ارشيف من : 2005-2008

"اعترافات" لجنة فينوغراد

"اعترافات" لجنة فينوغراد

عقد رئيس لجنة التحقيق في فشل الحرب على لبنان، القاضي الياهو فينوغراد مؤتمرا صحافيا قدم فيه ابرز المحطات والخلاصات الأساسية التي وردت في التقرير ومما ورد فيه:
- اخفاء معلومات لاسباب أمنية وعلاقات إسرائيل الخارجية
من الواضح أن الصيغة العلنية للتقرير لم تشمل حقائق كثيرة، من الممنوع نشرها لاسباب تتعلق بأمن الدولة وعلاقاتها الخارجية. ومع ذلك بذلنا جهدا للتوازن بين رغبتنا بتقديم صورة نوعية عن الأحداث امام الجمهور، قدر الامكان، وبين ضرورة امن المعلومات. ولم نجد في نشر معلومات سرية في وسائل الاعلام مبررا لنا لنشرها في التقرير العلني للجنة.
- الخيبة والانكسار لدى الجمهور... وراء تشكيل لجنة التحقيق
اقر القاضي بأن الأهداف الأساسية الكامنة وراء تشكيل اللجنة تمثلت بما يلي: توفير رد على الشعور القاسي الذي ساد وسط الجمهور الإسرائيلي، من الانكسار والخيبة نتيجة حرب لبنان الثانية، ومن طريقة إدارتها من قبل المستوى السياسي والعسكري. وبهدف استخلاص العبر من فشل الحرب وعيوبها واصلاح كل ما هو مطلوب في اسرع وقت وبصرامة.
- عدم تقديم خلاصات شخصية لا يعني عدم وجودها
أوضح القاضي فينوغراد ايضا أن الامتناع عن تقديم خلاصات شخصية (بحق أي من المسؤولين) لا يعني عدم وجودها في الواقع. كما لفت إلى ان اللجنة لم تميز في مواضيع المسؤولية بين المستويين السياسي والعسكري وبين المستويات المختلفة داخل هذه المنظومات.
ولفت فينوغراد إلى انه في التقدير الشامل للحرب يمكن القول انها كانت "تفويتا كبيرا وخطيرا" (للفرصة).
- آثار بعيدة المدى لفشلنا في المنطقة والعالم
وعدد أيضا مصاديق الفشل الإسرائيلي خلال الحرب ومنها: "صمود منظمة شبه عسكرية، تضم بضعة آلاف من المقاتلين لاسابيع امام الجيش الاقوى في الشرق الاوسط الذي يتمتع بتفوق جوي مطلق ومزايا على مستوى الحجم والتكنولوجيا؛ استمرار إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية طوال الحرب، ولم يؤمن الجيش ردا فعالا؛ نسيج الحياة في المنطقة (شمال إسرائيل) كان تحت تهديد الصواريخ، وتشوش بشكل جدي، وهجر سكان كثيرون منازلهم أو لجأوا الى الملاجئ؛ وبعد فترة طويلة من الاعتماد على النيران المضادة (عبر سلاح الجو...) ومن العمليات البرية المحدودة، وفي فترة قريبة جدا من اتخاذ قرار بوقف النار خرجت إسرائيل في عملية برية واسعة لم تحقق اية انجازات عسكرية ولم تستنفد امكانياتها. وقد كان لهذه النتائج اثار بعيدة المدى بنظرنا ونظر اعدائنا وجيراننا واصدقائنا في المنطقة والعالم.
- فشل وعيوب على كافة المستويات
* وجدنا مواضع فشل وعيوبا خطيرة في مسارات اتخاذ القرارات وفي العمل الاركاني للمستوى السياسي والمستوى العسكري وفي العلاقة بينهما.
* وجدنا مواضع فشل وعيوبا جدية في نوعية الاستعدادات، والجهوزية، والادارة وتنفيذ قرارات القيادة العليا في الجيش وبشكل اساسي في القوات البرية.
* وجدنا مواضع فشل وعيوبا خطيرة في الاستناد الى التفكير والتخطيط الاستراتيجي، سواء في المستوى السياسي او المستوى العسكري.
* وجدنا مواضع فشل وعيوبا خطيرة تتعلق بالدفاع عن الجبهة الداخلية وبمواجهة استهدافها.
بداية الضعف في الاستعداد الاستراتيجي والعملياتي وارتكز جزء من نقاط الضعف هذه على ضعف في الجهوزية والاستعداد الاستراتيجي والعملياتي، الذي بدايته كانت قبل حرب لبنان الثانية بفترة طويلة.
كما ذُكر في التقرير الأولي، القرار الذي اتخذ في 12 تموز برد عسكري شديد وفوري، وتحديد أهداف طموحة، قلص قوس البدائل التي أمام إسرائيل. وبقي أمام إسرائيل بعد هذا القرار بديلان فقط، لكل واحد منهما منطقه المتماسك بذاته،  بالإضافة إلى الأثمان والنواقص فيه.
البديل الأول كان توجيه ضربة قصيرة، شديدة، مؤلمة وغير متوقعة من قبل حزب الله تعتمد بشكل أساسي على النيران المضادة.
البديل الثاني كان، تغييرا جذريا للواقع في جنوب لبنان عبر عملية برية واسعة الحجم، تشمل احتلالا موقتا للمنطقة وتطهيرها.
وقد كان اختيار الحكومة، بين هذه البدائل، استنادا إلى الاعتبار السياسي فقط، غير انه لوحظ غياب النقاش في الاختيار بين البدائل في القرار الأصلي بالخروج للحرب، والطريقة التي خرجت بها إسرائيل للحرب قبل ان تتخذ قرارا حاسما حول اختيارها ايا من البدائل وبدون استراتيجية خروج (من المعركة) وكان في ذلك فشل خطير، ساهم فيه كل من المستوى السياسي والعسكري.
- بعد القرار الأولي بالخروج من الحرب، وفي الواقع حتى نهاية الحرب فعليا، استمرت فترة "المراوحة" بدون حسم في المعركة السياسية والعسكرية بين: تعظيم الإنجاز العسكري عبر مسار بري واسع، وبين الامتناع عن ذلك في محاولة لإنهائها بسرعة. هذه المراوحة كانت سيئة بالنسبة لإسرائيل. وعلى الرغم من معرفة ذلك لم يحصل نقاش منظم ولم يكن هناك حسم في هذه المسألة المركزية طوال أسابيع طويلة.
من الممكن القول في خلاصة الأمر ان الجيش فشل بشكل أساسي على مستوى قيادته الرفيعة المستوى وقواته البرية، خاصة في توفير رد عسكري للتحدي الذي مثل أمامه في إدارة الحرب، ولم يوفر للمستوى السياسي انجازا عسكريا ملائما، كقاعدة للعملية السياسية. والمسؤول عن ذلك بشكل اساسي هو الجيش، لكن يشاركه في ضعف الملاءمة بين الوسائل والاهداف، المستوى السياسي.
من الجدير الثناء على سلاح الجو الذي كان له انجازات مثيرة للانطباع في الحرب، ومع ذلك فقد كان لدى المستويات الرفيعة في الجيش وفي اعقابها لدى المستوى السياسي آمال واهمة بقدرات سلاح الجو على حسم الحرب. وفي الواقع فقد سُحقت هذه الانجازات نتيجة فشل مجمل عمليات الجيش.
الانتقاد/ العدد1252 ـ 1 شباط/ فبراير 2008

2008-02-01