اولمرت من ورطة كانت متوقعة قبل اصدار التقرير بحيث يمكنه ان يبقى في سدة رئاسة الوزراء ومواجهة معارضيه من القادة السياسيين واهالي الجنود القتلى والجرحى والمعوقين، اضافة إلى الجنود في الاحتياط، لكنهم سيجدون في التقرير ايضا الكثير جدا من المواد التي تمكنهم من مواصلة مطالبتهم وبقوة ايضا، باتجاه دفعه للاستقالة، وإن كانت المسألة اصبحت أكثر صعوبة مما كانت متوقعا قبل صدور التقرير.
ويلفت في التقرير، انه ركز على اخفاقات الحرب والفشل فيها، كمناسبة اظهرت فشلا اسرائيليا شاملا من جوانب عديدة، تطال المستويات السياسية والعسكرية وتركز على القصور في التفكير الاستراتيجي الشامل، بل ان "اسرائيل"، كما ورد في التقرير، لا تملك استراتيجية عسكرية او سياسية تمكن اللجنة من خلالها القياس عليها وادانة أي شخص مسؤول في فترة الحرب، على تفكير او خطة، ما رأى ان من المناسب القيام بها ـ وهو ما اتاح للجنة، التي لا يبعد انها رأت ان اسقاط اولمرت يزيد من ازمة "اسرائيل" ومكانتها ويفاقم الانعكاسات الخطيرة المتأتية عليها من الحرب ـ العمل على تمكينه من "النجاة" مما اقدم عليه، نتيجة جهله وعدم قدرته على ادارة شؤون "الدولة" خلال الحرب.

من ناحية ثانية، وهي الاهم، ان لجنة فينوغراد قد اتهمت "اسرائيل"، كـ"دولة" و"مجتمع" ومؤسسة عسكرية وسياسية، بالتسبب بالفشل. بمعنى ان نتائج الحرب والهزيمة الإسرائيلية فيها، هي نتيجة لتداعيات متأتية من قصور وتقصير اسرائيلي بيِّن من الناحية العسكرية والسياسية والمجتمعية، لا يقتصر المسؤولون عليه على الحكومة الحالية او المسؤولين الموجودين خلال فترة الحرب، بل على كل الحكومات الإسرائيلية السابقة والمسؤولين العسكريين السابقين ايضا.
الخاسر الاكبر في تقرير لجنة فينوغراد هو المؤسسة العسكرية، التي اثبتت خلال الحرب، فشلها لناحية استعدادها وتدريباتها وتفكيرها العسكري ونظرية تشغيل القوة لديها، الامر الذي يفهمه قادة الجيش الحاليون جيدا، ويعملون عليه.. وهو ما دفع الجيش إلى اصدار بيان يمكن تسميته بالالتفافي والاستيعابي لما ورد في التقرير من اتهامات خطيرة تطال بنية الجيش، والقول ان المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تسعى، منذ نهاية الحرب، إلى تصحيح الاخطاء وهي في طور عملية اصلاح مستمرة.
خلاصة القول هي: اعتراف اسرائيلي بوجود فشل بنيوي سياسي وعسكري ومجتمعي كان سيوصل إلى الهزيمة امام حزب الله سواء كان اولمرت رئيسا للوزراء او غيره. فاسرائيل لم تكن، برغم كل امكانياتها، قادرة على الوصول إلى نصر في حربها الأخيرة، فلا مؤسساتها السياسية كانت سليمة، ولا المسؤولون عن هذه المؤسسات كانوا كفوئين، كما ان المؤسسة العسكرية والامنية، بمعناها الواسع، كانت تعيش في زاوية بعيدة عن الواقع مع نظريات قتالية غير قادرة على تحقيق نتائج...
الدلالة الأساسية لتقرير فينوغراد، كتقرير رسمي اسرائيلي جاء بعد دراسة أكثر من عام ونصف على الحرب، انه اعتراف اسرائيلي بنصر حزب الله وهزيمة "اسرائيل".
يحيى دبوق
الانتقاد/ العدد1252 ـ 1 شباط/ فبراير 2008


2008-02-01